تدوينة لنقيب العمال عن "حرب أهلية" تشغل موريتانيا

تدوينة لنقيب العمال عن "حرب أهلية" تشغل موريتانيا

29 ديسمبر 2018
جانب من العاصمة الموريتانية نواكشوط (فيسبوك)
+ الخط -
أشعلت تدوينة للأمين العام للنقابة الحرة لعمال موريتانيا، الساموري ولد بي، وسائل التواصل الاجتماعي، بعيد تدوينه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن حرب أهلية بين شريحتي "البيظان" و"الحراطين" (الأرقاء سابقاً) في البلد، على نمط ما حدث في رواندا".

وتسببت التدوينة في موجة استنكار كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من يشكك في نسبتها للنقابي البارز الساموري ولد بي، مرجحين احتمال تعرض حسابه للقرصنة، ومن يصفها بأنها تشكل دعوة صريحة للفتنة بين فئات المجتمع، داعياً إلى توطيد لحمة المجتمع، وردع من يساهمون في إذكاء العنصرية في موريتانيا.

واستدعت الإدارة العامة للأمن في موريتانيا الأمين العام للنقابة الحرة لعمال موريتانيا الساموري ولد بي، صباح اليوم السبت، وحملته المسؤولية الكاملة عن ما يترتب على تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حول حرب أهلية بين شريحتي "البيظان" و"الحراطين" في البلد، على نمط ما حدث في رواندا".

وقال ولد بي في تصريحات له بعيد انتهاء التحقيق معه، إن المدير الجهوي للأمن في ولاية نواكشوط الجنوبية، استدعاه للتأكد من صحة نسبة التدوينة إليه، وهو ما أقر به الساموري، نافياً أن يكون حسابه تعرض للقرصنة، غير أن الأمن أبلغه باعتبار ما كتب يشكل تهديداً للسلم الاجتماعي في البلد، مطالباً بحذف التدوينات من الحساب، وهو ما استجاب له النقابي مباشرة بعد عودته من مقر إدارة الأمن.

وكان ولد بي قد كتب على حسابه في "فيسبوك" إن موريتانيا أمام خطر حرب أهلية بين "البيظان" و"الحراطين" على نمط رواندا، وفي التدوينة الثانية سرد ولد بي ما قال إنها وقائع لاجتماع دعت إليه وزارة الوظيفة العمومية مع نحو 30 من المنظمات النقابية، أخبرها الوزير خلاله بضرورة المشاركة في مسيرة ضد من سماهم المتطرفين العنصريين، متهماً أحد الحاضرين بتهديده بالسلاح بعد أن عبر عن رفضه الدعوة والمشاركة في المسيرة.

ونفت كافة الجهات النقابية التي حضرت الاجتماع في بيان مشترك ما قاله النقابي الساموري ولد بي، مشيرين إلى أن اجتماعهم مع الوزير أتسم بالهدوء ونقاش كل الأمور بعيداً عن ما دوّن عنه النقابي على وسائل التواصل الاجتماعي.

واشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في موريتانيا بعيد تدوينات النقابي، إذ وصفها كثيرون بأنها تساهم في توسيع الشرخ الاجتماعي بين أطياف المجتمع، وكان من الأولى عدم صدورها من نقابي بارز يعي ما يقول.

وقال المدون والشاعر أحمد أبو المعالي: "لا أفهم إلا شيئاً واحداً...هو أن إشعال الفتنة جريمة شرعاً وقانوناً... وأن من يشعلها سيكون وقوداً لها. وويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون. وأن أي قول أو فعل من أي طرف أياً يكن يذكيها مرفوض ومدان اللهم سلم".

وعلّق في تدوينة أخرى قائلاً: "على الدولة أن تأخذ على يد من ينفخ بأي طريقة في كير الفتنة وأن تحاسب من سعى أو يسعى لزرع الشقاق بين إخوة الدين والوطن".


القيادية في حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض، منى بنت الدي، كتبت: "الكذب حبله قصير جداً. أكثر ما يضر القضايا الكبرى والسياسيين ويشوههم هو الكذب. والكذب في القضايا الحساسة جريمة كبرى. على النظام والحقوقيين ترك هذا المجتمع الهش الفقير يعيش بسلام".

وأضافت في تدوينة أخرى أن مسيرة الحزب الحاكم وما جاء في صفحة الساموري ولد بي "نفخ في كير نار لم توقد ولن يتركها أهل موريتانيا توقد. وراء الأكمة ما وراءها وولد عبد العزيز ومخابراته يلعبون لعبة خطرة أكبر من حجمهم جميعاً، لذلك فإن الوطن والسلم الأهلي خط أحمر عند الشعب وعند الجيش وعند من ترونهم في صفكم الآن".


