وصوّت بيب، وزير الدولة للمشتريات الدفاعية، ضدّ التعديل الذي يمنع بريطانيا من فرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي بعد الخروج من عضويته، ما لم يكن هناك ترتيب متبادل، وأقرّ البرلمان التعديل بأغلبية بسيطة يوم الإثنين بدعم من الحكومة.
هذا هو الخبر، وزير يرى أن فكره وخياراته لم تعد متماهية مع الحكومة التي يمثلها، فيستقيل ببساطة.
أمّا عندنا، فإليكم ما يحدث. نواب من الأحزاب الحاكمة يصوّتون ضدّ قانون طرحته الحكومة التي تشمل وزراء من أحزابهم. وزراء يرفضون مغادرة الحكومة بعد أن قرّرت أحزابهم الخروج منها، لتنفجر خلافات طويلة يعيش الناس على وقعها أياماً وأسابيع ولا حديث في الجرائد والإذاعات إلا عن المعركة التافهة. أمّا الأدهى والأمرّ، فيتمثّل في إقدام الحزب الحاكم الأول على شتم رئيس حكومته الذي جاء به وانتقاد خياراته وتعداد فشله منذ تعيينه، والأنكى أنّ رئيس الحكومة نفسه يرفض التخلّي عن المنصب، ويعض عليه بأسنانه، بل ويتبادل سلسلة الشتائم مع معارضيه على التلفزيون الرسمي، وعلى مسمع ومرأى الجميع، ويُدخل الطرفان الدولة في أزمة عميقة لا أحد يعرف كيف يمكن أن تنتهي…
بعض النخبة التونسية كانت دائماً تردّد أنّ الشعب ليس جاهزاً بعد للديمقراطية التي نزلت على رأسه مرة واحدة، لكن الحقيقة هي أنّ الشعب جاهز وقام بثورة وحافظ على إدارته ومكاسبه، ونزل إلى الشوارع ينظفها ويحرسها من العصابات التي أرادت أن تستغلّ الفوضى، وتبيّن أنّ هذه النخبة المسكينة هي غير الجاهزة في الحقيقة للديمقراطية. انظروا إلى حواراتهم في التلفزيون أو نقاشاتهم في البرلمان، تأمّلوا في سعيهم المحموم للمحافظة على الكراسي، وسترون أنّ الديمقراطية بعيدة كل البعد عن هؤلاء… أفلا يتعلمون من هذا الوزير البريطاني؟