تذكير متواصل بحقوقهم

تذكير متواصل بحقوقهم

08 اغسطس 2017
انتهاكات متواصلة (كارل كورت/ Getty)
+ الخط -

تحاول المنظمات الحقوقية العربية، منذ سنوات عدة، إرساء مقاربة حقوقية لـقضية الإعاقة التي تتعلق بشكل مباشر بشريحة كبيرة من السكان. المقاربة الحقوقية واضحة في كونها تبتعد عن المقاربتين الطبية والخيرية. فالشخص ذو الإعاقة هو الشخص الذي تحول القوانين والثقافات دون تمكينه من نيل حقوقه، وهو الشخص الذي لا تجوز معاملته على أنّه "مريض"، ولا تجوز معاملته بـ"شفقة"، ناهيك عن عدم جواز السخرية منه ومن إعاقته ووضع الحواجز أمامه في طريقه إلى إرساء حقوقه أسوة بغيره.

تلك المقاربة الحقوقية لها خطوات إجرائية تقع تحت إطار الدمج، أي دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع، سواء في المؤسسات التعليمية أو في الوظائف أو في الترفيه أو في أيّ ناحية من نواحي الحياة يحقّ لهم أن يطرقوها ويستفيدوا منها، تحقيقاً لمبدأ المساواة مع غيرهم. فثقافة الدمج بإجراءاتها التنفيذية هي البديل الحقوقي عن ثقافة العزل، التي كانت وما زالت تسيء إلى أصحاب القضية وتستغلهم وتمعن في إبعادهم عن التمكن من أيّ حق لهم.

مناسبة هذه المقدمة لها منشآن، أولهما حقوقي - سياسي، وثانيهما إعلامي - اجتماعي.

المناسبة على الصعيد الأول متابعة القضية التي تحقق مقاربتها الحقوقية نجاحات في بعض الأحيان سرعان ما تتراجع أمام سطوة النموذج القديم وسلطته، في ظلّ تعثر أو غياب الاستراتيجيات الوطنية الماضية في اتجاه إرساء تلك المقاربة.

والمناسبة على الصعيد الثاني التذكير بالإساءة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة في وسائل الإعلام. هي إساءة يومية تتخذ وجهين رئيسيين، الأول استخدام الألفاظ المسيئة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم، وهي ألفاظ تذكّر الأمم المتحدة ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة بضرورة عدم استخدامها، من قبيل "معاق، كفيف، أعمى، أطرش، أخرس، مشلول، مجنون، كسيح، مكرسح...". والوجه الثاني استخدام مصطلحات الإعاقة المسيئة نفسها لوصف وضع ما بعيد كلياً عن الإعاقة، من قبيل وصف الوضع الاقتصادي المتعثر مثلاً بأنّه "شلل اقتصادي"، أو من قبيل وصف حكومة لا تضمّ كلّ الفرق السياسية بأنّها "حكومة بتراء" وما إلى ذلك.

في الأيام الأخيرة انتشر خبر لا أساس له يشير إلى أنّ منظمة الصحة العالمية ربطت ما بين العنوسة والإعاقة. نشر المواقع الإخبارية المتسابقة على عدد الزائرين أخبارها من دون تدقيق كارثة إعلامية، لكنّ الكارثة الاجتماعية تتمثل في القراء والمتابعين ممن أمعنوا في الإساءة والسخرية، وأخرجوا كلّ ما في ثقافة مجتمعاتهم من صور نمطية، وتمييز، وتجريح، وانتهاك لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

القضية شائكة والمسار طويل يتابعه الأشخاص ذوو الإعاقة، ونواصل معهم التذكير بالحقوق.

المساهمون