وتلقّى ترامب ضربة موجعة، هذا الأسبوع، بعدما دانت هيئة محلفين أميركية، بول مانافورت المدير السابق لحملة ترامب الانتخابية، بالاحتيال، الثلاثاء، في أول محاكمة تنجم عن التحقيق في تدخّل روسيا المحتمل في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت عام 2016.
كما أقرّ محامي الرئيس ترامب السابق مايكل كوهين، بثماني تهم موجهة إليه، بينها الاحتيال وخرق قوانين تمويل الحملات الانتخابية، مشيراً إلى أنّه سدد، بطلب من ترامب، مبلغي 130 ألف دولار و150 ألف دولار لامرأتين ادعتا أنّهما أقامتا علاقات مع موكله، وذلك من أجل شراء سكوتهما "بهدف التأثير في الانتخابات".
ولفت المحللان الإسرائيليان، إلى هذه التداعيات "الخطيرة المرتقبة"، لا سيما في ظل حالة "التطابق في المصالح والرؤى" التي يصرّ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على التباهي بوجودها بين إدارة ترامب وبين حكومته، والتي تجلّت بشكل خاص في تبنّي إدارة ترامب المواقف الإسرائيلية في مسألة القدس المحتلة، بعد الإعلان في ديسمبر/كانون الأول الماضي الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها.
كما أشارا إلى قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وتبنّي المطالب الإسرائيلية بشأن فرض عقوبات اقتصادية على طهران، وقيود على مشروعها الصاروخي، ومواجهة نفوذها في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، نشر يوعز هندل رئيس معهد الاستراتيجية الصهيونية، والذي سبق له أن عمل قبل عشر سنوات تقريباً مستشاراً إعلامياً لنتنياهو، وموظفاً كبيراً في ديوانه، مقالاً في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الجمعة، أشار فيه إلى التداعيات المرتقبة على إسرائيل، في حال تواصل تدهور الوضع القانوني للرئيس ترامب.
ويستهلّ هندل مقالته بالقول إنّه، من وجهة النظر الإسرائيلية، فقد "أحدث ترامب ثورة. فمنذ بدء ولايته تحسّنت مكانتنا الاستراتيجية، ونجاحات نتنياهو في الحلبة الدولية هي إلى حد كبير نتيجة لوجود ترامب في البيت الأبيض. وفي الطريق إلى هذا الموقع، تحوّلنا إلى مسألة داخلية تخص الحزب الجمهوري الأميركي. وقد كان هذا الأمر لغاية الآن في صالحنا، لكن الديمقراطيين الذين يتجهون نحو مزيد من التطرّف في مواقفهم، باتوا يعتبروننا جزءاً من ميراث ترامب. وفي ضوء الوضع الناشئ الآن، فإنّ سقوط ترامب سيضرّ بإسرائيل استراتيجياً".
وأضاف: "لقد وضعنا كل البيضات في سلة واحدة. لقد فشل (باراك) أوباما فشلاً ذريعاً، لأنّه لم يدرك أنّهم في هذه المنطقة يفهمون لغة القوة. ترامب يتحدّث كرجل أمن محنّك، لكن ذلك لا ينجح أيضاً".
من جهته، اعتبر محلل الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أنّ "جناحي الفراشة في واشنطن؛ من خلال الضربتين اللتين تلقاهما ترامب هذا الأسبوع، من شأنهما أن يتطورا لاحقا ليتحوّلا إلى إعصار شرق أوسطي".
ومع أنّ هرئيل يشير إلى أنّ "ترامب تمكّن، لغاية الآن، من أن ينجو من عدة ورطات وقع فيها، فإنه، حتى هذه المرة، يبدو أن الطريق إلى عزله من الحكم لا يزال طويلاً".
وتابع: "لكن في ضوء العلاقات الشخصية الوثيقة بين نتنياهو وبين ترامب، والتماهي في المصالح بشكل شبه مطلق والذي تكرر إبرازه والتلويح به مرة أخرى، هذا الأسبوع، خلال زيارة مستشار الأمن القومي جون بولتون، إسرائيل، فقد بدأت المحافل السياسية في إسرائيل أيضاً تتابع بقلق المصائب القانونية التي يواجهها ترامب".
وعلى غرار هندل، يشير هرئيل إلى أنّ نتنياهو "حقق، في ربيع هذا العام، نجاحات سياسية، تمّت ترجمتها إلى تفوّق كبير في الاستطلاعات الداخلية في إسرائيل"، مضيفاً أنّ "تعزيز مكانة نتنياهو، اعتمد إلى حد كبير، وفق النتائج التي خرجت بها هذه الاستطلاعات، على العلاقة الوثيقة مع ترامب: انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وسلسلة تصريحات ترامب، والتي يبدو وكأنّها أخذت من رسالة، أو خطة دعاية إسرائيلية".
ليس هذا فحسب بل، يضيف هرئيل: "إنّ نتنياهو زاد من كيل المديح لترامب، كلما بدا أنّ الأخير يوغل في مشاكله الداخلية، فيما تصاعدت وتيرة العداء بين نتنياهو والمقربين منه، وبين الحزب الديمقراطي الأميركي، لا سيما المقربين من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والجناح اليساري في الحزب".
وبحسب هرئيل، "إذا تواصلت حلقات ما يحدث في الولايات المتحدة، وملفات ترامب، فإنّ ذلك يعني مزيداً من السياسات الغريبة في إدارة ترامب لجهة تولّي دفة الأمور، وهو ما سيكون له تأثير أيضاً في الشرق الأوسط: بدءاً من قرار محتمل ووارد بإلغاء (صفقة القرن) بين إسرائيل والفلسطينيين، التي تأخر عرضها، وصولاً إلى ارتداع ترامب نفسه عن السير بخطوات فعلية لوقف وصد النفوذ الإيراني في المنطقة".
وبما أننا نتحدّث عن ترامب، يقول هرئيل في إشارة إلى التناقضات في شخصية ترامب وتصريحاته، فإنّ "كل سيناريو يصبح محتملاً ووارداً". مع ذلك، يمضي هرئيل قائلاً، إنّ "استمرار بقاء ترامب في البيت الأبيض من شأنه أن يوضح لحكومة نتنياهو أنّ الاعتماد الزائد على رئيس أميركي، مهما كان قوياً ومناصراً قد تكون له تداعيات سلبية".
وأضاف: "فلكل رئيس أميركي حسابات واعتبارات داخلية قد تتغلّب على أهوائه الشخصية. لا يوجد أي رئيس أميركي مضمون في جيب إسرائيل، والتحرّك في الساحة الدولية مرهون ومتعلّق أيضاً بالعلاقات مع مراكز وموازين قوى أخرى خارج واشنطن".