تشريعيات إسبانيا تكبح جماح اليمين المتطرف

تشريعيات إسبانيا تكبح جماح اليمين المتطرف

04 مايو 2019
+ الخط -

كما كان متوقعاً، تصدر رئيس الوزراء الاشتراكي، بيدرو سانشيز، نتائج الانتخابات التشريعية في إسبانيا من دون إحرازه الغالبية المطلقة. وفيما حظي حزب المحافظين بهزيمة تاريخية، يستعد اليمين المتطرف لدخول البرلمان الإسباني لأول مرة بعد أربعة عقود من الاحتكار الاشتراكي.
وحصل الحزب الاشتراكي بزعامة بيدرو سانشيز على 124 نائباً مقابل 29.45 في المائة من الأصوات المعبر عنها، محافظاً على مكانته كأكبر حزب برلماني في البلاد، رغم أنه لم يحرز الأغلبية البرلمانية المقدرة بـ 176 نائباً من إجمالي 350 مقعداً، التي تخوله تشكيل حكومة اشتراكية.

أما حزب فوكس اليميني المتطرف بزعامة سانتياغو أباسكال، فقد أسقط واحدة من القلاع الانتخابية المحصنة للحزب الاشتراكي العمالي، بإحرازه تقدماً حوّله إلى خامس قوة في برلمان إسبانيا، إذْ حصل على 24 مقعداً من أصل 350، بعدما كان مهمشاً منذ تأسيسه عام 2014.

وتقابل انتصار حزب "فوكس" المتشدد هزيمة غير مسبوقة في معسكر يمين الوسط، أدت إلى انتقاله إلى ضفة المعارضة الرئيسية لحزب بيدرو سانشيز في البرلمان. إذْ تراجعت مقاعد الحزب الشعبي من 137 إلى 66 مقعداً، فقد حصل على تأييد نحو 4.3 ملايين مقترع فقط. وهو ما يبرز تراجعه بنحو 8 ملايين صوت مقارنة بالانتخابات السابقة. ويرجح أن تكون فضيحة تورط رئيس الحكومة السابق ماريانو راخوي في جرائم فساد وإدانته في قضية الكسب غير المشروع من الأسباب المساهمة في تراجع مكانة الحزب شعبياً.



وإلى جانب تحقيق حزب المواطنين 57 مقعداً فقط، فإنه حتى لو تحالف مع اليمين المتشدد، فلن يضمن المعسكر سوى 147 مقعداً، وهي كتلة غير كافية لتحقيق أغلبية تشكيل الحكومة.
وإذا كانت إسبانيا التي بنت ديمقراطيتها على ثنائية حزبية بين اليسار الاشتراكي واليمين الممثل في الحزب الشعبي، قد تأثرت برياح الحركات الاحتجاجية عالم 2015، وحملت حزبين جديدين إلى التنافس الانتخابي، إلا أن الملاحظة الأساسية المسجلة خلال هذه الانتخابات التشريعية تكمن في بروز حزب فوكس اليميني المتطرف لأول مرة في برلمان إسبانيا الديمقراطية.

و يطرح حزب فوكس مخاوف داخلية دولية من تصاعد الفكر اليميني المتطرف، خاصة أنه يتبنّى خطاباً متشدداً معادياً للمرأة وللمهاجرين في إسبانيا، ويطرح في برنامجه فكرة إلغاء الحكم الذاتي في الأقاليم التاريخية، والتي يقوم عليها النظام الدستوري الإسباني.

إلا أن رئيس الحكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز يرجح أن يكون أداء حزب فوكس المدعوم خصوصاً من الجبهة الوطنية في فرنسا وحزب الرابطة في إيطاليا، أفضل مما تتوقعه استطلاعات الرأي حوله، إذْ أعرب شانسيز عبر عقب فوزه في الانتخابات عن سعيه لتشكيل حكومة موالية لأوروبا، يستند تشكيلها بالأساس إلى احترام الدستور وتعزيز العدالة الاجتماعية، مؤكداً أنه لن يضع قيوداً على محادثات تشكيل الحكومة المقبلة. 

و في ظل المواجهات الطاحنة بين مختلف المرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة، ستضطر الأحزاب السياسية لتشكيل تحالفات في برلمان يشهد توترات سياسية متواصلة منذ أزمة كتالونيا، فيما يرجح أن يعقد سانشيز تحالفات مع اليسار الراديكالي والأحزاب التي دعمت وصوله إلى السلطة السنة الماضية، على خلفية إطاحته حكومة ماريانو راخوي.

و في كل الأحوال سيتعين على حكومة إسبانيا المقبلة  تعزيز إصلاحاتها الاقتصادية لجعل الدولة أكثر تنافسية على الصعيد الدولي، مع حتمية العمل على تحجيم تنامي القضايا الشائكة التي تحتاج إلى حل سريع، مثل المحاولات الداعية للانفصال في كتالونيا، وتفادياً لأي استفتاء جديد.

دلالات

DE2B6481-BE6A-4F7C-99F9-8F32B579B9EF
نسرين جعفر

صحافية من الجزائر.. خريجة ماجستير إعلام، وطالبة حقوق مهتمة بالشؤون السياسية في العالم العربي.