تحريض إسرائيلي على "التجمع الوطني الديمقراطي" لتبرير الفاشية الكهانية

تحريض إسرائيلي على "التجمع الوطني الديمقراطي" لتبرير الفاشية الكهانية

22 فبراير 2019
التجمع الوطني الديموقراطي(فيسبوك)
+ الخط -

استهلّ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، حربه ضد حزب "كحول لفان" بقيادة الجنرال بني غانتس بالقول إن غانتس ولبيد يسعيان "للوصول للحكم بواسطة أحزاب تعمل من أجل تقويض الدولة"، فيما ردّ عليه الجنرال غانتس بأن حزبه ليس يساراً وأنه لن يتعاون مع حزب "بلد"، أي التجمع الوطني الديمقراطي، الذي أسسه المفكر العربي عزمي بشارة، وساوى غانتس في تحريضه على التجمع بين حزب التجمع الوطني، صاحب البرنامج الديمقراطي الذي يدعو إلى أن تكون الدولة لـ"جميع مواطنيها"، وبين حزب "عوتصماة يهوديت" العنصري الذي يقوده أنصار كهانا وتم دمجهم بضغوط من نتنياهو في قائمة حزب البيت اليهودي والاتحاد القومي.

ومع أن التحريض ضد العرب في إسرائيل لم يتوقف في الأشهر الأخيرة من جانب اليمين الإسرائيلي ولا سيما نتنياهو، إلا أن محاولة مساواة حزب التجمع الوطني الديمقراطي بحركة كهانا الفاشية، ليسهل الهجوم على الحزب، تبدو سمة رئيسية في الانتخابات الحالية، خاصة بعد أن تفككت القائمة المشتركة للأحزاب العربية، بفعل خطوة الانشقاق التي قادها عضو الكنيست أحمد طيبي، وانتهت أمس بتشكيل قائمتين عربيتين، إحداهما بقيادة طيبي والجبهة والثانية بقيادة التجمع والقائمة العربية الموحدة. وتزداد وتيرة التحريض المنتظرة مع إعلان أحمد طيبي في أكثر من مناسبة أنه سيكون على استعداد لدعم حزب غانتس في كتلة مانعة.

وقد التقط الصحافي الإسرائيلي، المستوطن عميت سيغل (وهو أحد أبرز صحافيي التيار اليميني الديني الصهيوني) بذرة التحريض على التجمع التي بدأها الجنرال غانتس، وأفرد مقاله الأسبوعي في ملحق "يديعوت أحرونوت" للتحريض على المفكر العربي عزمي بشارة، ومسيرته البرلمانية، بهدف تبرير وشرعنة خطوة نتنياهو في ضمان إدراج مرشحي أنصار كهانا (عوتصماة يهوديت) في التحالف مع حزب البيت اليهودي، مدعياً أن الانتقادات في اليسار الإسرائيلي، ولا سيما تصريحات تسيبي ليفني ضد ضم أنصار كهانا، وتصريحات زعيمة "ميرتس" تمار زاندبيرغ هي تصريحات انتقائية.

وادعى سيغل أن اليسار الإسرائيلي استعان بالعرب قبل عشرين عاماً للوصول للحكم، في إشارة إلى المعركة التي تنافس فيها إيهود باراك عام 99 ضد نتنياهو، وأن إيهود باراك لم يتورّع عن المشاركة في اجتماعات انتخابية إلى جانب "الشيخ المحرض رائد صلاح، الذي كان يرفض حق إسرائيل بالوجود. وفي تلك الانتخابات، تنافس رئيس التجمع أيضاً، عزمي بشارة، الذي كان منذ سنوات التسعينيات يحب المشاركة في مؤتمرات مع كبار قادة حماس".

وأضاف سيغل: "لقد بذل باراك كل جهد لضمان انسحاب بشارة من المنافسة". ويقتبس سيغل عن عضو الكنيست جمال زحالقة: "كانت هناك مفاوضات أدارها يوسي بيلين من حزب العمل، يستذكر هذا الأسبوع عضو الكنيست المنتهية ولايته، جمال زحالقة الذي كان مساعد عزمي بشارة. "عزمي انسحب بعد أن حصلنا على وعود، من بينها أيضا تحسين ظروف الأسرى الأمنيين".

