13 فبراير 2022
تركيا بعيون عربية منقسمة
تركيا بعيون عربية منقسمة
لا يترك العرب شيئاً إلا وانقسموا حوله، وقد باتت السياسة إحدى نقاط الانقسام والاستقطاب الشديدة التي تضرب العالم العربي، من شرقه إلى غربه، بشكل يهدّد التماسك والسلم المجتمعي. ولم يعد الانقسام يتوقف عند حدود القضايا والهموم المحلية، وإنما بات الشأن الإقليمي أيضاً في صميم الخلافات والانقسامات العربية الداخلية. ومن يشاهد التعليقات بشأن المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا يكتشف حجم الانقسام والاستقطاب في العالم العربي، والذي يتحيّن أية فرصة للخروج إلى العلن. وأصبح هناك فريقان. أولهما يدعم النظام التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، ويراه بطلاً نجح في إنقاذ بلاده من انقلابٍ دمويٍّ، ويدعمون إجراءاته وسياساته التي اتخذها طوال الأيام الماضية، باعتبارها أمراً ضرورياً لضمان عدم عودة الانقلابيين مرة أخرى، وليس لدى هذا الفريق مانع من أن يتجاوز أردوغان القانون والعدالة من أجل تحقيق ذلك. أما الفريق الثاني فكان يأمل بأن ينجح الانقلاب في تركيا، من أجل التخلص من أردوغان وتجربته كلياً. وقد هلل أنصار هذا الفريق للانقلاب في ساعاته الأولى، واعتبروه نصراً مبيناً علي الرجل، طال انتظاره، كما الحال مع مثقفين مصريين وعرب كثيرين يدعمون النظام الحالي في مصر. يدعّي هذا الفريق الحكمة، ويطالب أردوغان بالعقلانية في التعاطي مع الانقلابيين، في وقت رقص فيه أنصار هذا التيار على جثث المئات في مصر وسورية، وحرّض على التخلص من مخالفيه بقوة السلاح.
وهناك فريق ثالث، يطالب الفريقين بالتخلص من تطرفهم في الحكم على ما يحدث في تركيا. فالمحاولة الانقلابية كانت بمثابة كارثة على تركيا والمنطقة بوجه عام. ولربما وقعت البلاد في أتون صراعٍ أهليٍّ مسلح، إذا ما نجح الانقلاب. وهذا أمر طبيعي، في ظل وجود انقسام كبير داخل البلاد، وقد رأينا بعضاً منه في الأسابيع القليلة الماضية. بل ولربما انتقم العسكر من كل مخالفيهم، وهم قد فعلوا بعضاً من ذلك في أثناء المحاولة الانقلابية، حين قصفوا مبنى البرلمان التركي ومقر الرئاسة بالقنابل، وقتلوا المدنيين الذين تصدّوا لهم وأفشلوهم.
في الوقت نفسه، إن اجراءات العقاب الجماعي التي يقوم بها أردوغان وحكومته سوف ترتدّ عكسياً آجلاً أو عاجلاً. ولربما المطلوب هو تطبيق العدالة وعدم المبالغة في رد الفعل الذي قد يعمّق مشاعر الانقسام داخل المجتمع والمؤسسات التركية. وهي الإجراءات نفسها التي انتقدناها من قبل، حين تعاطى بها النظام الحالي في مصر مع مخالفيه، خصوصاً من جماعة الإخوان المسلمين. فالمؤكد أن ليس كل أنصار جماعة فتح الله غولن التي يتهمها أردوغان بالوقوف خلف محاولة الانقلاب متورطون في المحاولة. كما أن الجماعة ليست إرهابية، كما يدّعي أردوغان، وإلا فإنه يدين نفسه، حيث كان في علاقة تحالف معها، منذ جاء إلى السلطة وحتى وقت قريب.
وقد بدا هذا الانقسام واضحاً في الإعلام العربي الذي فقد الموضوعية والحياد في تغطيته الحدث التركي. فحتى الآن، لم نشاهد أو نقرأ للمحسوبين على جماعة غولن، كي نعرف وجهة نظرهم في الاتهامات الموجهة إليهم. استغرق المذيعون والمحللون والخبراء في تبرير هذا الطرف أو ذاك، وبينهما تاهت الحقيقة التي يفترض أنها الرسالة الأساسية للإعلام. أما الملفت في الأمر، فإن الانقسام حول الوضع في تركيا يتم توظيفه في صراعاتٍ داخلية بين القوى السياسية، من أجل تحقيق مكاسب خاصة بها. وبذلك، أصبح الحدث التركي أحد محرّكات ومحدّدات السياسة في العالم العربي التي يأخذها أكثر باتجاه الانقسام والاستقطاب، وذلك على حساب الفهم والتوافق.
وهناك فريق ثالث، يطالب الفريقين بالتخلص من تطرفهم في الحكم على ما يحدث في تركيا. فالمحاولة الانقلابية كانت بمثابة كارثة على تركيا والمنطقة بوجه عام. ولربما وقعت البلاد في أتون صراعٍ أهليٍّ مسلح، إذا ما نجح الانقلاب. وهذا أمر طبيعي، في ظل وجود انقسام كبير داخل البلاد، وقد رأينا بعضاً منه في الأسابيع القليلة الماضية. بل ولربما انتقم العسكر من كل مخالفيهم، وهم قد فعلوا بعضاً من ذلك في أثناء المحاولة الانقلابية، حين قصفوا مبنى البرلمان التركي ومقر الرئاسة بالقنابل، وقتلوا المدنيين الذين تصدّوا لهم وأفشلوهم.
في الوقت نفسه، إن اجراءات العقاب الجماعي التي يقوم بها أردوغان وحكومته سوف ترتدّ عكسياً آجلاً أو عاجلاً. ولربما المطلوب هو تطبيق العدالة وعدم المبالغة في رد الفعل الذي قد يعمّق مشاعر الانقسام داخل المجتمع والمؤسسات التركية. وهي الإجراءات نفسها التي انتقدناها من قبل، حين تعاطى بها النظام الحالي في مصر مع مخالفيه، خصوصاً من جماعة الإخوان المسلمين. فالمؤكد أن ليس كل أنصار جماعة فتح الله غولن التي يتهمها أردوغان بالوقوف خلف محاولة الانقلاب متورطون في المحاولة. كما أن الجماعة ليست إرهابية، كما يدّعي أردوغان، وإلا فإنه يدين نفسه، حيث كان في علاقة تحالف معها، منذ جاء إلى السلطة وحتى وقت قريب.
وقد بدا هذا الانقسام واضحاً في الإعلام العربي الذي فقد الموضوعية والحياد في تغطيته الحدث التركي. فحتى الآن، لم نشاهد أو نقرأ للمحسوبين على جماعة غولن، كي نعرف وجهة نظرهم في الاتهامات الموجهة إليهم. استغرق المذيعون والمحللون والخبراء في تبرير هذا الطرف أو ذاك، وبينهما تاهت الحقيقة التي يفترض أنها الرسالة الأساسية للإعلام. أما الملفت في الأمر، فإن الانقسام حول الوضع في تركيا يتم توظيفه في صراعاتٍ داخلية بين القوى السياسية، من أجل تحقيق مكاسب خاصة بها. وبذلك، أصبح الحدث التركي أحد محرّكات ومحدّدات السياسة في العالم العربي التي يأخذها أكثر باتجاه الانقسام والاستقطاب، وذلك على حساب الفهم والتوافق.