"في الوقت الحالي لا يوجد شيء، لكن هذا لا يعني أنه لن يكون هناك شيء في المستقبل"، حينما قال أدريانو جالياني هذا الحديث عن أليسيو تشيرشي، أدرك الجميع على الفور أن عملية انتقال الجناح الإيطالي إلى ميلان تعتبر مسألة وقت لا أكثر أو أقل، وها هي الأخبار تصبح مؤكدة ويعلن اللاعب رسمياً عن فرحته الكبيرة بالعودة إلى إيطاليا من خلال مدرجات سان سيرو.
جالياني، الثعلب العجوز والساعد الأيمن لبيرلسكوني، الرجل الذي ساهم بقوة في صناعة أحد أعظم الأجيال الكروية على مر التاريخ، ميلان ساكي، ثم يعود هذه الأيام في محاولة ذكية ومستمرة لصناعة شيء من لا شيء، ليبقى السؤال الأهم، هل يُصلح المدير الرياضي ما أفسده الرئيس!؟
جناح اللعبة
بدأت كرة القدم بجناحين، هكذا يشرح مارسيلو بييلسا وجهة نظره حول أهمية مركز "الجناح" في الكرة الحديثة، بينما يؤكد يوهان كرويف أن الفريق الناجح يجب أن يستغل أطرافه في تمديد الملعب وتضييقه حسب ظروف المباريات وقدرات الخصوم، ليصل أريجو ساكي إلى العالمية بخط وسط حديدي وأجنحة قادرة على إضافة الفارق برفقة الثنائي الهجومي الهولندي بالأمام، لذلك لا غنى أبداً عن دور لاعب الجناح في التكتيك الأوروبي والعالمي خلال كافة الفترات الكروية.
وأليسيو تشيرشي واحد من هؤلاء القادرين على احتلال خط الملعب بالطول والعرض، ولأن الخط الجانبي هو أفضل مدافع ممكن، بمعنى أنه يحاصر المهاجمين برفقة الظهير المقابل الدفاعي، فإن الجناح الهجومي يجب تمتعه بالمهارة اللازمة والرؤية الحاضرة للتصرف بالكرات في جزء من الثانية، وتحقيق الأفضلية أثناء عملية التحولات من الدفاع إلى قلب الهجوم.
لذلك كان تشيرشي حلاً سحرياً في معظم مباريات الأزوري تحت قيادة برانديلي، المدرب الذي يبدأ مبارياته بخطة لعب 4-3-2-1، وفي بعض المباريات 3-6-1، وحينما يريد التغيير في الشوط الثاني من أجل زيادة الضغط الهجومي، يقوم بتحويل الخطة إلى 4-3-3 صريحة أو 3-4-3 الهجومية، ولتنفيذ هذه الأفكار الجريئة، يدخل أليسيو فوراً لنقل معظم اللعب من العمق إلى طريق الأطراف.
طبيعي 100 %
يصف "زونال ماركينج" تشيرشي بأنه جناح طبيعي يُمثل المبادئ الأساسية في لاعبي الطرف، سريع بالكرة وبدونها، يعود إلى الخلف لمساندة زملائه، ويتحرك إلى الأمام على الخط وداخل العمق، وبالطبع يجيد شغل المدافعين ومراوغتهم لفتح الفراغات أمام بقية اللاعبين على الجانب الآخر أو بمنتصف الملعب الهجومي.
تشيرشي لاعب منتج جداً على صعيد الأداء الرقمي أو الـ Work Rate، جناح يلعب أكثر على اليمين، يحصل على الكرة ويجيد تسجيل الأهداف وصناعتها، بسبب القدرة الفعالة على تخطي المدافعين وخلق الفراغ للتمرير أو التسديد على المرمى، لذلك يمتاز اللاعب بمعدل تهديفي رائع، ونسبة مميزة في "الأسيست"، لذلك خلال آخر مواسمه مع تورينو، سجل 13 هدفاً وصنع 7 في الكالشيو الإيطالي.
يحصل تشيرشي على مخالفات عديدة بسبب براعته في خداع المدافعين، وبالتالي يستعين به المدربون في محاولة الحصول على ضربات ثابتة من أماكن خطيرة داخل المستطيل الأخضر، خصوصاً مع رغبته المستمرة في التوغل تجاه المرمى والتسديد المستمر بقدمه اليسرى، في حضرة الجناح المقلوب على الجبهة اليمنى.
فلورنسا ميلان
لعب الثنائي مونتوليفو وتشيرشي في تشكيلة واحدة خلال فترتهم القديمة مع فارس وزعيم فلورنسا، نادي فيورنتينا تحت قيادة المدرب ميهايلوفيتش، وكانت الخطة الأنسب للفريق هي 4-3-3، بوجود ثلاثي صريح بالوسط مع مثلث هجومي بالأمام، لاعب بالعمق وجناحيّن على الأطراف، وتألق أليسيو بشكل لافت في مركز الجناح الصريح أعلى الخط.
ومع العودة إلى إيطاليا واللعب في صفوف ميلان، فإن النادي اللومباردي في طريقه لتثبيت طريقة 4-3-3 في مختلف المواجهات، بسبب وجود المميز بونافينتورا على اليسار، والرهانات العملاقة على تشيرشي في اليمين، وفي العمق لا خلاف على المتألق مينيز كرأس حربة وهمي وصريح حسب الحاجة، وقدوم الوافد الجديد سيعطي ميلان حلولاً أكبر على الأطراف، مما يساهم في تمديد الملعب وإضافة خيارات أخرى.
ومن 4-3-3 إلى 4-2-3-1، عن طريق استخدام الياباني هوندا في مركز 10 كصانع لعب ولاعب وسط هجومي أثناء الضغط على المنافس، مع تقوية الارتكاز بالثنائي المحوري دي يونج ومونتوليفو، لذلك عملية مبادلة "توريس-تشيرشي" ستكون مثيرة بالنسبة لميلان، على الورق في المبدأ حتى الآن.