تحميل نتنياهو مسؤولية إلغاء مباراة الأرجنتين في إسرائيل

غضب إسرائيلي بعد إلغاء مباراة الأرجنتين وتحميل نتنياهو المسؤولية

06 يونيو 2018
نتنياهو مارس ضغوطاً على الرئيس الأرجنتيني (جاك كيز/فرانس برس)
+ الخط -

أثار قرار منتخب الأرجنتين لكرة القدم إلغاء المباراة الودية مع المنتخب الإسرائيلي غضب أعضاء كنيست ووزراء في الحكومة الإسرائيلية، في مقابل انتقادات من أعضاء كنيست، اعتبروا أن تعامل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزيرة الثقافة والرياضة، ميريت ريجف، مع الموضوع، وإصرارهما على جعله جزءا من الاحتفالات بمرور سبعين عاماً على إقامة إسرائيل، ونقل المباراة من حيفا إلى القدس، كانا وراء القرار الأرجنتيني.

ولم تخل ردود الفعل الإسرائيلية من النفاق، خاصة من خلال تباكي مسؤولين إسرائيليين، وعلى رأسهم الرئيس الإسرائيلي رؤبين ريفلين، على ما اعتبروه "توريطا للرياضة في السياسة". 

وأعلن ريفلين صباح الأربعاء أن "هذا صباح محزن للمشجعين، ومن ضمنهم بعض أحفادي، لكن هناك قيما أكبر من (ليونيل) ميسي نفسه. تسييس الرياضة الواضح في الخطوة الأرجنتينية يثير قلقي كثيرا، فحتى في فترات صعبة بذلنا كل جهد لإبقاء اعتبارات غير رياضية صرفة خارج الملاعب، ومن المؤسف أن منتخب الأرجنتين لم يحافظ على هذه الاعتبارات هذه المرة".

وجاء تعقيب ريفلين هذا وادعاءاته التباكي على المعايير الرياضية، علما أن الأندية الرياضية وخاصة أندية كرة القدم، تأسست منذ ثلاثينيات القرن الماضي على أسس سياسية، فكانت أندية اليسار والوسط تابعة لفرق "هبوعيل"، وتعني العامل، أما أندية اليمين فحملت اسم "بيتار"، وهي التابعة للحركة الصهيونية التنقيحية لليمين الصهيوني في عهد الانتداب البريطاني، وأشهر فرقها نادي "بيتار" القدس المعروف بعنصريته العمياء للعرب، والذي يحظى بتأييد ريفلين نفسه إلى جانب ميريت ريجف.

من جهته، زعم وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، أن لاعبي الأرجنتين خشوا على حياتهم من أن يتم الاعتداء عليهم في القدس، و"بدلا من أن يفحصوا الأمر معنا قرروا إلغاء المباراة. لقد شهدنا هنا عمليات تحريض وتهديد بالعنف من جانب الفلسطينيين والإرهابي جبريل الرجوب"، وفق زعمه.

وانضم وزير المواصلات ولاستخبارات، يسرائيل كاتس، إلى أقوال أردان مذكرا أن ميسي نفسه سبق له أن زار القدس سوية مع فريق برشلونة، وزار "حائط المبكى (المسمى اليهودي لحائط البراق)عام 2013، كما زارها أيضا (دييغو) مارادونا عام 1986، وفازت الأرجنتين بعد ذلك بكأس العالم. ما الذي تغير؟ عدة تهديدات أطلقها جبريل الرجوب فتراجعوا. على أية حال أنا من مؤيدي منتخب البرازيل".

أما وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، فادعى أنه "من المؤسف عدم صمود فرسان كرة القدم الأرجنتينيين أمام تحريض كارهي إسرائيل، الذين يملكون هدفا واحدا فقط هو المس بحقنا الأساسي بالدفاع عن أنفسنا، وأن يسعوا لإبادة إسرائيل. لن نرضخ لمجموعة من معادي السامية المناصرين للإرهاب".

في مقابل هذا الخطاب الرسمي، فإن أعضاء كنيست من المعارضة لم يتوانوا عن توجيه الاتهام لرئيس حكومة الاحتلال نفسه. 

وفي السياق، غرد زعيم حزب "ييش عتيد"، يئير لبيد، على "تويتر" قائلا إن "المشكلة الأكبر لهذه الحكومة هي أن كل تعاملها مع حركة BDS (حركة مقاطعة إسرائيل) يتم بإهمال. تذاكر المباراة تم بيعها بأسلوب الفهلوة، الحرب ضد حركة المقاطعة نقلت لوزارة الأمن الداخلي لأسباب سياسية، وزيرة الرياضة والثقافة تتنكر لوزيرة الخارجية، وفي النهاية لا أحد يقوم بعمله، والنتيجة أن منتخب الأرجنتين لن يصل إلى البلاد".

