تجدد تظاهرات الجزائر وسط عودة القمع والاعتقالات

تجدد تظاهرات حراك الجزائر وسط عودة مظاهر القمع والاعتقالات

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
10 يناير 2020
+ الخط -
شهدت مظاهرات الحراك الشعبي في الجمعة الـ47 في الجزائر احتكاكا طفيفا بين قوات الشرطة والمتظاهرين في بعض شوارع العاصمة، واعتقالات مست ناشطين، رغم بعض تدابير التهدئة التي بدأت السلطات تنفيذها قبل أيام بإفراجها عن ناشطين ولقاء شخصيات معارضة، والتزامات الرئيس عبد المجيد تبون بإطلاق الحريات السياسية والمدنية.

وما زالت حالة الاستقطاب السياسي بين السلطة والشارع قائمة رغم المرور بالقوة الذي سجلته السلطة عبر الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتنصيب الرئيس تبون. 

وبدا الاستقطاب جليا في مظهرين، يتعلق الأول بتجدد المظاهرات الشعبية في العاصمة وعدة مدن جزائرية استمرارا  للحراك الشعبي والتعبير عن التمسك بالمطالب المركزية المتعلقة بإحداث تغيير جذري للنظام السياسي، وإقرار مرحلة تأسيسية وانتقالية، والاستبعاد الكامل لتدخل المؤسسة العسكرية في القرار السياسي، والثاني الانتشار الكبير لقوات الشرطة والتشدد الأمني الذي أبدته السلطة في العاصمة وبعض المدن.

ومنذ صباح الجمعة كان واضحا أن السلطة تنحو باتجاه محاولة التشدد أمنيا في وسط العاصمة وتقطيعها لمنع التحام مظاهرات تأتي في الغالب من الأحياء والضواحي، حيث شهد محيط مسجد الرحمة في شارع ديدوش مراد، وسط العاصمة، تشديدا أمنيا ومنعا للتجمع منذ صباح اليوم، ما أدى إلى احتكاك بين متظاهرين وناشطين مع قوات الشرطة التي اعتقلت عددا منهم، بينهم الناشط الثقافي عزيز حمدي.


وحاولت السلطات نشر أعداد كبيرة من الشرطة قرب مقر البرلمان، بهدف منع المتظاهرين القادمين من الحي الشعبي باب الواد من الالتحاق بالمظاهرة المركزية وسط العاصمة، لكنها أخفقت في ذلك، كما أغلقت الطريق المؤدي إلى مقر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وسط العاصمة، وكذا غلق الرصيف المؤدي للبريد المركزي.

وعادت مجددا الموانع الأمنية قرب مداخل العاصمة الجزائرية، وخاصة المدخل الشرقي، الذي يربطها بولايات الشرق ومنطقة القبائل، حيث لوحظ ازدحام في المدخل بسبب حواجز أمنية أعاقت انسياب حركة السيارات والمركبات. 

وقال الناشط الحقوقي والوجه البارز في الحراك الشعبي عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد"، إن "الانتشار الأمني وغلق مداخل العاصمة، وما رافقهما من اعتقالات، تؤكد أن السلطة مصرة على كسر الحراك أولا، وأنها مستمرة في نفس النهج المتعلق بإطلاق بالون اختبار حول الحوار والتوافق، مع الاستمرار في الأساليب القمعية نفسها، وهذا تناقض كبير يكشف النوايا الحقيقية للسلطة".

وتسببت عودة الأساليب الأمنية بالمتظاهرين إلى الحنق أكثر على السلطة، ورفض كل مقترحات الحوار التي يطرحها الرئيس عبد المجيد تبون، كما تجاهلت مقترحه بشأن إنشاء لجنة دستورية تعكف على صياغة دستور جديد.

وبرغم مضايقات السلطة والأمطار الخفيفة، فإن المظاهرات استمرت بنفس الزخم مقارنة مع الأسابيع الماضية. 

وردد المتظاهرون بقوة شعارات مناوئة للسلطة، وخاصة شعار "بوفوار أساسان (سلطة مجرمة)"، و"دولة مدنية وليس عسكرية"، ولافتات تطالب بوقف الاعتقالات وإطلاق الحريات المدنية، ورفع متظاهرون لافتة كتب عليها "رفع كل القيود عن الحريات الفردية والجماعية".

 وذكر الناشط قرطي أحمد، لـ"العربي الجديد"، أن عودة القمع والأساليب البوليسية إلى المشهد مرة خرى "تؤكد أن السلطة في حالة تخبط، حيث تجمد القمع لأسبوع أو أسبوعين، ثم تعود له مجددا، متوقعة أنه وسيلة ضغط وإضعاف، لكن رهانها دوما مبني على تقديرات خاطئة"، موضحا أن السلطة "تمارس حربا نفسية طيلة أسبوع لإظهار الحراك وكأنه لا يؤثر فيها، وأنها ماضية قدما في مسارها.. لكنها تُفاجأ كل جمعة بإصرار الجزائريين على الخروج بقوة لافتكاك حريتهم".

وأوضح أن "كل استراتيجيات القمع والاستدراج فشلت، وهو ما يخيف السلطة.. الحراك الذي لا يتوقف رغم كل القمع يمكن أن يستعيد قوته الأولى بشكل تصاعدي".

وجدد المتظاهرون مطلب إطلاق من تبقى من الناشطين المعتقلين في السجون، على غرار كريم طابو وسمير بلعربي وعدد من الطلبة، بينهم نور الهدى عقادي، وكذا وقف التحرش ببعض الصحافيين والناشطين، كنموذج الصحافي خالد درارني، الذي كانت أجهزة الأمن قد اعتقلته أمس لساعات، ثم أطلقت سراحه منتصف الليل. 

وردد المتظاهرون هتافا جديدا له علاقة بمناسبة بداية السنة الأمازيغية الجديدة (توافق 12 يناير من كل سنة)، وهتفوا "اسقاس أمقاس (سنة جديدة) والحراك راه لباس (بخير)".

وشهدت مدينة وهران وتلمسان غربي الجزائر مظاهرات حاشدة شارك فيها ناشطون أفرج عنهم مؤخرا من السجون، بينهم الناشط الحقوقي قدور شويشة، رفعت فيها شعارات ترفض السماح للنظام السياسي باستنساخ وتجديد نفسه، كما تجددت المظاهرات في مدن تيزي وزو وبجاية والبويرة في منطقة القبائل، رفعت خلالها صور الناشطين المعتقلين في السجون.

وشهدت مدينة عنابة وقسنطينة عودة لافتة لأعداد أكبر من المتظاهرين، خاصة من الرافضين للتشكيلة الحكومية الجديدة. 

لم تنجح خطوات التهدئة التي أقرتها السلطة قبل أيام، ولا مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون في ضم شخصيات معارضة إلى الحكومة، ولقائه بشخصيات معارضة كرئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، ومنسق مؤتمر المعارضة عبد العزيز رحابي، أو إطلاق مشروع تعديل دستوري يستجيب للعناوين الكبرى للحراك، في تهدئة الشارع، أو الحصول على هدنة مؤقتة تتيح له طرح مزيد من الخطوات لتحقيق مطالب الحراك الشعبي الذي لا يبدو أنه مستعد لمنح الرئيس تبون فسحة زمنية.  

ذات صلة

الصورة

سياسة

تستمر قوات الاحتلال في اقتحام البلدات والمدن الفلسطينية في مناطق الضفة الغربية، في وقت يخوض فيه مقاومون فلسطينيون اشتباكات مع تلك القوات المقتحمة.
الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.