تسونامي التطرف العنصري

تسونامي التطرف العنصري

10 ديسمبر 2014

مظاهرة لمتطرفي اليمين الصهيوني في القدس (5يونيو/2013/أ.ف.ب)

+ الخط -

ربما لا يسقط نتنياهو في انتخابات مارس/آذار المقبل، لأنه، وعلى الرغم من اتساع دائرة هجائه لدى جمهرة المتطرفين، لا يزال صاحب أعلى النتائج في استطلاعات الرأي حول رئيس الوزراء المفضل. لكنه، على الأرجح، سيغادر موقعه، ليس لأن نسبة علو شأنه، في استطلاعات الرأي، متدنية، وليست عالية، وإنما لأنه، بالنسبة لهم، لم يكن متطرفاً كما ينبغي، ولم ينجح في استغلال ضعف الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وفشل في تطبيق السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي يريدونها!

كانت تسيبي ليفني، زعيمة حزب "هتنوعا"، ويائير لبيد، زعيم حزب "ييش عتيد"، هما القُطبان اللذان خاضا شجاراً سياسياً مع نتنياهو، أدى إلى إقالتهما وانفراط عقد الحكومة، وهذان ليسا في حال جيدة. فالاستطلاعات، حتى الآن، تعطي حزب ليفني خمسة مقاعد على الأكثر، وتعطي حزب لبيد، عشرة مقاعد على الأكثر. أما الضيف الجديد، كحزب، على الحلبة السياسية الإسرائيلية في الانتخابات المقبلة (في كل انتخابات، هناك ضيف جديد، أو حزب جديد، يظفر بعدد معتبر من المقاعد) فإنه سيكون حجر القبان بعد الانتخابات المقبلة. إنه موشي كحلون، المنشق عن "الليكود" ووزير الاتصالات السابق، الذي يطرح نفسه نصيراً للفقراء، ويطالب بتقليص فواتير الكهرباء التي تستهلكها الأسر المعوزة. فقد صعد هذا المولود لأسرة هاجرت من ليبيا، على سلم "الليكود" في المؤتمرات الداخلية التحضيرية للزعامة، وحصل على مراكز متقدمة على قائمة الحزب. لكنه، بعد أن نفد صبره، أعلن عن اعتزامه تشكيل حزب، وأعطته التوقعات عدداً من المقاعد، قبل أن يطرح اسم حزبه، أعلى من العدد الذي سيحظى به لبيد. فهو على يمين نتنياهو، ويهجم عليه!

تعتبر أحزاب الأصولية اليهودية "الحريديم" في كل مناسبة انتخابية احتياطياً مسانداً لليمين، شاركت في الحكومة أم لم تشارك. معها وبها، يرفع "الليكود" عدد مقاعد التغطية لسياساته إلى أغلبية مريحة.

في هذا الخضم، يبدو جلياً أن ما تحتاجه أحزاب العرب الفلسطينيين، في إسرائيل، هو رفع مستوى تحسسهم للخطر، ومن قدرتهم على مجابهته، وهذا هو من جنس ما يحتاجه العرب الفلسطينيون في الضفة وغزة، وما يحتاجه العرب قاطبةً في عالمهم الشاسع.

فالأحزاب العربية معنية بالتنبه إلى صعوبة الحصول على مقاعد تتناسب مع حجمهم السكاني، ما لم تتكاتف وتتجاوز إشكالات وخلافات ثانوية. وهذه الأحزاب، تعرف أكثر من غيرها، في المناسبة الانتخابية، أننا بصدد تسونامي صهيوني عنصري جديد، له خططه غير المسبوقة، وباتت مضطرة، إلى شكل من التحالف، يضمن إقبالاً كثيفاً من الناخبين العرب الفلسطينيين. فكأنما المُشرّع الإسرائيلي راهن على تفرقهم الذي ينجم عنه ضعف الإقبال على التصويت في الوسط العربي، فجعل نسبة الحسم الجديدة في الانتخابات 3.35%، مما يعني أن عدم التساند بين الأحزاب العربية، سيجعلها تتكسر بسهولة آحاداً!

حيال هذا الطوفان المتوقع لليمين العنصري المتطرف في إسرائيل، يتعين على الفلسطينيين، أيضاً، فيما هم معلقون بين الماء والنار، وتصعب عليهم المقاومة، مثلما تصعب السياسة؛ الكف عن السجالات السخيفة، ومغادرة غيبوبة الأوهام والإقلاع عن عادة اختراع الخصوم الفرعيين، داخلياً وخارجياً، وأن يستفيق ولاة الأمور، على حجم الأخطار وتفصيلاتها، لكي تتجه الجهود إلى تصليب النظام السياسي والحركة الوطنية. فليس صحيحاً أن فلسطين، بصمود شعبها ومقاومتها، تكون قد أسقطت نتنياهو في حال سقوطه. إن من يسقطونه هم المستزيدون الذين يريدون من هو أقبح منه، وأكثر تطرفاً. ثم إن صراعنا لم يكن مع شخص، وإنما مع منظومة شيطانية لم تسقط، وفق أية قراءة للخارطة السياسية والحزبية في إسرائيل.  لذا، طريقنا طويل، ولن يفلح الفلسطينيون والعرب، ما لم يتحسسوا الخطر، وما لم تكن لهم استراتيجية عمل واحدة في مواجهة تسونامي!