تحقيق مولر بمراحله الأخيرة...وتركيز على عشاء مانافوروت وشريكه الروسي

تحقيق مولر بمراحله الأخيرة... وتركيز على عشاء مانافوروت وشريكه الروسي

13 فبراير 2019
أصدر ترامب مواقف توافقت مع سياسة الكرملين(Getty)
+ الخط -

أبلغ المدعي العام الأميركي أندرو ويسمان قاضياً فدرالياً الأسبوع الماضي، أن اللقاء الذي أجراه بول مانافورت، رئيس حملة دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية، مع موظف روسي يدعى قسطنطين كيليمنيك، في العام 2016، بحضور نائب الحملة ريك غايتس، هو في صلب التحقيق الذي يجريه روبرت مولر، المحقق الخاص في التدخل الروسي بانتخابات الولايات المتحدة الرئاسية لذلك العام، والتي فاز بها ترامب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وكان السباق الرئاسي الأميركي قد وصل إلى مرحلة حساسة عندما التقى مانافورت كيليمنيك، الذي يقول المدعون أن علاقات تربطه بالاستخبارات الروسية، على مائدة عشاء في مانهاتن، في مكان ليس ببعيد عن برج ترامب، يدعى حانة "غراند هافانا روم"، أو "غرفة الغراند هافانا". وكان كيليمنيك يعمل كموظف في شركة مانافورت وغايتس الاستشارية الدولية، وحضر خصيصاً الولايات المتحدة للمشاركة في اللقاء.

وخلال الأيام الماضية، ظهر اللقاء الذي حصل في آب/أغسطس 2016، كنقطة ارتكاز مهمة في تحقيق مولر، بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" اليوم الأربعاء. ويعتقد المدعون العامون المنخرطون في التحقيق أنه خلال ذلك العشاء، قد يكون مانافورت وكيليمنيك تبادلا معلومات مهمة مرتبطة بروسيا وترشح ترامب.

واستناداً إلى نسخة محررة من جلسة استجواب جرت في الرابع من فبراير/شباط الحالي، فقد ناقش الرجلان، اللذان انضم إليهما غايتس في وقت ما خلال اللقاء، اقتراح حلّ لأزمة أوكرانيا، وهي قضية مهمة جداً بالنسبة للحكومة الروسية.

وخلال جلسة الاستماع، بحسب نسخة الجلسة كما قالت الصحيفة الأميركية، فقد لمح القاضي إلى موضوع آخر قد يكون تمّ التواصل حوله في لقاء "غرفة هافانا" في مانهاتن، إذ يعتقد أن مانافورت سلّم صديقه الروسي بيانات استطلاعات أجرتها الحملة حول ترشح دونالد ترامب.

واعتبرت "واشنطن بوست" أن هذه التفاصيل الجديدة توفر معلومات مهمة تتعلق بآخر القضايا التي يحقق بها مولر، مع إشراف تحقيقه الذي استمر حوالي 21 شهراً، على الانتهاء، كما تسلط الضوء على اهتمامه العميق بلقاء الـ"غراند هافانا"، والذي انتهى بمغادرة الرجال الثلاثة اللقاء عبر مخارج مختلفة، كما سجلت القاضية آمي بيرمان جاكسون.

من جهته، قال المدعي العام ويسمان خلال جلسة الاستماع إن أحد أبرز مهمات مولر هي التحقيق بالعلاقات والتواصل بين الأميركيين والروس خلال سباق 2016 الرئاسي، وتحديد ما إذا كان مساعدو ترامب قد تآمروا مع التدخل الروسي للتأثير على نتائج الانتخابات.

ولم يجب كيليمنيك على طلب من "واشنطن بوست" للتعليق. وهو كان أنكر في بيان صدر عنه في العام 2017 أي علاقة له مع الاستخبارات الروسية، مؤكداً أن لقاء الـ"غراند هافانا" لم يتطرق إلى مسائل سياسية، بل تبادل فقط حينها مع مانافورت معلومات حول "فواتير لم يدفعها زبائن الشركة الاستشارية" و"المشهد السياسي في أوكرانيا"، التي عمل بها مانافورت لعقد من الزمن كمستشارٍ سياسي قبل أن ينضم إلى حملة ترامب.

ولطالما أثيرت تساؤلات حول الأسباب التي دفعت مانافورت لقطع مهامه بخضم حملة ترامب، للقاء كيليمنيك في مانهاتن، وهو اللقاء الذي كشفت عنه "واشنطن بوست" للمرة الأولى في العام 2017.

