Skip to main content
تعرّف إلى قصة خبّاز غزة نعيم شراب وفرن أجداده
يوسف أبو وطفة ــ غزة
وسط أجواء ملتهبة ودرجة حرارة مرتفعة، يعمل الفلسطيني نعيم شراب (41 عاماً) رفقة أبنائه وعماله داخل فرن الحطب البلدي الذي ورثه عن الأجداد، الذي يزيد عمره على قرن تقريباً، محاولاً تلبية طلبات الزبائن في غزة.

ويحافظ شراب على الهيئة التاريخية للفرن، إذ تبدو جدرانه بدائية وسقفه المغطى بالصفيح إلى جانب غرفة "بيت النار" المعزولة، بالإضافة إلى المعدات الخشبية الطويلة التي تستخدم لإدخال أصناف العجين والطعام المختلفة داخل الفرن.

ويتوافد المواطنون من مختلف المناطق على فرن "شراب البلدي" الذي يمتاز عن غيره من الأفران باستخدامه الحطب والزيت المحروق، الأمر الذي يكسب الطعام نكهة تختلف عن تلك التي تعتمد على الغاز الطبيعي.

ويبدأ نعيم شراب عمله يومياً عند السادسة صباحاً، ويبدأ بتحضير الفرن استعداداً لتوافد باعة الفستق والفول المحمص المتجولين والذين يعتبرون من زبائنه الدائمين؛ إذ لا يمرّ يوم إلا ويزور هؤلاء الفرن لتحميص بضائعهم استعداداً لبيعها.

ويعمل الأربعيني على تبادل المهام والأدوار برفقة أبنائه والعاملين معه في الفرن خصوصاً أمام "بيت النار" وهي المنطقة المواجهة للفرن مباشرة، بسبب ارتفاع درجة الحرارة إلى جانب الآثار الجسدية التي يتعرضون خلال تعاملهم اليومي مع النار.

الفرن للمخبوزات وطهو المأكولات أيضاً(عبد الحكيم أبو رياش) 


ويقول شراب لـ "العربي الجديد" إن فرنه البلدي الموجود في منطقة شعبية بغزة ورثه عن أجداده منذ نحو 100 عام تقريباً، وأضحى هذا المكان مصدر دخلٍ على مدى الأجيال الصاعدة في العائلة وصولاً إلى عائلته اليوم.

ويوضح أن الفرن يمتاز عن غيره من الأفران باعتماده على الحطب والأخشاب والزيت وهو ما يكسب الطعام مذاقاً خاصاً، خصوصاً الوجبات المتعلقة باللحوم والدجاج إلى جانب المعجنات والخبز وغيرها من الأصناف التي يجلبها المواطنون لطهوها داخل الفرن.

بائعو الفول والفستق يحمصون غلالهم في الفرن(عبد الحكيم أبو رياش) 



ويحصل شراب على مبالغ بسيطة وزهيدة، إذ يبلغ إجمالي ما يحصل عليه مقابل خبز 10 أرغفة شيكلاً إسرائيلياً واحداً فقط، والمبلغ ذاته لتحميص كيلو غراماً واحداً من الفستق والفول، في حين تتراوح أسعار طهو اللحوم والدجاج في القدور الفخارية بين 10 إلى 15 شيكلاً. (الدولار=3.56 شواكل إسرائيلية).

ويعتبر المكان فرصة العمل الوحيدة بنسبة لشراب إلى جانب اثنين من أبنائه الذين أنهوا دراستهم الجامعية من دون أن يتمكنوا من الحصول على فرص عمل في القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام الثالث عشر على التوالي، نظراً لارتفاع معدلات البطالة.

يتناوب العاملون قرب بيت النار لشدة الحرارة (عبد الحكيم أبو رياش) 


ورغم الأجواء الملتهبة داخل الفرن، إلا أن ملامح السعادة وتبادل العبارات المضحكة والأحاديث الجانبية تسيطر على تعامل شراب مع أبنائه والعاملين معه، إلى جانب الزبائن الذين اعتاد كثيرون منهم زيارة المكان.

ويؤكد الأربعيني شراب على وجود إقبال جيد من الغزيين على الفرن، خاصة في يوم الجمعة، إذ يعدون اللحوم والأسماك والدجاج أكثر من سواه من الأيام، نظراً لكونه عطلة أسبوعية، إلى جانب الأعياد والمواسم.

حافظ نعيم على بناء الفرن دون تحديث(عبد الحكيم أبو رياش) 


ووفقاً لشراب فإن عدد ساعات العمل اليومية يزيد عن 10 ساعات، وتبدو الصعوبة في القدرة على تحمل درجات الحرارة المرتفعة بغزة في فصل الصيف إلى جانب حرارة الفرن اللاهبة، ويترافق ذلك مع ضعف الإضاءة داخل الفرن نظراً لبدائية المكان مع المحافظة على طابعه التراثي القديم البسيط.


ويعتبر توفير الأخشاب والحطب والزيت المحروق المهمة الأصعب بالنسبة لشراب، لأن تكلفتها أعلى مقارنة مع ما يحصله من الزبائن، لكن رغبة نعيم في إبقاء الفرن مفتوحاً إلى جانب كونه مصدر الدخل الوحيد للعائلة يجعلان العمل مستمراً من دون توقف.

وتشهد فترات انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل الغزية زيادة في الإقبال على الفرن البلدي وتحديداً سكان المنطقة التي يوجد فيها فرن شراب من أجل الخبز وغيرها من الوجبات.