تعثر مفاوضات فلسطين وإسرائيل يطرح خطة كيري الاقتصادية جانبا

تعثر مفاوضات فلسطين وإسرائيل يطرح خطة كيري الاقتصادية جانبا

29 مارس 2014
عباس وكيري
+ الخط -

للشهر الثامن على التوالي، يواصل المفاوض الفلسطيني جهوده لإمساك طرف خيط من الأمل، يفضي إلى اتفاق سلام مع الإسرائيليين الذين بحسب محللين سياسيين، يبذلون الجهد نفسه لإغلاق الطريق أمام أية حلول، ولو لاتفاق مبدئي.

ووفقاً لخبراء اقتصاديين، فإن خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الاقتصادية، التي أعلن عن خطوطها العريضة قبيل بدء المفاوضات مطلع أغسطس/ آب الماضي، كانت أحد الأسباب التي دفعت الفلسطينيين إلى الدخول في مباحثات السلام مع الإسرائيليين، للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني المتدهور.

وبعد تجمد دام ثلاث سنوات، استأنفت فلسطين وإسرائيل، منذ مطلع أغسطس/ آب الماضي مفاوضات السلام برعاية أميركية، في مسعى لإبرام اتفاق سلام نهائي، خلال تسعة أشهر.

وبنى وزير الخارجية الأميركي جون كيري استراتيجية المفاوضات بين الجانبين على ما سماه "اتفاق إطار"، وهو ما لم يُعلن رسميا عن تفاصيله.

غير أن وسائل إعلام إسرائيلية، قالت أخيرا، إن خطة "اتفاق الإطار" التي قدّمها كيري خلال لقاءاته بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والملك الأردني عبد الله الثاني، تنص على ضم إسرائيل لـ6.8% من أراضي الضفة الغربية، مقابل وضع 5.5% من الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل تحت السيطرة الفلسطينية.

وتتضمن الخطة الأميركية، أيضا، إخلاء المستوطنين من الأغوار شرقي الضفة الغربية، ووجود جنود أميركيين على طول الحدود مع الأردن، وتجميع 80% من المستوطنين في كتل استيطانية إسرائيلية، وإخلاء 20% من مستوطنات الضفة الغربية.

ولتشجيع السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح، على استئناف المفاوضات، اشتمل الاتفاق الإطاري على خطة اقتصادية، أُعلن عنها، جاء في تفاصيلها، أن يتم ضخ مبلغ أربعة مليارات دولار في السوق الفلسطينية، تؤدي إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة 50٪، خلال السنوات الثلاث القادمة، إضافة إلى خفض معدلات البطالة إلى مستويات متدنية لا تتجاوز ثمانية في المئة، وارتفاع متوسط الأجور والرواتب بنسبة 40٪.

وتبلغ معدلات البطالة في الأراضي الفلسطينية، حتى نهاية العام الماضي، 28.6٪، بنسبة ارتفاع تبلغ 1.6٪ عن العام 2012، بينما بلغ إجمالي الناتج المحلي، وفق أحدث البيانات عن العام 2012، قرابة 10.3 مليار دولار، فيما يبلغ متوسط الدخل القومي للفرد سنوياً نحو 2093 دولارا.

وقال أستاذ الاقتصاد السياسي، عبد المجيد سويلم، إن خطة كيري الاقتصادية التي تطرح في الوقت الجاري، لن يكون لها وجود على الأرض في حال تعثرت المفاوضات الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، "لأن من شأن الحل السياسي أن يخلق بيئة اقتصادية قادرة تدريجياً على جذب الاستثمارات مستقبلاً".
وأضاف سويلم، خلال لقاء مع "العربي الجديد"، أن الخطة ليست معزولة عن الإطار السياسي، "وقد تم الإعلان عن ذلك مع انطلاق المفاوضات في أغسطس /آب الماضي"، مشيراً إلى أن الخطة كانت عبارة عن حزمة تحفيزية لدخول المفاوضات مع الإسرائيليين.

