تطبيع بالإكراه

تطبيع بالإكراه

18 مارس 2015
حقل تمارا الذي يتحكم به الاحتلال الإسرائيلي (أرشيف/getty)
+ الخط -

من أخطر ما أفرزه الانقلاب في مصر هو إدخال تعديلات جذرية علي شكل العلاقة بين القاهرة وتل أبيب ومحاولة تغيير الثوابت الوطنية والتاريخية مع إسرائيل، فالعدو التاريخي والتقليدي لمصر تحول إلى صديق وجار يمكننا التعاون معه، ليس سياسياً ودبلوماسياً فقط، ولكن اقتصادياً ومالياً وتجارياً، بل وربما الاستعانة بهذا العدو في حسم معركة داخلية بحتة وتخص المصريين وحدهم لا غيرهم، وقد يتم التعاون مع هذا العدو ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، أو على الأقل الحيلولة دون الهجوم عليه بحجة وجود معاهدات سلام.

وبعد أن كان التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل جريمة لا تغتفر من وجهة نظر الغالبية الساحقة من المصريين، بات هؤلاء يشاهدون أكبر صفقة تطبيع اقتصادي مع الكيان الصهيوني ولا يتحركون أو حتى يغضبون وكأنهم يشاهدون فيلماً سينمائياً مثيراً ومسلياً يضيعون به أوقاتهم أو يرفهون به عن أنفسهم.

أمس بدأت الخطوات الفعلية لاستيراد مصر للغاز الإسرائيلي، حيث قال مسؤول بوزارة البترول المصرية إن حكومة بلاده وافقت للقطاع الخاص على شراء كميات من الغاز من حقل تمار البحري الإسرائيلي تتراوح بين 300 ألف إلى 350 ألف متر مكعب سنوياً، كما اتفقت شركة تمثل القطاع الخاص المصري على شراء ما قيمته 1.2 مليار دولار على الأقل من غاز حقل تمار عبر خط أنابيب قديم شيد لنقل الغاز المصري إلى إسرائيل أيام حسني مبارك.

وبعد أن نفت الحكومة المصرية لمدة 20 شهراً الأنباء المتعلقة بدخولها في مفاوضات لاستيراد الغاز الإسرائيلي قال إسرائيليون شركاء فى حقل تمار إنهم وقعوا بالفعل صفقة مدتها 7 سنوات تقوم مصر بموجبها باستيراد الغاز.

المصريون أمام جريمة تطبيع واضحة المعالم حيث يتم فرض التطبيع الاقتصادي عليهم علانية وفي وضح النهار وإجبارهم على التعامل مع العدو الإسرائيلي، وإجبارهم كذلك علي استخدام غاز العدو في طهو الطعام لأبنائهم، وكما فرض الانقلاب على المصريين القبول بجرائم القتل والتعذيب والاعتقال أو على الأقل السكوت عنها خوفاً من الرصاص الحي والاعتقالات، فإنه يفرض عليهم الآن استخدام غاز إسرائيل في طعامهم وشرابهم ومسكنهم.

المصريون رفضوا بشدة التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل على مدى 36 سنة ومنذ توقيع اتفاقية السلام عام 1979، ورفضوا أيضاً إتفاقية الكويز التي حاول من خلالها نظام مبارك خداع المصريين والالتفاف علي مقاومة التطبيع شعبياً وإقتصادياً.. فما الذي تغير إذن؟

خطوة استيراد الغاز الإسرائيلي تمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري وتجعل حل واحدة من أخطر الأزمات التي تعيشها مصر وهى أزمة الطاقة في يد عدوها.

 
اقرأ أيضاً:
تطبيع الغاز..وفد إسرائيلي في مصر للتفاوض حول الصفقة

المساهمون