تركة حفتر تهدد حلفاءه: تجميد العسكرة والدعوة لحل سياسي

تركة حفتر تهدد حلفاءه: تجميد الأوضاع العسكرية والدعوة لحل سياسي

27 يونيو 2020
تركة حفتر تلقي بظلالها على واقع البلاد(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال تركة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تلقي بظلالها على الواقع الليبي، بعد انحسار دوره وبدء غيابه التدريجي، لكن أحد تداعيات تركته يهدد تماسك حلفه المكون من دول إقليمية ودولية بسبب اختلاف، بل وتضارب، مصالحها.

وفي الوقت الذي غابت فيه أصوات دول متقاربة المصالح كالإمارات وفرنسا، تبدو مصر وروسيا تدفعان باتجاه الضغط لتجميد الأوضاع العسكرية ومحاولة إقناع الرأي العام بضرورة صياغة حل سياسي يقوم على مبدأ المحاصصة المناطقية والقبلية، بهدف الحفاظ على ما تبقى من مكاسبهما في البلاد.

ووجهت موسكو دعوة رسمية لرئيس مجلس النواب المجتمع بطبرق، عقيلة صالح، لترتيب زيارة لوفد برلماني برئاسته بداية يوليو/ تموز المقبل لمناقشة عدد من القضايا، أبرزها "إعلان القاهرة" ومخرجات مؤتمر برلين، بحسب وكالة سبوتنيك.

وقال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب أحميدة حومة للوكالة إن موسكو ستناقش مع صالح مبادرته السياسية التي أعلن عنها في مايو/ أيار الماضي وإعلان القاهرة، وكذلك مخرجات مؤتمر برلين، لمحاولة الدفع باتجاه وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية.

وجاءت الدعوة الرسمية بعد إعلان صالح، الأربعاء الماضي، أنه سيطلب بشكل رسمي مساعدة القاهرة لو حاولت حكومة "الوفاق"، بدعم من تركيا، الاستيلاء على مدينتي سرت أو الجفرة.

وجمع معسكر حفتر، طيلة ست سنوات ماضية، مزيجا من الحلفاء المختلفين في مصالحهم وأهدافهم في ليبيا، فسياسات مصر ـ الجارة المهمة لليبياـ تهدف إلى إبعاد شبح الفوضى وانتشار السلاح عن حدودها الغربية بأي وسيلة، وتبدو أنها تتقارب مع الأهداف الروسية الساعية لإعادة حلفائها من النظام السابق في ليبيا.

لكن دولا مثل الإمارات، ومن ورائها فرنسا، لها مصالحها التي تنظر لليبيا كفضاء يوصل إلى مجالات أفريقية ومغاربية ونحو البحر المتوسط أكثر اتساعا.

صالح لموسكو: القاهرة شريك أساسي

ورغم الحديث عن انتشار جديد لمرتزقة "فاغنر" الروس في مناطق نفطية ليبية، وآخر عن نقل عتاد ودفاعات جوية روسية إلى قاعد القرضابية في مدينة سرت، إلا أن المحلل السياسي الليبي، مروان ذويب، لا يرى جديدا في تلك التحركات سوى سعي لإعادة ترتيب الأوراق بهدف تجميد الأوضاع لإجبار الاطراف الليبية، وخصوصا حكومة "الوفاق"، على القبول بالعودة للحل السياسي.

واعتبر ذويب في حديثه لـ"العربي الجديد" أن تلويح صالح بالاستعانة بالقاهرة "لا اعتقد أنه موجه لحكومة الوفاق بل إلى الجانب الروسي، الذي يبدو أنه يتحرك متجاهلا أهمية المنطقة بالنسبة لمصر، وبالتالي فرسالة صالح تقول لموسكو إن القاهرة شريك أساسي هنا".

ولفت إلى أن كل التصريحات والمواقف من جميع الأطراف، سواء التحرك الروسي ويقابله قلق أميركي أو التهديدات المصرية، تتجه لفرض واقع تجميد الأوضاع عند حد فاصل عند نقاط استراتيجية عسكرية ونفطية، يبدأ من سرت شمالا ووصولا إلى الجفرة.

