تعرف إلى الدولة الوحيدة المستثناة من مستويات الاحتياطي

تعرف إلى الدولة الوحيدة المستثناة من مستويات الاحتياطي الأجنبي

02 ابريل 2018
يمكن للولايات المتحدة طبع ما تريد من الدولارات(Getty)
+ الخط -

في موضوع احتياطي النقد الأجنبي، يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لأميركا، كون عملتها المحلية هي عملة الاحتياطي الرئيسية لدول العالم المختلفة، باستثناءات قليلة لا تذكر. وهذه الميزة تسهل الأمور بصورة كبيرة على الولايات المتحدة، حيث يمكنها طبع ما تريد من الدولارات، في أي وقتٍ تشاء، مع الأخذ في الاعتبار بالطبع ما قد يسببه ذلك من تضخم.

ويوجد لدى مجلس الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي) ما يطلق عليه الأصول الاحتياطية، وهو ما يماثل احتياطي النقد الأجنبي في الدول الأخرى. وتتكون هذه الأصول الاحتياطية من أربعة بنود أساسية، هي رصيد الذهب، حقوق السحب الخاصة، مركز الاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، والعملات الأجنبية.

وبلغ إجمالي هذه الأرصدة ما قيمته 126.214 مليار دولار في يناير/ كانون الثاني 2018، بعد أن كانت 123.313 مليار دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2017.

وكان متوسط الأرصدة بين عامي 1957 و2018 حوالي 55.540 مليار دولار، ووصلت إلى أعلى مستوياتها في سبتمبر/ أيلول 2012، حيث بلغت وقتها 153.075 مليار دولار، كما كانت أقل مستوى لها هو 12.128 مليار دولار، وحققته في أغسطس/ آب 1971.

ولا يغطي الاحتياطي الأميركي نسبة كبيرة من الواردات السلعية، ولا من الديون الخارجية، نظراً لما سبق الإشارة إليه، من كون العملة التي يتم الاستيراد والاقتراض بها، هي العملة المحلية في أميركا.

واستوردت أميركا خلال 2017 ما قيمته 2.366 تريليون دولار من السلع، أو ما يساوي أكثر من ثمانية عشر ضعف الأصول الاحتياطية، حيث لا تغطي تلك الأصول سوى واردات 19 يوماً فقط. وتعد أميركا ثاني أكبر مستورد في العالم، بعد الاتحاد الأوروبي.

لكن أميركا هي أيضاً ثالث أكبر مصدر في العالم، بعد الصين والاتحاد الأوروبي، وبلغ عجز الميزان التجاري في 2017 ما يقرب من 567 مليار دولار، وبالتالي لا تغطي الأرصدة الاحتياطية سوى عجز ثمانين يوماً فقط، لكن، مرة أخرى، لا يمكن إغفال أن ماكينة طبع الدولارات موجودة في الولايات المتحدة نفسها.

وفي أميركا لا يُستخدم على نطاق واسع مصطلح "الديون الخارجية"، لوصف ما عليهم من التزامات تجاه العالم الخارجي، وإنما يتم استخدام مصطلح "صافي مركز الاستثمارات الدولية"، وعادة ما يتم التعبير عنه بقيمة سالبة، حيث يستثمر العالم لدى أميركا مبالغ أكبر مما تستثمر هي لديه.

وبلغ صافي الاستثمارات الدولية الداخلة إلى أميركا بنهاية السنة المالية الماضية، أي بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2017، حوالي 7.769 تريليونات دولار، وهو يمثل حوالي 30% من إجمالي الدين العام الأميركي، ونفس النسبة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي، مع ضرورة ملاحظة نقطة هامة هنا، وهي أن العالم هو الذي يسعى لإقراض واشنطن (أي الاستثمار لديها)، ولا تسعى هي أبداً للاقتراض. ويعد ذلك نتيجة طبيعية لاعتبار سندات الخزانة الأميركية هي الاستثمار الأكثر أماناً في العالم، كما تقول كافة وكالات التصنيف العالمية (الأميركية).

