ترامب مربك في معركة الرئاسيات: رهان على بوتين و"ويكيليكس"

ترامب مربك في معركة الرئاسيات: رهان على بوتين و"ويكيليكس"

15 أكتوبر 2016
قضية المرأة تشكل ورقة رابحة لكلينتون(روبين بيك/فرانس برس)
+ الخط -
لولا تسريبات موقع "ويكيليكس" للرسائل الإلكترونية المقرصنة من حسابات مساعدي المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية، هيلاري كلينتون، لأمكن القول إن الحملة الانتخابية التي يقودها المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، قد غرقت تماماً في حالة الإنكار ونفي التهم الموجهة إليه بالتحرش الجنسي والإساءة إلى النساء، والتي لا تزال تتوالى فصولاً ويشتد زخمها مع اقتراب يوم الاقتراع في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

الواضح حتى الآن أن نتائج معركة التسريب المتبادل للمعلومات، تميل لصالح حملة كلينتون المدعومة، حسب ترامب، مما يسمى بالـ"إستبلشمنت" في واشنطن (أي المؤسسات التقليدية الحاكمة في البلاد)، ومن وسائل الإعلام و"لوبيات" الضغط المالي وأثرياء وول ستريت (حي المال والبورصة في الولايات المتحدة).

وخلال أقل من أسبوع واحد، سرّبت الماكينة الانتخابية لكلينتون وثيقة رسمية في غاية الخطورة عن البيانات الضريبية للملياردير النيويوركي، يعود تاريخها لعام 1995، وتظهر تهربه من دفع الضرائب الفدرالية لمدة عشرين عاماً، أي ما يوازي 916 مليون دولار أميركي، وهو المبلغ الذي صرّح ترامب في الوثيقة بأنه خسره خلال ذلك العام. بعدها نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تسجيلاً صوتياً يتعلق بـ"حديث غرفة الملابس" بين ترامب وابن عم الرئيس السابق جورج بوش، مقدم البرامج التلفزيونية والإذاعية، بيلي بوش، إذ يتمادى نجم تلفزيون الواقع، وفق التسجيل المسرب، في سرد تصرفاته في ما يتعلق تقبيل النساء والتحرش بهن. ثم توالى نبش التسجيلات الإذاعية والتلفزيونية من أرشيف الثمانينات والتسعينات التي يتحدث فيها ترامب عن مغامراته ونظرياته النسائية ليبدأ بعدها فتح ملف الاتهامات بالتحرش الفعلي. وقد أعلنت خمسة نساء، حتى الآن، أن ترامب تحرش بهن جسدياً أو لفظياً. وينتظر أن تكر السبحة في الأيام المقبلة، لتظهر نساء أخريات على لائحة اللواتي تحرش بهن المرشح الجمهوري كما حصل مع النجم التلفزيوني، بيل كوسبي، الذي يواجه عشرات الاتهامات المشابهة، وأيضاً مع الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، الذي دعا ترامب إلى المناظرة التلفزيونية الأخيرة، أربعا من النساء اللواتي أقمن دعاوى تحرش ضد كلينتون أمام المحاكم الأميركية.


في المقابل، لا تزال هيلاري كلينتون تتعرض لموجات من تسريب الرسائل الإلكترونية المقرصنة، إذ تلاحقها "لعنة" هذه الرسائل منذ عامين. وبدأت تشكل لها إحراجاً فعلياً منذ عمليات القرصنة الإلكترونية لبريد الحزب الديمقراطي قبل نحو ثلاثة أشهر، ومن ثم عمليات القرصنة الإلكترونية التي تعرضت لها الحملة الانتخابية لكلينتون وحسابات عدد من مساعديها. وتتهم حملة كلينتون الاستخبارات الروسية بالقيام بعمليات القرصنة ومن ثم تسريب الوثائق إلى موقع "ويكيليكس" الذي يقوم بنشرها وفق روزنامة الانتخابات الأميركية ومن أجل دعم الحملة الانتخابية لترامب. وبات واضحاً أن ترامب يحاول الاعتماد، في حملته، على تسريبات "ويكيليكس"، التي توفر له مادة أساسية في الهجوم على كلينتون.

وقد تقدم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خطوة إضافية في محاولاته التدخل في لعبة الانتخابات الأميركية، بإعلان أحد المقربين منه، أن تصويت الأميركيين لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي يعني أنهم يقترعون للحرب مع روسيا. وحذر البيت الأبيض روسيا من رد أميركي إلكتروني قاس بعدما تأكدت أجهزة الأمن في الولايات المتحدة من قيام القراصنة الروس، التابعين لجهاز الاستخبارات الروسية، بقرصنة معلومات ولوائح تسجيل الناخبين في عدد من الولايات، آخرها قرصنة مركز انتخابي في فلوريدا، من أجل التدخل بالانتخابات ومحاولة تزوير نتائجها.

وعلى الرغم من تسريب "ويكيليكس" آلاف الرسائل والوثائق المقرصنة، لكن مفاجأة شهر أكتوبر/تشرين الأول التي وعد مدير موقع "ويكيليكس"، جوليان أسانج، بالكشف عنها، والتي من الممكن أن تلحق أضراراً كبيرة بحملة كلينتون، لم تظهر بعد. فضلاً عن ذلك، لم تنجح حملة ترامب في استخدام وتوظيف المادة التي تقدمها "ويكيليكس" في الهجوم على مرشحة الحزب الديمقراطي، ربما بسبب غرقها في مستنقع الفضائح واعتمادها استراتيجية الدفاع وتقليل الخسائر. في المقابل، نجحت كلينتون في جرّ السجال الانتخابي وتركيزه حول قضية المرأة، وهي الورقة الرابحة ضد خصمها ترامب الذي نجحت في تقديمه للرأي العام الأميركي بوصفه رجلاً غريب الأطوار ومهووساً بالنساء والجنس.

المساهمون