تشييع سعود الفيصل اليوم... مهندس الدبلوماسية السعودية

تشييع سعود الفيصل اليوم... مهندس الدبلوماسية السعودية

11 يوليو 2015
أدار الفيصل السياسة الخارجية السعودية لأربعة عقود (أرشيف)
+ الخط -
أدّى الأمير الراحل سعود الفيصل بن عبدالعزيز، مهامه كمبعوث خاص للملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، وكوزير للخارجية لأكثر من أربعة عقود، أي منذ تسلّم منصبه كوزير في العام 1975 وحتى الربع الأول من عام 2015، ليتوّج بذلك "عميداً" للسياسة الخارجية العربية. 

كما أنّه لم يتوار عن عمله بصورة مفاجئة، فقد طلب إعفاءه من منصبه بسببب المرض في الأشهر الأخيرة، ليُعين مشرفاً على الخارجية السعودية، قبل أن يرحل عن عمر 75 عاماً.

عاصر الأمير الذي عُرف عنه إتقانه للغات أجنبية عديدة، خمسة من ملوك السعودية منذ عهد الملك فيصل، مروراً بالملك خالد والملك فهد والملك عبدالله والثلاثة الأشهر الأولى من عهد الملك سلمان، وبذلك عاش أيضاً المحطات المفصلية في السياسة العربية، وشهد تحولاتها. وكان له مواقفه من القضية الفلسطينية، واشتهر عنه قوله في إحدى جلسات مجلس الأمن الدولي، بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، موجهاً حديثه لوسائل الإعلام العالمي: "إما أن يعالج مجلس الأمن قضايانا المشروعة بجدية ومسؤولية وفقاً لهذه الأسس، أو أننا سنجد أنفسنا مرغمين على إدارة ظهورنا، والنظر في خيارات أخرى". وأثار هذا الحديث جدلاً كبيراً في الإعلام الغربي حينها.

ولعل أبرز مواقفه السياسية، رفض مقعد السعودية في مجلس الأمن في الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول عام 2013، وكانت سابقة تحدث لأول مرة، مؤكّداً على أن "أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته، وبناءً عليه، فإن السعودية وانطلاقاً من مسؤولياتها التاريخية تجاه شعبها وأمتها العربية والإسلامية، لا يسعها إلا أن تعلن اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته وتحمُّل مسؤولياته، في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين". 

يعتبر المحلل والخبير السياسي عبدالله الشمري في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك إجماعا على خبرة الأمير سعود الفيصل الدبلوماسية عبر أربعة عقود قضاها في الوزارة، مؤكداً على أنه :"لم يكن ليترك منصبة لولا المرض الذي يعاني منه".

من جهته، يتطرق رئيس المركز الاستراتيجي للدراسات الخليجية يزيد العليان، إلى ما أُشيع قبيل وفاة الفيصل، وتحديداً حين أُعفي من منصبه قبل أشهر، حول وجود خلاف بينه وبين الملك سلمان، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن ذلك "غير صحيح، فالمقربون من وزير الخارجية يعلمون جيداً مدى ضعف حالته الصحية، خصوصاً أنه أجرى عملية جراحية أخيراً في الظهر، وكان ذلك قبل نحو خمسة أشهر تقريباً". وبحسب العليان، كشفت البرقيات المتبادلة بين الملك سلمان والأمير سعود بعد أقل من يوم من استقالته حجم العلاقة بينهما، مبددة كل الشائعات التي كانت تقول إن سبب الإعفاء كان خلافاً بين الرجلين.

اقرأ أيضاً: بصمة سلمان في 100 يوم بالحكم: 50 أمراً ملكيّاً

عاصر الفيصل محطات مهمة في السياسة السعودية والعربية؛ فقد عين وزيراً للخارجية في أكتوبر/ تشرين الأول 1975، أي بعد سبعة أشهر من اغتيال والده الملك فيصل. ولعب بعد ذلك دوراً كبيراً في الجهود التي أفضت إلى وضع حد للحرب اللبنانية (1975-1990) خصوصاً التوصل إلى اتفاق الطائف في 1989.

وقاد سياسة السعودية الخارجية خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) ثم الغزو العراقي للكويت في 1990، وحرب الخليج التي تبعته (1991)، والتي قادتها الولايات المتحدة ضمن تحالف دولي.

وساهم الأمير سعود في إعادة إطلاق مبادرة السلام العربية عام 2007، أي بعد خمس سنوات على إطلاقها في القمة العربية في بيروت. وكان يميل إلى سياسة الحذر إزاء إسرائيل؛ فهو يعتبر أن أي علاقة معها يجب أن تكون مرتبطة بحل الصراع معها عبر انسحاب كامل من الأراضي المحتلة.

يُتوقع أن يشهد تشييعه، في المسجد الحرام بمكة، اليوم السبت، حضوراً دبلوماسياً أجنبياً وعربياً كثيفاً، وهو ما توحي به التعازي التي وصلت إلى المملكة من واشنطن وأنقرة وعدد كبير من العواصم.

المساهمون