تعاون الصين النووي مع السعودية يقلق إسرائيل

تعاون الصين النووي مع السعودية يقلق إسرائيل

12 اغسطس 2020
تطور كبير على التعاون بين الرياض وبكين (Getty)
+ الخط -

حذّر معلّقون وباحثون إسرائيليون، اليوم الأربعاء، من التداعيات "الخطيرة" للتعاون السعودي الصيني في المجال النووي.

وقال معلّق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "هآرتس"، يوسي ميلمان، إنّ إقدام السعودية على التعاون مع الصين في المجال النووي يعود إلى إدراك الرياض أن إحباط المشروع النووي الإيراني لن يتحقق بفعل جهود الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي مقال نشرته الصحيفة، اليوم الأربعاء، لم يستبعد ميلمان أن يمثل الكشف عن التعاون بين السعودية والصين مؤشراً على رغبة الرياض في خوض المسار النووي.

ولفت إلى أن ما يقلص من قدرة إسرائيل على العمل على مواجهة التعاون السعودي الصيني، حقيقة أنها تخشى إغضاب بكين، كذلك فإنها في الوقت ذاته لا تبدي حرصاًً على المسّ بعلاقاتها مع الرياض، مستدركاً بأن إسرائيل في النهاية ستضطر إلى الوقوف ضد التعاون الصيني السعودي، على اعتبار أن الخطة السعودية النووية تمثل خطراً كبيراً على الأمن الإسرائيلي.

وأضاف ميلمان: "يمكن أن يردّ محمد بن سلمان (وليّ العهد السعودي) بعصبية، لكن صمت إسرائيل يمكن أن يجعلها تكشف يوماً ما أنها في مواجهة طرف أو أكثر يلعبون بدمى نووية".

وأعاد ميلمان إلى الأذهان حقيقة أنّ إسرائيل تبدي حساسية كبيرة إزاء خوض السعودية المسار النووي، على الرغم من التطور الكبير الذي طرأ على العلاقات بين الطرفين.

وأشار إلى ما كشفته وسائل إعلام عن طابع التعاون الاستخباري والتكنولوجي، وضمن ذلك في مجال "السايبر" بين السعودية وإسرائيل، إلى جانب أن جميع الجنرالات الذين تعاقبوا على قيادة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) التقوا سراً بنظرائهم السعوديين، لافتاً إلى أن إسرائيل حرصت على عدم نفي هذه المعلومات أو تأكيدها.

وأشار إلى أن السعودية حرصت خلال حرب لبنان الثانية في 2006 على توفير البيئة الإقليمية التي سمحت لإسرائيل بمواصلة الحرب على "حزب الله" لتمكينها من توجيه ضربة قاضية إلى الحزب، لافتاً إلى أنّ الرياض شعرت بخيبة أمل عندما لم تتمكن تل أبيب من ذلك.

ونقل ميلمان عن مصدر قال إنه "استخباري غربي"، دون ذكر اسمه، أنه سمع ضبّاط استخبارات سعوديين يعربون عن استهجانهم الضعف الذي تبديه إسرائيل في الأعوام الماضية في مواجهة كل من "حزب الله" اللبناني وحركة "حماس" الفلسطينية.

ضبّاط استخبارات سعوديين يعربون عن استهجانهم من الضعف الذي تبديه إسرائيل في الأعوام الماضية في مواجهة كل من "حزب الله" وحركة "حماس"

ونقل المصدر عن مسؤول استخباري سعودي قوله لإسرائيليين: "عليكم أن تقرروا أي إسرائيل أنتم، إسرائيل قوية لا تتردد في ضرب أعدائها كما حدث في حرب 1967، أو إسرائيل العاجزة عن حسم حرب، ليس فقط في مواجهة حزب الله، بل في مواجهة حماس أيضاً".

وأشار ميلمان إلى أن رغبة السعودية في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر المفاوضات، ووجهت بتعنّت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحرصه على تصفية حل الدولتين، فضلاً عن تأثير الصراعات الداخلية في تل أبيب.

وعزا ميلمان تعاظم التأثير الصيني في المنطقة إلى ضعف الولايات المتحدة وتراجع مكانتها في العالم، ولا سيما أن الرئيس دونالد ترامب لا يخفي رغبته في عدم توريط بلاده في "رمال" الشرق الأوسط، وتحديداً في أعقاب تراجع أهمية نفط المنطقة للاقتصاد الأميركي، وأنه أقل التزاماً بالحفاظ على وجود عسكري أميركي في الإقليم، لافتاً إلى أن التوجه الأميركي شجع روسيا على التدخل في كلٍّ من سورية وليبيا.

وشدد على أن الصمت الإسرائيلي إزاء مظاهر التعاون الصيني السعودي حتى الآن يعود إلى معرفة تل أبيب بطابع التوجهات الانعزالية للإدارة الأميركية.

لصمت الإسرائيلي إزاء مظاهر التعاون الصيني السعودي حتى الآن يعود إلى معرفة تل أبيب طابع التوجهات الانعزالية للإدارة الأميركية

وأعاد إلى الأذهان حقيقة أن إيران وقّعت، في يونيو/ حزيران الماضي، مسوَّدة اتفاق التعاون الأمني والاقتصادي الشامل مع الصين الذي يبلغ حجمه 600 مليار دولار، ويمتد العمل به إلى خمسة وعشرين عاماً.

وبحسب ميلمان، فإن تغلغل الصين في كل من السعودية وإيران يقلّص من تأثير سياسة الضغط الأقصى التي تمارسها الولايات المتحدة ضد إيران بالتعاون مع إسرائيل.

وأشار إلى أن ما يثير مخاوف إسرائيل، بشكل واضح، توجه كل من الصين وإيران إلى تشكيل لجنة تختص بتطوير أسلحة إلى جانب التوافق على توسيع التعاون الاستخباري.

وانتقد ميلمان ما أسماه "الجمود الفكري" الذي بات يميّز سلوك المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل، مشيراً إلى أنّ الاتفاق المتبلور بين الصين وإيران وقرب انتهاء العمل بحظر توريد السلاح إلى إيران يجعلان تمركز إيران في سورية خطراً أقل بكثير من تحدي التعاون الإيراني الصيني.

وكان ثلاثة من كبار الباحثين في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي قد دعوا إلى تكثيف جمع المعلومات الاستخبارية عن السعودية لمراقبة أنشطتها النووية في أعقاب الكشف عن التعاون بينها وبين الصين في هذا المجال.

وفي تقرير نشره المركز، قبل يومين، قال الباحثون، يوئيل جوزنسكي وإفرايم اسكولاي وإيال بروبر، إنه ليس بوسع إسرائيل أن تبدي عدم مبالاة إزاء تطوير المملكة لبرنامج نووي، وهو ما يفرض عليها أن تعمل كل ما في وسعها لتجنب وقوع مفاجآت استراتيجية، حتى من طرف يرتبط بها بشراكات إقليمية.

ودعا الثلاثة صنّاع القرار في تل أبيب إلى مواجهة تبعات التعاون السعودي الصيني في المجال النووي عبر تكثيف التنسيق مع كل من الولايات المتحدة وأوروبا.

المساهمون