تصعيد جديد في كركوك... خلاف على تاريخ قرية

تصعيد جديد في كركوك... خلاف على تاريخ قرية شمال غرب المدينة

20 مايو 2019
قبيلة شمر تتشبث بملكيتها للقرية والأراضي (مكاريم غريب/الأناضول)
+ الخط -
لليوم الخامس على التوالي، تتصاعد حدة الاتهامات بين أحزاب كردية وعربية في مدينة كركوك، على خلفية إقدام السلطات المحلية فيها على إعادة عشرات الأسر العربية من قبيلة شمر إلى قرية ملكانة، وأراض زراعية أخرى يوجد بها كرد، إذ هاجمت قوى كردية محافظ كركوك راكان الجبوري، واتهمته بـ"تهديد السلم الأهلي" في المحافظة المختلطة قومياً ودينياً، والواقعة 250 كم شمال بغداد، وهو ما دفع بالمحافظ إلى الرد عبر مؤتمر صحافي، قال فيه إن "القرية عادت إلى سكانها الأصليين".

الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، قال في بيان له إنّ "ممارسات التغيير الديموغرافي ما زالت مستمرة في قرى وقصبات كركوك من قبل محافظ كركوك والسلطة العسكرية هناك، وتحديداً هذه المرة في قرية "بلكانة" بناحية "سركران" شمال غربي كركوك"، مبيناً أنّه "يدين هذه الممارسات الشوفينية، ونعتبرها تهديداً جدياً على أسس التعايش السلمي في العراق، وعلى العملية السياسية برمتها".

ودعا الحزب كل الجهات المختصة إلى "القيام بمسؤولياتها لوقف هذه الأعمال التي تتنافى مع الدستور العراقي، والتي لا تنسجم مع العراق الجديد".

من جهته، قال النائب عن المكون الكردي في كركوك ميروان قادر، إنّ "العرب بإسناد من قوة تابعة للحشد الشعبي سيطروا على قرية بلكانة"، مبيناً أنّ "تلك الأرض كانت قد أعيدت إلى أصحابها الشرعيين من المكون الكردي قبل عدة سنوات، ولا يمكن أخذها منهم بالقوة". وأشار إلى أنّ "هذه المحاولات تأتي ضمن نهج ينفذه محافظ كركوك راكان الجبوري لانتزاع الأراضي من الكرد، وتأتي استمراراً لسياسة حزب البعث بتعريب كركوك"، على حد قوله.

في المقابل، رد راكان الجبوري على تلك الاتهامات، وقال في مؤتمر صحافي حضرته "العربي الجديد"، إن "بعض وسائل الإعلام تمارس دوراً إعلامياً غير جيد في نقل وتضخيم وإثارة المشاكل"، وأشار إلى أنه لا توجد أي مشكلة، فـ"القرية تعود لعشيرة شمر العربية، وعادت لأهلها، ولديهم ما يثبت ذلك من أوراق ثبوتية بالدولة، وهم غير مشمولين بالمادة 140 من الدستور المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها. غادروها لأسباب أمنية معروفة، وتركوا القرية منذ سنوات واليوم عادوا إليها".

وأوضح المحافظ أن "جزءاً من الذين سكنوا دور وأراضي أهالي قرية بلكانة، والبالغ عددهم 13 عائلة، سبعة منهم من مهاباد في إيران، وعائلتان من مخمور، وأخريان من إربيل، بينهم من يحمل الجنسية الألمانية، وأربع عوائل أيضاً من سورية كانوا قد استولوا على دور أهالي القرية"، مطالباً بـ"تشكيل لجنة تقصي حقائق من البرلمان لغرض التدقيق في الحقيقة، ومراجعة الأوراق الثبوتية للعوائل التي عادت لمنطقتها". 

وكان العشرات من أبناء عشيرة الشمر قد دخلوا، الثلاثاء الماضي، إلى قرية بلكانة التابعة لناحية سركران شمال غربي كركوك، وطلبوا من ساكني القرية وهم من الكرد الرحيل، وذلك بحجة عودة ملكية القرية إليهم حصراً، في وقت أن المواطنين الكرد أيضاً يؤكدون بأنهم أصحاب القرية والأراضي الزراعية فيها. 

مسؤول عراقي في بغداد كشف الإثنين لـ"العربي الجديد"، عن أن سجلات وأرشيف عدة وزارات، بينها التخطيط والزراعة والتجارة، تشير إلى أن القرية يقطنها العرب منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة مطلع القرن الماضي، وبدء عملية الأرشفة والتوثيق.

وأضاف المسؤول ذاته، أن عقوداً زراعية قديمة تؤكد ذلك أيضاً، مشيراً إلى أن المدينة شهدت عبثاً كبيراً في تركيبة سكانها وتوزيعهم القومي، و"مثل هذه الملفات يجب أن تحل بعيداً عن التهييج الإعلامي من الكتل السياسية"، على حد تعبيره. 

من جهته، قال متعب الشمري أحد شيوخ عشيرة شمر في قرية بلكانة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "قرية بلكانة في ناحية سركران بقضاء الدبس شمال غرب كركوك قرية عربية وتعود لقبيلتنا شمّر، أباً عن جد، وقد تركنا القرية قبل سنوات بسبب الضغط من قبل البيشمركة وأحزاب كردية علينا"، مبيناً أنّ "الكرد أسكنوا عوائل من الكرد وسورية وإيران في القرية وادعوا ملكيتها".

وأكد الشمري: "لدينا قرارات قضائية وحكومية لزراعة الأراضي، ونحن هجّرنا من قبل الكرد وتم إعطاء منازلنا لتلك العوائل"، مشيراً إلى أنّ "الكرد هم من استولى على منازلنا، واليوم عليهم أن يتركوا منازلنا وأراضينا".

وكانت محافظة كركوك قد شكلت أخيراً لجاناً لمعالجة المشاكل الإدارية في المحافظة، وإعادة الأراضي والمنازل لأهالها الذين تم طردهم منها، تحت ذرائع وحجج مختلفة على مر الفترة الماضية.

دلالات