تخوّف مصري من حراك السودان في حلايب وشلاتين

تخوّف مصري من حراك السودان في حلايب وشلاتين

07 اغسطس 2020
لم تنجح اللقاءات الرسمية في حل ملف حلايب وشلاتين (إبراهيم حميد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة عن مشاورات بين مصر والسودان، بشأن ملف حلايب وشلاتين، في ظل ما تصفه دوائر مصرية بتصعيدٍ خطير وغير مبرر لهذا الملف في الوقت الراهن. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن دوائر سياسية في السودان تتحرك بشكل مكثف في ملف مثلث حلايب وشلاتين، التي يصفونها بـ"الأراضي المحتلة" من جانب مصر، مضيفة "أن دوائر سيادية مصرية قدمت تقريراً لرئاسة الجمهورية بضرورة التعامل الجدي والسريع مع التحركات السودانية التي بدأت تأخذ طابعاً دولياً". ولفتت إلى أن "حلايب وشلاتين ستكون ملف الساعة خلال الأيام القريبة المقبلة، وذلك بسبب عملية تسخين من أطراف سياسية سودانية". وكشفت المصادر أن السودان تحرك لدى مؤسسات دولية بهدف وقف العمل في عدد من المشروعات بمثلث حلايب وشلاتين، بدعوى أنها مناطق متنازع عليها، لافتة إلى أن الإدارة المصرية في مأزق بالغ وشديد الحساسية، لحاجة القاهرة في الوقت الراهن للخرطوم؛ لتوحيد المواقف في أزمة سد النهضة الإثيوبي. ولفتت المصادر إلى أن أطرافاً سياسية سودانية، بعضها مشارك في مجلس السيادة، وبعض القوى السياسية المعارضة، ترى أن الوقت الراهن هو الأنسب لتضغط الخرطوم لاسترداد ما تصفه "بحقها التاريخي" في تلك المنطقة، مثلما استغلت السعودية، في وقت سابق، الأزمة الاقتصادية التي كان يمر بها النظام المصري للحصول على جزيرتي تيران وصنافير. وأشارت المصادر إلى أن الأطراف السودانية التي تسعى لتحريك ملف حلايب وشلاتين، تعتقد أنه بإمكانها استغلال ذلك الملف لدعم الاقتصاد، والمساهمة في إخراج بلادهم من عثرتها الاقتصادية، من خلال مجموعة تصورات لا تقتصر على استرداد تلك المنطقة فقط.

تصورات عدة لدى أطراف سودانية بشأن كيفية استغلال منطقة حلايب وشلاتين لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية ممكنة

وكشفت أن هناك تصورات عدة لدى أطراف سودانية بشأن كيفية استغلال منطقة حلايب وشلاتين لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية ممكنة، خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن من بين تلك الأفكار، تصوراً يقضي باستغلال المنطقة لإقامة مشروعات مشتركة بين القاهرة والخرطوم للاستفادة من المنطقة الغنية بالذهب. وأوضحت المصادر أن "القاهرة شرعت في مشاورات بشأن ملف حلايب مع جهات سودانية، على أمل إرضاء القوى الساعية لافتعال أزمة في الوقت الحالي". وسبق لرئيس المفوضية القومية للحدود في السودان، معاذ أحمد محمد تنقو، أن ذكر، في وقت سابق من الشهر الماضي، أن سلطات بلاده نجحت في إيقاف نشاط بعض الشركات العالمية المستثمرة في معادن الذهب والمنغنيز وغيرها في حلايب وشلاتين. وأكد أن السودان ماضٍ في سياسته حفاظاً على حقوقه التاريخية في المنطقة، مضيفاً: "لا توجد ذرة شك أن حلايب وشلاتين سودانية، وكل ما يقوم به المصريون ليس إلا محاولة منهم لمغالطة الواقع". وأشار إلى أنهم في المفوضية يمتلكون كل الوثائق التاريخية والجغرافية التي تثبت ذلك، إلا أنه عاد وقال: "لكننا لسنا جهة تتخذ القرار، بل نقدم هذه المعلومات للجهات السيادية صاحبة القرار لممارسة الفعل السياسي والقانوني على ضوئها". وأضاف تنقو أن وسائل الإعلام السودانية ظلت تنشر صور خرائط غير صحيحة للسودان، محذّراً من ذلك. واعتبر أن هذا الأمر خطير للغاية "لأنه يعدّ دليل إدانة واضحاً ضدنا في المحاكم الدولية".

القاهرة ثابتة على موقفها لناحية عدم استعدادها للتفاوض تحت أي ظرف على تلك المنطقة

أما القاهرة فثابتة على موقفها منذ فترة طويلة، تحديداً لناحية عدم استعدادها للتفاوض تحت أي ظرف على تلك المنطقة، باعتبارها مصرية خالصة. مع العلم أن الحكومة السودانية طلبت من مجلس الأمن الدولي بشكل رسمي، وفقاً لتقارير صحافية سودانية في يونيو/حزيران الماضي، إبقاء قضية النزاع حول مثلث حلايب في جدول أعمال المجلس لهذا العام. ويعد هذا الإجراء روتينياً منذ عام 1958، لكنها المرة الأولى منذ سقوط نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير العام الماضي. وكان السودانيون قد قدموا شكوى في عام 1958، حين أوشكت بلادهم على الدخول في مواجهة عسكرية في المثلث، واتهمت الخرطوم وقتها الجيش المصري بمحاولة احتلال المنطقة. وتقع منطقة حلايب وشلاتين على الحدود بين مصر والسودان، وتبلغ مساحتها 20 ألف كيلومتر مربع على ساحل البحر الأحمر. وتُعدّ حلايب بوابة مصر الجنوبية، وتقطنها قبائل تمتد بجذورها التاريخية بين الجانبين المصري والسوداني، وتتنقل بسهولة عبر الحدود، وتتصل بالسويس عبر بئر شلاتين وأبو رماد، وتتصل حلايب أيضاً ببورسودان. وتبلغ المسافة من السويس - حلايب - بورسودان حوالي 1485 كيلومتراً تقريباً. وتتمتع منطقة حلايب بأهمية استراتيجية لدى الجانبين المصري والسوداني، فمصر تعتبرها عمقاً استراتيجياً مهماً لها، والسودان يعتبرها عاملاً مهماً في الحفاظ على وحدته واستقراره السياسي.