تسجيل أكبر انكماش لاقتصاد أميركا منذ الكساد الكبير

30 يوليو 2020
+ الخط -

انكمش الاقتصاد الأميركي بأكبر وتيرة منذ "الكساد الكبير" Great Depression في الربع الثاني من العام الحالي، إذ حطمت جائحة كوفيد-19 إنفاق المستهلكين والشركات، في حين يواجه التعافي الناشئ تهديدا من ارتفاع جديد في حالات الإصابة بفيروس كورونا، فيما بدا أن الدولار يسجل أسوأ أداء شهري له منذ 10 سنوات.

و"الكساد الكبير" أو "الانهيار الكبير" يُعبّر عن أزمة اقتصادية عميقة حدثت عام 1929 ومروراً بعقد الثلاثينيات وبداية عقد الأربعينيات، وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، وقد بدأت الأزمة في أميركا، ويقول المؤرخون إنها بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأميركية في 29 أكتوبر/تشرين الأول لعام 1929.

وزارة التجارة الأميركية أوضحت أن الناتج المحلي الإجمالي هوى بوتيرة سنوية بلغت 32.9% في ربع السنة الماضي، وهو أكبر انخفاض في الناتج منذ بدأت الحكومة حفظ السجلات في 1947. ويتجاوز ذلك الانخفاض 3 أمثال التراجع الأكبر على الإطلاق السابق والبالغ 10% وكان في الربع الثاني من 1958. 

وانكمش الاقتصاد 5% في الربع الأول. وكان اقتصاديون استطلعت "رويترز" آراءهم توقعوا انخفاض الناتج المحلي الإجمالي 34.1% في الربع الممتد من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران.

ووقع القدر الأكبر من التراجع التاريخي للناتج الإجمالي في أبريل/نيسان، حين توقفت الأنشطة تقريبا بسبب إغلاق مفاجئ للمطاعم والحانات والمصانع ضمن أنشطة أخرى توقفت عن العمل في منتصف مارس/آذار لإبطاء انتشار فيروس كورونا.

ورغم أن الأنشطة تحسنت بداية من مايو/أيار، فإن قوة الدفع تباطأت في ظل ارتفاع جديد في الإصابات الجديدة بالمرض، على الأخص في المناطق الجنوبية والغربية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، حيث تغلق السلطات في المناطق الأكثر تضرراً الشركات مجدداً أو توقف إعادة فتح الاقتصاد. وقلص ذلك الآمال في انتعاش قوي للنمو في الربع الثالث، بحسب رويترز.

البطالة والأسهم

وفي تقرير منفصل اليوم، قالت وزارة العمل إن عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانة البطالة بلغ 1.434 مليون على مدى الأسبوع المنتهي في 25 يوليو/تموز.

وفي "وول ستريت"، فتحت الأسهم منخفضة اليوم الخميس، بعدما أثار الرئيس دونالد ترامب احتمال إرجاء انتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني، رغم النص على الموعد في دستور الولايات المتحدة.

وتراجع المؤشر "داو جونز" الصناعي 0.65% إلى 26367.2 نقطة، ونزل المؤشر "ستاندرد أند بورز 500" 0.82% ليسجل 3231.76 نقطة، وانخفض المؤشر "ناسداك" المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 0.88% إلى 10450.12 نقطة.

أداء الدولار الأسوأ في 10 سنوات

كما تراجع الدولار الأميركي اليوم الخميس، بفعل تصريحات ترامب، لتتجه العملة صوب أسوأ أداء شهري لها خلال عشر سنوات في ظل استمرار تأثر الاقتصاد بانتشار فيروس كورونا.

وقال جو مانيمبو، كبير محللي السوق لدى "وسترن يونيون" لحلول الأعمال في واشنطن، إن "أي شكل من الضبابية الأميركية، الاقتصادية أو السياسية، هو مبرر للضغط على زر بيع الدولار الأميركي"، علماً أن الدولار في تراجع منذ شهر وسط استمرار تفشي فيروس كورونا في أنحاء الولايات المتحدة وتداعيات ذلك على الاقتصاد.

