تصعيد كويتي سعودي!

تصعيد كويتي سعودي!

12 مايو 2015
الكويت لم تخطئ عندما لجأت للتحكيم الدولي (أرشيف/Getty)
+ الخط -

تعودنا نحن العرب أن نحل مشاكلنا، حتى ولو كانت مستعصية، بجلسات عرفية ومغلقة يتم فيها تقبيل الرؤوس واللحى، وأحيانا نحلها بالحروب وتجييش الجيوش، ولذا استغرب كثيرون من الخطوة المفاجئة، التي أقدمت عليها الكويت، أمس، باللجوء رسميّاً إلى التحكيم الدولي لتسوية ملف الحقول النفطية المشتركة المتنازع عليها مع السعودية.

بعض هؤلاء نظر إلى هذا التطور المهم على أنه ينم عن خلاف عميق بين الدولتين الخليجيتين العضوين في تجمع سياسي واقتصادي واحد هو مجلس التعاون الخليجي، ونسي هؤلاء أن مواقف الكويت والسعودية واحدة أو شبه متطابقة سواء في ملفات إقليمية حساسة تتعلق بإيران واليمن والعراق وسورية ومصر وليبيا، أو ملفات دولية منها سوق النفط علي سبيل المثال.

القاصي والداني يعرف أن هناك خلافات شديدة ومنذ سنوات طويلة بين السعودية والكويت حول حقول نفطية ضخمة تقع على الحدود المشتركة بينهما سواء البحرية أو البرية، وأن الخلافات تتجدد من وقت لآخر، وأن الكويت، في عام 2009 مثلاً، غضبت من تجديد الرياض اتفاقية في مجال التنقيب عن النفط مع شركة شيفرون العالمية لمدة 30 عاماً من دون مراجعتها.

والمتابعون لملف النفط يعرفون أن الخلاف الأبرز بين البلدين الخليجيين يدور حول حقلي الخفجي والوفرة البالغة مساحتهما 5 آلاف كم ويزيد إنتاجهما معاً عن نصف مليون برميل يومياً وتتقاسم الدولتان الإنتاج وفق معاهدة تعود إلى 50 عاماً مضت.

وعندما كان الخلاف يزيد بين الدولتين، كان يتم اللجوء لحل وسط وهو إغلاق الحقول النفطية المتنازع عليها حتى إشعار آخر ووقف إنتاجها بالكامل لحين التوصل لحل وسط أو تنازل أحد الأطراف المتنازعة عن مطالبه، وكانت الأسباب البيئية وأعمال الصيانة هي اللافتة الأبرز لدي السعودية والكويت عند الإعلان عن هذه الخطوة، وعلي سبيل المثال توقف حقل الخفجي البحري عن الإنتاج في شهر أكتوبر الماضي/تشرين الأول الماضي لأسباب قيل إنها بيئية في ذلك الوقت، أما الوفرة فتم إيقافه يوم الإثنين الماضي لاسباب قيل إنها تتعلق بالصيانة.

ما فعلته الكويت من اللجوء للتحكيم شيء عادي في الأعراف الدولية رغم أن الخطوة لم تلجأ لها احدي الدولتين من قبل، فالبلد الخليجي وجد أن المفاوضات مع السعودية وصلت إلى طريق مسدود، ولم يتم التوصل في المفاوضات الجارية إلى صيغة ترضي الطرفين، ولذا لجأت للتحكيم لحسم هذا الخلاف المستمر مع إصرار كل طرف على موقفه وأحقيته في الحقول المتنازع عليها.

الكويت لم تخطئ عندما لجأت للتحكيم الدولي، فقد سبقتها دول أخرى كثيرة آخرها تلويح السنغال وموريتانيا باللجوء للتحكيم الدولي لحسم أي خلاف قد ينشب بين البلدين بخصوص حقول الغاز والنفط المكتشفة حديثاً علي الحدود، ذلك لأن الدول والشركات الكبرى تلجأ لمثل هذا الأسلوب بدلاً من أن تدخل في حروب ونزاعات قد تصل تكلفتها أضعاف ما تجنيه من إيرادات الحقول المتنازع عليها.

اقرأ أيضا: الكويت تطلب التحكيم الدولي بشأن نزاع نفطي مع السعودية

المساهمون