تعليم عن بعد في فلسطين وسط كورونا

تعليم عن بعد في فلسطين وسط كورونا

25 مارس 2020
يتحدى الإجراءات الوقائية في رام الله (عصام الريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

مع الانتشار السريع لفيروس كورونا الجديد شيئاً فشيئاً، تبحث بعض الدول عن وسائل تساعد على التكيّف مع الواقع الجديد، وتفادي ضياع العالم الدراسي، فأطلقت فلسطين مبادرات عدة للتعلم عن بعد.

ليس التعلّم عن بعد جديداً. ويبدو أن الحاجة إليه تزداد، في ظل التزام الناس بيوتهم للوقاية من الوباء العالمي الجديد. وتمكّنت معلّمة اللغة العربية أمل الجعبة، وهي من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، من جذب العديد من تلاميذ المدارس في الضفة الغربية، إضافة إلى أولياء الأمور، من خلال مبادرتها "التعليم الإلكتروني في فلسطين" التي أطلقتها على فيسبوك، وذلك فور إعلان السلطة الفلسطينية حالة الطوارئ لمواجهة فيروس كورونا الجديد في الخامس من مارس/ آذار الجاري، في محاولة لتعويض ما أمكن من دروس للتلاميذ.

تقول المعلمة أمل الجعبة لـ "العربي الجديد": "طالبتنا إدارةُ المدرسة التي أعمل فيها أنا وزملائي، بإيجاد حلول بديلة للتلاميذ بعد إعلان حالة الطوارئ، فأطلقت مبادرتي. وما هي إلا أيّام حتى بات يتابعني 20 ألف شخص بين تلاميذ وأهلهم والمعلمين". تشرح الجعبة الدروس من خلال مقاطع فيديو تنشر على موقع المبادرة، وتستعين بأحد الحكواتيين، الذي يجيد تقليد الأصوات، لتحفيز التلاميذ في المرحلة الابتدائية على التفاعل مع الدروس. في الوقت نفسه، تتحدّث لـ العربي الجديد" عن بعض الأخطاء قائلة: "وقعت وزملائي في بعض الأخطاء، منها أن المدة الزمنية لتصوير الحصة أو الدرس لا تسمح لي بمراجعتها قبل نشرها".

في هذا الإطار، تقول التربوية بسينة نزال إن هذه الأخطاء وغيرها تتعلّق بكون "التعلم عن بُعد" أو التعليم الإلكتروني تجربة جديدة. تضيف: "ظهر كورونا فجأة، ولا نستطيع القول إن لدينا تعلّماً عن بُعد في فلسطين، على الرغم من كثرة هذه المبادرات على منصات التواصل الاجتماعي في فلسطين في الوقت الحالي. وعلى الرغم من سوء الأوضاع، جعلنا كورونا الجديد في موقع إعادة تقييم وضعنا التنموي والتعليمي بصورة عامة، ودفعنا للتساؤل: هل حقاً لدينا تعلّم عن بُعد في فلسطين؟".



أحد أهم مقومات التعلّم عن بعد هو وجود منصة تواصل إلكترونية فعالة، إضافة إلى وجود المعلم والتلميذ في الوقت نفسه حتى يتفاعلا بعضهما مع بعض. يشرح المعلم الدرسَ ويسمعه التلميذ ويطرح الأسئلة. وترى نزال أنه من الصعب أن يتقبل التلميذ مدرساً افتراضياً على وسائل التواصل الاجتماعي، إذا كان لا يُحبه على أرض الواقع. وتوضح أن "وعي ذوي التلميذ يلعب دوراً مهماً في دعم التعلم عن بُعد، إذ إن الأب والأم قد لا يكونان مقتنعين بفكرة التعليم الإلكتروني". تضيف: "علينا أن نتساءل كيف تُقَدم المادة إلكترونياً؟ فالأمر أبعد وأعمق من تحميل فيديوهات تعليمية للتلاميذ عبر موقع يوتيوب مثلاً".

بعض المعلمات يواجهن صعوبة في التعامل مع مبادرة التعلم عن بعد، نتيجة عوامل اجتماعية، كما يؤكد مدير إحدى مدارس ضواحي القدس إياد ربيع لـ "العربي الجديد". يقول: "اشتكت لي إحدى المعلمات معارضة زوجها ظهور صوتها في الفيديوهات للحديث مع التلاميذ وشرح الدروس إلكترونياً. عدا عن ذلك، ترفض بعض العائلات ظهور وجوه بناتها عبر الفيديو أثناء التعلم الإلكتروني، ما يُعيق تفاعلهن ويُفشل عملية التعلم عن بُعد".

إلى ذلك، يجب أن يشرح الأهل للأطفال سبب عدم ذهابهم إلى المدرسة قبل البدء بالتعلم عن بُعد. تقول المرشدة النفسية والصحافية إباء أبو طه لـ "العربي الجديد": "يجب أن نوضح أولاً ماهية الوباء العالمي، وخطورة جمع التلاميذ في مكان واحد لأنه يزيد من احتمال إصابتهم بالفيروس من دون ترهيب في الوقت نفسه. علينا أيضاً تأكيد أهمية التعلّم في ظل الوضع الحرج الذي نمر به".



لم تقتصر مبادرات التعلم عن بُعد أو التعليم الإلكتروني على المدارس الفلسطينية، التي تضمّ نحو مليوناً و250 ألف تلميذ في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل شملت طلاب الجامعات والأساتذة، منها جامعة بيرزيت شمال مدينتي رام الله والبيرة، وسط الضفة الغربية. ويقول مساعد رئيس الجامعة عزيز شوابكة لـ"العربي الجديد": "تستخدم جامعة بيرزيت التعليم الإلكتروني، منذ ما قبل إعلان حالة الطوارئ. لكن إغلاق الحرم الجامعي، كونه مكاناً للتجمعات، فرض علينا التوجه إلى خيار التعليم الإلكتروني بشكل أساسي". يتابع: "نعكف حالياً على تدريب بعض الأساتذة على برامج التعليم الإلكتروني، ومنها برنامج مودِل، لضمان استمرار التعليم لنحو 14 ألف طالب في الجامعة".