وقال الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" الإسلامي، محمد جميل ولد منصور: "تابعت التطورات ذات الصلة باجتماع وزارة الوظيفة العمومية يوم أمس وتداعياته المختلفة والمقلقة، وبعد ما أمكن من التحري والمقارنة رأيت أن أدلي بوجهة نظري في قضية يخشى من مخاطرها حدثا وتداعيات:

1 - الراجح أن الاجتماع شهد نقاشاً فيه حدة واستعملت فيه عبارات نابية ذات نفس عنصري، وإن ذكر أن أغلبها كان من شخص لا يشتهر في الوسط النقابي وأن نفس الشخص هو من خاطب السيد الساموري وذكر السلاح والاستعداد لحمله دون أن يؤكد أي من الحضور، باستثناء الساموري طبعاً، إخراجه لأي سلاح أو تلويحه به.

2 - اتفق الجميع أن السيد الوزير، بغض النظر عن صيغة ذلك والعبارات المختارة له، وظف الاجتماع للتعبئة لمسيرة حزبه (الاتحاد من أجل الجمهورية) واعتبرها نقطة من ضمن نقطتين هما جدول أعمال اللقاء، وهو ما استدعى معارضة نقابيين حاضرين.

3 - كان استدعاء الشرطة للسيد الساموري ولد بي وحده دون أي خبر عن استدعاء السيد المذكور والذي أساء وهدد استفزازاً لا يناسب ويزيد الطين بلة.

4 - لا يناسب في هذه الأجواء المشحونة استعمال اللغة المثيرة ولا استدعاء نماذج كرواندا ونحوها فتلك مبالغة لا تليق بالمسؤولين في ميدان الشأن العام.

5- لا ينبغي التهوين من التجاوز الواضح للوزير باستغلال مرفق عمومي لدعاية سياسية حزبية، وهنا فإن هذه المسيرة تحولت إلى خطوة تنغص على السكينة وتوتر أجواء اجتماعية مقلقة أصلاً.

6 - إن أي خطوة (مسيرة أو مهرجان أو أي فعالية أخرى) يراد لها أن تخدم الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي يلزم في شأنها شرطان: مضموني وإجرائي، فأما المضموني فأن تكون ضد التطرف والكراهية من ناحية وضد الظلم والحيف والتهميش من ناحية أخرى، وأما الإجرائي فأن لا يعلن عنها طرف لوحده بل تبدأ الاتصالات وتكون الدعوة مشتركة وكذا التنظيم والبرنامج وغير ذلك اجتزاء وانفرادية".


أما الصحافي محمد محمود ولد أبو المعالي، فقد كتب "لا مراء في أن تحقيق العدالة الاجتماعية مطلب مشروع، وغاية نبيلة، والسعي في سبيلها واجب مقدس، ولا شية في الجهر بالقول طلباً لذلك وإنشاداً له، ولا غرو إن اختلف شركاء الوطن حيال أساليب وآليات تحقيقه، فاختلاف وجهات نظركم ومطامحكم، كاختلاف ألسنتكم وألوانكم، إن في ذلك لآيات للعالمين، لكن ما لا يختلف عليه اثنان أنه لا سبيل لتحقيق عدالة اجتماعية أو انسجام وطني أو سلم أهلي أو رفع حيف وغبن، بمثل هذه الأساليب الوعيدية التهديدية، فهي وهن وخوار أشبه بخوار العجل الذي أُخرج بعد غيبة موسى عن قومه، وندهة وهيعة منبتة عن دين وقيم هذا المجتمع بكل شرائحه وأعراقه، لا أرضا قطعت ولا ظهرا أبقت، تماما كانبتات كثير من مخلفات الماضي عن تعاليم الدين وقيمه".

وتابع: "تبقى الحقيقة التي لا غبار عليها أن التطرف أياً كان هو ابن بيئة ظالمة، إن وجدت فذلك غوره المنشود وملعبه الموعود، وإن عم العدل وانتشرت الطمأنينة، غار التطرف وغيض نبعه، ونفقت حيتانه على شاطئ العدل والحرية".

وأضاف: "كما أنه لا مندوحة من القول إننا لسنا مجتمعاً فاضلاً مثالياً، طمست فيه الفوارق واختفت إلى حد النسيان المطلق، كما لا صحة البتة للقول إننا نعيش في جلباب عصور الطبقية الجاهلية الماحقة، بل نحن مجتمع ورث ظلماً اجتماعياً، لا ينكره إلا مكابر، والتخلص منه وغسل ما ران من أدرانه على جسد أمتنا، لن يتم إلا بالتعاضد والتناصف ونبذ تلك المظالم ورفضها وإدانتها، ومعالجة اختلالاتها، والنأي عن مثل هذه الخطابات والدعوات التحريضية المهلكة، واستحضارنا جميعاً أن هذا الماضي المؤلم إنتاج أمم قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ومحاسبة الحاضر بجنايات الماضي تنطع وظلم لأجيال اليوم ومحاسبة لها بما لم تقترف أيديها.

أما التطرف في الدعوة إلى البغضاء والفوضى، كالتطرف في نفي الماضي البشع ونكران تبعاته المؤلمة، فهو استكبار وإيقاظ للفتنة من مرقدها.. واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".


المدون محمد أحيد سيدي محمد، كتب "لماذا سحب النقابي الساموري تدوينته بعد عودته من التحقيق!! هل لأنه أمر بذلك من طرف المحققين!! وإن صح، فلماذا يستجيب لضغوط تغييب الحقيقة!!".

دلالات

المساهمون