وتابع، "الولايات المتحدة ستستخدم خطة كيري الاقتصادية وسيلة للضغط على الفلسطينيين، بهدف تمديد المفاوضات، أو إذا شعرت أن المفاوض الفلسطيني يقوم بوضع العثرات في المباحثات الجارية بين الطرفين".

ويرى سويلم، أن الفلسطينيين لا يملكون إلا السعي إلى تحقيق نتائج إيجابية في المفاوضات، تؤدي إلى تحسن الاقتصاد المحلي، وترفع من نسب النمو، "لكن لن يتم تحقيق الأرقام المرتبطة بالنمو والبطالة والناتج المحلي، لأن مبلغ أربعة مليارات دولار، لا يكفي لخفض البطالة من 28٪ إلى 8٪".

وعلى الرغم من استهداف الخطة، للقطاعات الإستراتيجية في الأراضي الفلسطينية، كالطاقة والمياه والصحة والتعليم وتكنولوجيا المعلومات، إلا أنها كانت بعيدة عن القطاع الخاص الفلسطيني، الذي يعرف أكثر عن الاحتياجات الفلسطينية، بحسب الخبير الاقتصادي، ماهر الطباع.

وقال الطباع في مقابلة مع "العربي الجديد"، إن الخطة تم إعدادها بعيداً عن المؤسسة الرسمية الفلسطينية وقطاعها الخاص، "فضلا عن أنها لم تتطرق إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي الحقيقيين، المسلوبين من قبل إسرائيل على الأرض. ومن دونهما سيبقى الاقتصاد المحلي محتجزاً عند حدود معينة تمنع إسرائيل تجاوزه".

ولا يملك الفلسطينيون، إلا الوثوق بتطبيق خطة كيري الاقتصادية، لتحقيق معدلات نمو أفضل من تلك التي يتم تحقيقها خلال الفترة الحالية.

وتراجعت معدلات النمو الاقتصادي، من 10٪ خلال العام 2010، إلى أقل من 1.5٪ خلال العام الماضي 2013، وسط توقعات الاقتصاديين والمطلعين على الشأن الفلسطيني، بأن تشهد الأعوام الثلاثة المقبلة انكماشاً في أرقام النمو دون صفر في المئة.

وقال الطباع لمراسل "العربي الجديد" إن الأرقام التي أعلن عنها كيرى في الخطة الاقتصادية، غير واقعية، مشيراً إلى أنها أرقام إعلامية واستعراضية ليس أكثر، بالإضافة إلى أن البيئة الاقتصادية غير مواتية لتغيير المؤشرات الاقتصادية بنسب كبيرة.

وبحسب الطبّاع، فإن الفلسطينيين لا يملكون أية ضمانات لتطبيق الخطة، خاصة من طرف إسرائيل، التي أخلّت الجمعة الماضية، بأحد بنود الدخول في المفاوضات مع الفلسطينيين، ممثلاً برفضها إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، "كيف يمكن أن نثق فيهم مستقبلاً، إن قدم الفلسطينيون تنازلات للوصول إلى السلام".

ولم تقدم الخطة أية مشاريع مستدامة من شأنها تحقيق معدلات نمو متواصل، "فلم يتم التطرق خلالها إلى إنشاء بنك مركزي، ولا عملة وطنية، ولا حدود دولية خاصة بالفلسطينيين لأغراض التجارة الخارجية، ولا فتح المعابر مع غزة، وبين المدن الفلسطينية في الضفة الغربية"، وفق الطباع.

وشكك الخبير الاقتصادي في توفير مبلغ أربعة مليارات دولار، لأن "التجارب السابقة تقول إن الدول المانحة لا تفي بالتزاماتها الماليّة تجاه الفلسطينيين، سواء كانت الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، أو حتى غالبية الدول العربية".

المساهمون