وبعدما قالت وزارة العمل إن طلبات إعانة البطالة الجديدة بلغت 1.434 مليون للأسبوع المنتهي في 25 يوليو/تموز، اعتبر مانيمبو  أن"الطلبات تبلغنا أن التعافي بدأ ينتكس".

وتراجع مؤشر الدولار الذي يقيس قوة العملة مقابل سلة عملات 0.02% إلى 93.34. والمؤشر بصدد انخفاض نسبته 4.17% على مدار الشهر الحالي، وهو ما سيكون الأسوأ له منذ سبتمبر/أيلول 2010. وبلغ اليورو أعلى مستوياته في 22 شهرا عند 1.1808 دولار، ثم تراجع إلى 1.1791 دولار، لتصبح مكاسبه في معاملات اليوم 0.01%.

وتأثرت العملة الموحدة سلبا في وقت سابق من اليوم بعدما أظهرت البيانات انكماشا أسوأ من المتوقع للاقتصاد الألماني بلغ 10.1% في الربع الثاني، وهو أشد تراجع مسجل. وزاد الجنيه الاسترليني 0.43% إلى 1.13051 دولار، أعلى مستوياته منذ مارس/آذار.

الذهب والنفط يتراجعان أيضاً

ونزلت أسعار الذهب اليوم الخميس، بعد أن تعهد مجلس الاحتياطي الاتحادي بدعم الاقتصاد الذي عصف به فيروس كورونا مما دعم الإقبال على المخاطرة، فيما يقول محللون إن المعدن الأصفر يواجه مقاومة في الأمد القصير لاختراق المستوى النفسي البالغ ألفي دولار.

وتراجع سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 0.7% إلى 1957.17 دولاراً بحلول الساعة 05:31 بتوقيت غرينتش. وهبط الذهب في العقود الأميركية الآجلة 0.1% إلى 1950.60 دولاراً، وفقاً لبيانات رويترز.

وقفز الذهب أمس الأربعاء، بعد أن تعهد المركزي الأميركي بالإبقاء على أسعار الفائدة قرب الصفر، في الوقت الذي يثبط فيه الارتفاع السريع للإصابات بفيروس كورونا الآمال في انتعاش اقتصادي. ويقلص انخفاض أسعار الفائدة تكلفة الفرصة البديلة لشراء المعدن الذي لا يدر عائدا. وحد من تقدم الذهب ارتفاع الأسهم الآسيوية التي اقتدت بصعود وول ستريت.

ويشير محللون إلى أن الذهب ارتفع ما يزيد عن 28% منذ بداية العام ويلقى الدعم بشكل جيد من انخفاض الدولار، وتفاقم الجائحة واحتمال تقديم المزيد من التحفيز.

وفي سوق البترول، واصلت العقود الآجلة للنفط خسائرها، ليهبط برنت والخام الأميركي أكثر من 5%.

وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) قرر أمس الأربعاء، الإبقاء على سعر الفائدة القياسي بدون تغيير في نطاق من صفر إلى 0.25 بالمئة، مؤكداً أن مسار الاقتصاد سيعتمد إلى حد كبير على مسار جائحة فيروس كورونا.

رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، جيروم باول، قال إن البنك المركزي ما زال ملتزماً باستخدام أدواته للفترة الزمنية اللازمة لضمان انتعاش اقتصادي قوي، محذراً من أن الزيادة الحادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا تعني أن الولايات المتحدة دخلت مرحلة جديدة، ومعتبراً أن الجائحة كان لها تأثير ملموس على التضخم.

ولفت باول إلى أن التراجع الاقتصادي الحالي شديد، وسيحتاج لدعم مالي ونقدي مستمر لكي يتعافى، مؤكداً أن هناك حاجة إلى دعم مالي وتحفيز نقدي إضافي، مشيراً إلى أن تعافي الاقتصاد سيستغرق وقتاً طويلاً حتى إذا سارت عمليات إعادة الفتح على ما يرام وعاد الناس إلى العمل.

المساهمون