وأشار المحلل الليبي إلى أن انتشار عناصر من فاغنر في حقل الشرارة يأتي لضمان السيطرة على ورقة النفط، كونه أهم الحقول النفطية الواقعة بعيدا عن مناطق التنافس في الشمال.

وبحسب ذويب، فإن موسكو "تحاول خلق مقاربة مع حلفاء القاهرة الجدد في ليبيا، وتحديدا الزعامات القبلية، لسببين: أولا لقربها من زعامات ورموز النظام السابق، الذين طالما دعموا حفتر خلال السنين الماضية، وثانيا لفهم طبيعة الأهداف المصرية في ليبيا".

وتؤكد معلومات ذويب أن سعي موسكو لبناء قاعدة عسكرية في ليبيا لم تعارضه حكومة "الوفاق" وواشنطن فقط بل أيضا القاهرة، التي أفشلت مشروعا روسيا للوجود في قاعدة جمال عبد الناصر في مدينة طبرق القريبة من حدودها، في السنوات الماضية، كما أنها غير مرحبة بوجود روسي دائم في سرت حاليا.

روسيا "لا تسعى لوجود عسكري دائم"

ورغم تأكيد مصادر ليبية مقربة من حكومة الوفاق في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، سعي روسيا لاستغلال قاعدة القرضابية كقاعدة عسكرية لها، إلا أن الباحث السياسي الليبي، سعيد الجواشي، يرى أن موسكو "ليس لديها جدية في خلق وجود عسكري دائم في ليبيا ما دامت لم توجد عسكريا طيلة السنوات الماضية، وفضلت العمل من خلال شركة فاغنر الأمنية غير الرسمية".

ويعتبر الجواشي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن موسكو عملت مع حفتر طيلة سنين، لكنها كانت تعتبره حليفا مؤقتا ولذا دعمته بمرتزقة فقط ، مشيرا إلى أن كل مصالحها مرتبطة بالنظام السابق بما فيها الاتفاقات الرسمية، وآخرها اتفاق الصداقة الموقع عام 2008، ويتضمن توريد أسلحة لليبيا بملايين الدولارات.

ويلفت إلى خطورة الأوضاع الأمنية في الشرق الليبي بعد قرار القاهرة إزاحة حفتر من المشهد، ما يستدعي ضرورة تجميد الأوضاع العسكرية والدفع بالملف الليبي نحو التفاوض السياسي الذي سيضمن قدرا من ضبط الأوضاع في ليبيا.

ورغم وجود صالح كرئيس لمجلس النواب في واجهة المشهد، إلا أن الجواشي يؤكد أن حلفاء حفتر وعلى رأسهم مصر وروسيا يدركون جيدا أنه شخصية لا تحظى بتوافق محلي، كما أنه غير مرحب به من قبل حكومة الوفاق.

وأشار إلى أن إمداد حفتر لحلفائه القبليين بالأسلحة وتمكينهم من السيطرة على المعسكرات المنتشرة في جنوب شرق البلاد خلق حالة من القلق لدى حلفائه، ما جعل روسيا، حسب المحلل الجواشي، تدفع بنشر مقاتليها المرتزقة في المواقع المهمة كسرت والجفرة ومواقع النفط، كما دفعت القاهرة للتحذير في حال تقدمت قوات "الوفاق" للسيطرة على سرت والجفرة.

وعن أبوظبي وباريس، أكد الجواشي أن الأولى ذارع الثانية في ليبيا وتابعة لمواقفها، مشيرا إلى أن تصريحات قادة حلف الناتو تتجه لحل الخلاف التركي الفرنسي في ليبيا، مستشهدا بتصريحات السفيرة الأميركية السابقة في ليبيا ديبورا جونر لقناة ليبية، ليل البارحة الجمعة، عندما أكدت أن الناتو يسعى لمنع تصادم بين أعضائه داخل ليبيا، ما يعني إمكانية لتسوية تركية فرنسية في ليبيا. 

المساهمون