وعلى خطاه سار زعيم حزب المعسكر الصهيوني أفي غباي، الذي اتهم نتنياهو وميريت ريجف بالمسؤولية عما حصل. وقال غباي: "لقد انفجر لغم في وجهنا. المسألة ليست رياضة فحسب، نحن أمام إعصار سياسي، وبالنسبة للتعامل الفاسد لوزيرة الرياضة– بدءا من مراسم الاستقلال، ومرورا باحتفالات ساحة تايمز سكوير، وحتى الأرجنتين، فهي توجب إجراء تحقيق شرطي. هذه دولتنا، وضرائبنا، وكرامتنا الوطنية، وليست ماكينة انتخاباتها التحضيرية في حزبها".

وقال عضو الكنيست إيتسيك شموليك، من حزب المعسكر الصهيوني هو الآخر: "بدلا من مباراة كرة قدم، رغبت ميريت ريجف بالسياسة، وكان لها ما أرادت. من سيدفع الثمن هم مشجعو الفريق، نحن أمام مشكلة عصيبة أعطت زخما كبيرا لحملة حركة المقاطعة الدولية".

وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يتسحاك هرتسوغ، ملخصا ما حدث بأنه "هدف ذاتي رهيب لكل الناطقين باسم الحكومة الذين يعدوننا بأن وضعنا السياسي ممتاز. من يحتفل الآن هو حركة المقاطعة. هذا فشل كبير للحكومة التي تدفن رأسها في الرمل".


صحف تنتقد نتنياهو وريجف

من جهتها، لم تُخفِ الصحافة الإسرائيلية، صباح اليوم، خيبة أملها من قرار الأرجنتين إلغاء المباراة الودية، خاصة بعد التبجح الإسرائيلي بشأن موقع المباراة في حيفا، والتي يروق لدولة الاحتلال تسويقها على أنها مدينة التعايش اليهودي- العربي، وتحديداً في استاد تيدي كوليك على أرض قرية المالحة المهجرة، والتي ضمتها إسرائيل إلى القدس المحتلة وجعلتها حياً "إسرائيلياً". 

وإلى جانب خيبة الأمل من القرار الأرجنتيني، جاءت خيبة الأمل من الهزيمة الإسرائيلية مقابل ما اعتبره الطرف الإسرائيلي "انتصاراً فلسطينياً" بعد استجابة الأرجنتين لمطالبه بإلغاء المباراة.

ووجهت الصحف الإسرائيلية انتقادات شديدة اللهجة لسلوك كل من رئيس حكومة الاحتلال، ووزيرة الرياضة والثقافة، وإصرارهما على نقل المباراة إلى القدس المحتلة، وتصويرها وكأنها تأييد أرجنتيني وجزء من الاحتفالات بمرور سبعين عاماً على قيام دولة الاحتلال، وفي سياق الاحتفالات بنقل السفارة الأميركية إلى المدينة.

وأشارت "يديعوت أحرونوت" في هذا السياق إلى أن "نتنياهو حاول، عند منتصف الليلة الماضية، من مقر وجوده في باريس، حيث يقوم بجولة أوروبية، ممارسة الضغوط على الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، لتغيير قرار منتخب بلاده"، مستغلاً علاقته الشخصية به، لكن جهات سياسية رفيعة المستوى قالت للصحيفة إنه "على الرغم من التأثير الذي يملكه الرئيس الأرجنتيني، لا يستطيع إلزام المنتخب بالوصول إلى إسرائيل لإجراء المباراة".


وكانت دولة الاحتلال، وتحديداً وزيرة الرياضة والثقافة، تباهت في الأيام الأخيرة بالمباراة الودية التي كان يفترض إجراؤها في ملعب تيدي كوليك في القدس المحتلة، كـ"تكريس لإعلان القدس العاصمة الأبدية" لدولة الاحتلال، وهو ما أثار معارضة شديدة في الأرجنتين، ومن الجانب الفلسطيني، الذي مارس ضغوطاً كبيرة لثني منتخب الأرجنتين عن قراره، خاصة وأن الاتفاق المبدئي والأولي تحدث عن إجراء المباراة في مدينة حيفا، لكن الهوس الإسرائيلي لحكومة اليمين الإسرائيلي، وبإيعاز من نتنياهو نفسه، ووزيرة الرياضة، دفع لمحاولة تسخير المباراة لصالح مواقف الاحتلال. 

واستجاب منتخب الأرجنتين لنداءات الجماهير الفلسطينية، وأعلن مساء الثلاثاء إلغاء المباراة الودية التي كان من المقرر أن تجمعه ضد منتخب دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في إطار استعداداته لخوض نهائيات كأس العالم الشهر الحالي في روسيا.

وبحسب صحيفة "أوليه" الأرجنتينية، فقد أعلن الجهاز الفني للمنتخب الأرجنتيني بقيادة سامباولي، تعليق تلك المباراة الودية بعد مطالبات جماهيرية، رداً على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني.

وجاء قرار سامباولي نتيجة تخوفه من لعب المباراة في ظل تلك الظروف، وبسبب المطالبات الواسعة التي انطلقت من فلسطين لإلغائها، في الوقت الذي أكدت فيه الصحيفة أن سامباولي سيسعى للعب مباراة في برشلونة، ومن هناك سيسافر إلى روسيا لخوض المونديال.