وينتقل سيغل إلى التحريض الدموي والافتراءات ضد بشارة قائلاً: "بعد ذلك بعام اكتشف الشاباك (جهاز المخابرات الإسرائيلية) أن بشارة حثّ الشباب العرب "على إقامة جيش فلسطيني يحرر الشعب الفلسطيني، وبضمنهم عرب إسرائيل، من الاحتلال اليهودي". وبعد ذلك، أقنع قادة حماس في الخليل باستئناف العمليات الفدائية. لقد ذهل المستشار القضائي للحكومة إليكيم روبنيشتاين وناشد أعضاء لجنة الانتخابات المركزية بشطب حزب التجمع الذي يسعى رجاله إلى "إقامة دولة على أنقاض إسرائيل".

ويمضي سيغل في روايته عبر التحريض أيضاً على حزب العمل الإسرائيلي قائلاً: "لكن أعضاء حزب العمل وميرتس، صوتوا لصالح بشارة، تحت مسمى حرية التعبير، وعملياً كي لا يتقلص حجم معسكر اليسار في صناديق الاقتراع. وعندما سمحت المحكمة العليا لبشارة بخوض الانتخابات كانت عضو الكنيست يولي تمير (من حزب العمل) سعيدة وقالت: "هذا قرار مبدئي يحمي الحق الأساسي بالترشح"، لكن هذا الحق كان أقل أهمية بالنسبة لها عندما صوت ممثلو اليسار بالإجماع مع شطب باروخ مارزل (أحد مساعدي كهانا ومن أنصاره حتى اليوم)، وعندما أقرت المحكمة مشاركته في الانتخابات حذر عضو الكنيست وفير بينيس من العمل "قد تدفع الدولة ثمناً باهظاً، لأننا نتحدث عن شخص خطير من مواصلي طريق كهانا".

ويعود سيغل في هذه النقطة للتحريض على المفكر بشارة قائلاً: "مع مرور الأيام تبين أن الشخص الذي صوت بينس ورفاقه له خطير للغاية. استغل بشارة الحصانة البرلمانية التي منحت له للتجسس ضد دولة إسرائيل ومساعدة حزب الله لتوجيه الصواريخ بشكل أكثر دقة، وعندما ظهرت خيانته، فرّ من البلاد للأبد".

وبعد ترديده لمزاعم الملف الأمني الذي لفّقته سلطات الاحتلال للمفكر العربي عزمي بشارة مع إضافة أكاذيب جديدة من عنده، مستغلاً عدم قدرة بشارة على الرد أو رفع دعوى تشهير ضده، فقد اضطرته الملاحقة الأمنية والقضائية إلى المغادرة القسرية في عملية نفي عمليا، واصل سيغل التحريض على حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان بشارة من أبرز مؤسسيه قائلاً: "عن حزب التجمع، وهو منظمة تؤيد الإرهاب وتحظى بتمويل حزبي، لم يتم تطبيق المعايير المطلوب تطبيقها الآن على حركة كهانا".

والمعروف أن حركة كهانا حركة عنصرية فاشية تدعو إلى طرد المواطنين العرب، في حين أن التجمع الوطني الديمقراطي صاحب برنامج ديمقراطي يدعو إلى أن تكون الدولة لجميع مواطنيها يهوداً وعرباً، كما يدعو إلى منح الحقوق الجماعية للعرب في الداخل باعتبارهم أبناء الشعب الفلسطيني وسكان البلاد الأصليين. ولما لم تستطع إسرائيل مواجهة هذا الخطاب الذي أصبح الخطاب السياسي السائد في الداخل الفلسطيني لفقت له ملفات أمنية.

وفي المنفى ترك بشارة العمل السياسي الحزبي تماماً، مُركزاً جهوده على الكتابة والبحث. وبرز بوصفه أحد أهم المفكرين الديمقراطيين. ولكن الفكر الديمقراطي يصبح في إسرائيل تهمة حين يكون مثابراً ويتناقض مع الصهيونية.