وقال مسؤول استخباري سابق إن تفاصيل ما حصل خلال ذلك اللقاء، تعتبر "الأكثر أهمية والتطور الأكثر دلالة" المتعلق بالتحقيق.


وقال المدعون العامون إن من بين الشهادات الكاذبة التي أدلى بها مانافورت أمام المحققين خلال الأشهر الماضية، هي تلك التي تتعلق بلقاء آب 2016 وأنواع أخرى من التواصل مع كيليمنيك. لكن محامي مانافورت يؤكدون أن وكيلهم لم يكذب، رغم اعترافهم بأنه أدلى بشهادات متضاربة.

وقالت القاضية جاكسون إنها قد تصدر حكمها اليوم الأربعاء حول ما إذا كان مانافورت قد كذب خلال التحقيق، وهو قرار قد يؤثر على الحكم الذي سيصدر بحقه في مارس/آذار المقبل.

توقيت حساس

وجرى لقاء "غرفة الغراند هافانا" في توقيت حساس بالنسبة للسباق الرئاسي. فقبله بأسبوعين، انفجرت قضية دور روسيا في الحملة الانتخابية بعدما نشرت "ويكيليكس" آلاف الرسائل الإلكترونية المسروقة من بريد الحزب الديمقراطي، ووجه أنصار المرشحة كلينتون أصابع الاتهام فوراً في ذلك إلى روسيا، وهو موقف احتضنته لاحقاً جميع وكالات الاستخبارات الأميركية. وبدلاً من إدانة الكرملين، سخر المرشح ترامب آنذاك من القضية، وطلب من موسكو بتهكم "استرجاع" بريد كلينتون الذي محته خلال تبوئها منصب وزيرة الخارجية في عهد باراك أوباما.

ولاحقاً، أصدر ترامب سلسلة مواقف علنية بدا من خلالها متوافقاً مع سياسة الكرملين المتعلقة بمسائل خارجية.

وفي المحكمة الأسبوع الماضي، ركّز المدعون العامون على أسباب رغبة مانافورت بلقاء كيليمنيك في ذلك التوقيت بالذات.

وأظهر بريد إلكتروني اطلعت عليه "واشنطن بوست" أن مانافورت كان ينظر إلى كيليمنيك وعلاقته بسياسيين أوكرانيين رفيعين، وبالملياردير الروسي أوليغ دريباسكا، كعاملٍ مهم لتطوير دوره كرئيس لحملة ترامب، وهو دور غير مدفوع. وبحسب الوثائق، فقد تواصل الرجلان مراراً خلال فترة إدارة مانافورت لحملة ترامب.

وكان المدعون العامون قد سجلوا العام الماضي، أن ريك غايتس أبلغهم بأنه سمع من كيليمنيك تأكيداً بأنه عمل سابقاً في وحدة الاستخبارات الروسية العسكرية "GRU"، وهي الوحدة المتهمة بهندسة التدخل في انتخابات العام 2016 الرئاسية في الولايات المتحدة. وخلصت الاستخبارات الأميركية إلى أن ارتباطات كيليمنك مع نظيرتها الروسية بقيت متواصلة خلال العام 2016.

وفي نسخة من جلسة الاستماع التي حصلت الأسبوع الماضي، بحسب "واشنطن بوست"، فقد برزت علامات على أن لقاء مانهاتن شهد اطلاع كيليمنيك على داتا خاصة، تتعلق بنتائج استطلاعات السباق إلى البيت الأبيض، وهو أمر يقول المدعون إن مانافورت قدم شهادة كاذبة حوله.


ولكن بحسب الصحيفة أيضاً، فإن ما أطلع مانافورت عليه شريكه الروسي تحدبدا، يبقى غير واضح، وهو محل نقاش لدى المحققين. ففي الساعات التي سبقت اللقاء المسائي، طلب مانافورت من غايتس عبر البريد الإلكتروني أن يطبع له مواد سيستخدمها خلال اللقاء، لكن هذه المواد لم يكشف عنها حتى الآن.

وبسبب عمله لفترة طويلة كمساعد لمانافورت في شركة الاستشارات، تمتع كيليمنيك بخبرة طويلة في استخدام والاستفادة من استطلاعات الرأي.

وليس واضحاً كذلك المدة التي قضاها الأخير في الولايات المتحدة بعد لقاء مانهاتن.