وبالتأكيد، فإن مستوى الأرصدة الاحتياطية، أو حجم الواردات أو العجز في الميزان التجاري، أو حتى الدين الخارجي، لا يؤثر في تصنيف أميركا الائتماني، لكن الشيء الوحيد الذي جعل وكالات التصنيف تفكر في تخفيضه من قبل كان موضوع "سقف الدين"، حيث يوجد سقف لما يمكن أن يصل إليه الدين العام الأميركي، دون الرجوع للكونغرس، وإذا ما رفض الكونغرس رفع سقف الدين للسماح بالاقتراض، فإن الحكومة تغلق أبوابها، حتى يتم الاتفاق على توفير السيولة المطلوبة.

وخفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لأميركا في عام 2011 بسبب خلاف على سقف الدين وقتها، كما هددت وكالة فيتش في أغسطس/ آب من العام الماضي بتخفيض التصنيف الائتماني لأميركا لنفس السبب.

وتعد المصادر الأساسية لتكوين الأصول الاحتياطية في أميركا هي استثمارات دول العالم في الأصول المالية في أميركا، حيث تكاد كافة المصادر الأخرى، من صادرت الطاقة أو غيرها، أو السياحة، أو صافي الاستثمار المباشر أن تكون ليست ذات قيمة على الإطلاق، مقارنة بما تشتريه الدول الأخرى من سندات الخزانة الأميركية.

ومن المرجح أن تستخدم أغلب الدول احتياطياتها من النقد الأجنبي في شراء ديون أجنبية سيادية، وغالباً ما تكون سندات الخزانة الأميركية، وأي بلد مفتوح للتجارة الدولية أو الاستثمار يحتاج إلى كمية معينة من العملات الأجنبية تكون متاحة في أي وقت لدفع ثمن السلع الأجنبية أو الاستثمارات في الخارج.

ونتيجة لذلك، تحتفظ العديد من البلدان بعملة أجنبية كاحتياطي لدفع هذه النفقات، وهذا الاحتياطي هو الذي يعمل على حماية الاقتصاد من التغيرات المفاجئة في الاستثمار الدولي.

وكثيراً ما تتطلب السياسات الاقتصادية المحلية من البنوك المركزية المحافظة على "معدل كفاية احتياطي" من العملات الأجنبية وغيرها من الاحتياطيات للديون الخارجية قصيرة الأجل، ولضمان قدرة البلد على خدمة ديونه الخارجية في حالة حدوث أزمات.

وينشر صندوق النقد الدولي بصورة دورية بعض المبادئ الأساسية التي تساعد في إرشاد الحكومات لتحديد المستويات الملائمة لاحتياطيات النقد الأجنبي في ضوء ظروفها الاقتصادية.

وتعد أميركا هي الدولة الوحيدة التي لا يفرض عليها مستويات أو نسب محددة من الاحتياطي، لأن عملة الاحتياطي الأولى في العالم هي العملة المحلية لديها.

ومن حين لآخر، تظهر بعض التكهنات بتحول الدول عن الاحتفاظ بالدولار كأكبر عملة في الاحتياطي، كما حدث عند إصدار العملة الأوروبية الموحدة اليورو، ثم مؤخراً بعد ارتفاع سعر اليورو مقابل الدولار، أو عندما بدأت الصين في الانفتاح واكتسحت صادراتها دول العالم المختلفة، أو كما حدث في الشهور الأخيرة بعد ارتفاع سعر العملات المشفرة بصورة أذهلت العالم، إلا أن هذه التكهنات عادةً ما تختفي سريعاً. 

وقبل أيام أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً حديثاً عن تكوين العملات في احتياطيات الدول للربع الرابع من عام 2017، وجاء فيه أن إجمالي الاحتياطيات العالمية من العملات الأجنبية ارتفع بنسبة 6.6% مقارنة بالعام الماضي، أو بمقدار 709 مليارات دولار، ليصل إلى 11.42 تريليون دولار، وأن المكون الدولاري فيه ارتفع بنسبة 14% مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى 6.28 تريليونات دولار، كما أنه ارتفع بنسبة 42% مقارنة بالربع الرابع من عام 2014.

وقال الصندوق أنه "لا يوجد مؤشر على أن البنوك المركزية العالمية فقدت الاهتمام بالدولار، بل على العكس تماماً".


المساهمون