تاريخ الكرة الجزائرية الحلقة الأولى: أندية رياضية بأهداف سياسية

تاريخ الكرة الجزائرية الحلقة الأولى: أندية رياضية بأهداف سياسية

02 يونيو 2014
صورة لفريق سيدي بلعباس تعود إلى سنة 1931(GETTY)
+ الخط -

يخطئ من يعتقد أنّ كرة القدم كانت مجرد لعبة الهدف منها تمضية الوقت أو الفوز بالبطولات  وتحقيق الإنجازات، بل تعدتها لأكثر من ذلك، إذ كانت كرة القدم هوية و وسيلة لإثبات الذات فيكفي النظر لاسم النادي و ألوانه لمعرفة هويته، لذا وللتفريق بين هذه الأندية عمدت الفرق المسلمة مثلاً، إلى اختيار حرف الـ”م” أو “M” باللغة الفرنسية، وهو دلالة على أن هذا الفريق مسلم على غرار الاتحاد المسلم الجزائري، الاتحاد المسلم الوهراني، الاتحاد المسلم البليدي، مولودية قسنطينة إضافة لمولودية الجزائر و غيرها كثير.


و بغض النظر عن هذه الأمور فقد كانت كرة القدم أفضل وسيلة للتنقل بسهولة عبر كامل التراب الوطني دون مشاكل، وهو ما كان يساعد على نقل الرسائل و المعلومات للمناضلين بسهولة مطلقة، إضافة لكل هذا فقد كان التدرب اليومي و التحضير البدني مهما جداً وساعد الكثير منهم في الكفاح المسلح، بعد اندلاع الثورة خاصة بالنسبة للذين توجهوا نحو الجبال، لذا فلا يمكن إطلاقا أن ننقص من قيمة كرة القدم و مساهمتها الكبيرة في الثورة على غرار الكفاح المسلح، السياسة، القلم..وفي الحلقة الأولى من تاريخ المنتخب الجزائري يستعرض معكم "العربي الجديد" ، تاريخ أحد الفرق التي ساهمت بقوة في الكفاح الرياضي، ولذا يعد عميد الأندية الجزائرية، وهو المولودية الشعبية الجزائرية .
 لم يكن سهلا تأسيس هذا الفريق المسلم، وحتى أسباب تأسيسه كانت بدوافع الكبرياء ، وإليكم قصة تأسيسه في ذات يوم من أيام أغسطس/آب 1921.

1898 القسنطينيون أوّل من داعب الكرة في الجزائر عبر جمعية " إقبال "

لا يمكننا أن نتحدث عن تاريخ كرة القدم الجزائرية دون التطرق للأندية الكروية العريقة التي تزخر بها البلاد والتي صنعت أمجاد الرياضة الجزائرية على غرار شبيبة القبائل ، ووفاق سطيف ، مولودية الجزائر ، هذه الأخيرة التي لا تزال في صراع مع نظيرتها شباب قسنطينة على لقب عميد الأندية الجزائرية، ومن يملك الشرعية التاريخية في كونه الأقدم في الجزائر.

فإذا كان العاصميون يرون أن المولودية التي تأسست سنة1921 أي قبل 5 سنوات عن نشأة النادي الرياضي القسنطيني سنة 1926 هي العميد، فإن أبناء الجسور المعلقة يرون أن فريقهم هو العميد وإن كان قد ولد في عام ،1926 وما هو إلا بداية الامتداد التاريخي لجمعية "إقبال" 1898 والنجم الرياضي المسلم القسنطيني"1917" .


اعتمد نشطاء سياسيون، إنشاء جمعية رياضية بأهداف سياسية بقصد التمويه على الاستعمار الفرنسي، وجرى تشكيل جمعية " إقبال " الرياضية عام 1898 وتم اختيار ألوان الفريق بالأخضر والأسود لاعتبارات دينية وتوجهات سياسية فالأخضر يرمز للدين الإسلامي والأمل في الحرية والاستقلال، أما الأسود فكان حداداً وحزناً على الجزائر في الحقبة الاستعمارية... واستمرت جمعية "إقبال" في أداء لقاءاتها الكروية في إطار ودي حتى سنة 1914، هو تاريخ اندلاع الحرب العالمية الأولى حيث قامت السلطات الفرنسية بالتجنيد الإجباري لكافة أعضاء ومؤسسي جمعية "إقبال" وارسلتهم إلى جبهات القتال، حيث لقي العشرات منهم حتفهم فتوقفت المسيرة تماماً طيلة سنوات الحرب العالمية.

1918 إنشاء نادي النجم المسلم القسنطيني لخلافة جمعية " إقبال " المنحلة

بعد نهاية الحرب العالمية الاولى قام من تبقى من أعضاء "إقبال" بانشاء ناد رياضي جديد يكون امتداداً للجمعية الأولى مع المحافظة على نفس الألوان (الأخضر والأسود) ونفس الأهداف ،فتم إنشاء نادي النجم المسلم القسنطيني وكان ذلك سنة 1917 لكن النادي لم يعمر طويلاً رغم نهاية الحرب العالمية الاولى وتوقيع الهدنة في 11 نوفمبر 1918 .

وبالرغم من أن السلطات الاستعمارية تفطنت لأهداف النجم القسنطيني وأوقفت نشاطه إلا أنه خلال مسيرته القصيرة تمكن من الفوز بكأس شمال إفريقيا بعد فوزه  بنتيجة (4-2) أمام فريق فرنسي يمثل العاصمة التونسية ،لكن بعد الفوز بكأس شمال إفريقيا وبعد أن عمت الفرحة مدينة "سيرتا" خشيت السلطات الفرنسية من زيادة النشاط السياسي لهذا الفريق فقامت بحله في نهاية سنة 1918 ،وانتهى بذلك الفصل الثاني من تاريخ أعرق الفرق الجزائرية وكان الركود هذه المرّة طويلاً لأنه امتد ثماني سنوات كاملة.

1921 تأسيس فريق المولودية الإسلامية الشعبية

في يوم 7 أغسطس/آب 1921، اجتمع عبد الرحمن عوف رفقة أصدقائه من حي القصبة العتيق و باب الوادي  من أجل تأسيس أوّل ناد جزائري ، وقاموا باقتراح العديد من الاسماء على غرار البرق الرياضي الجزائري، الهلال الجزائري، النجم الرياضي، الشبيبة الرياضية، و قد وجدوا صعوبة في اختيار الاسم المناسب و في لحظة لم يتوقعها أحد صعد صوت من داخل المقهى من شخص مجهول مناديا: "مولودية" نسبة للمولد النبوي الشريف الموافق لذلك اليوم، وهي التسمية التي لاقت تجاوب هؤلاء الشبان ليتم الاتفاق على تسمية الفريق "المولودية الشعبية الجزائرية"، و اختيار ألوان العلم الوطني كألوان رسمية للفريق و هي الأخضر و الذي يرمز للأمل، إضافة لكونه اللون الرمزي للإسلام، أما اللون الأحمر فهو يمثل حب الوطن و التضحية.

1926 ميلاد النادي الرياضي القسنطيني ... الممتد من جمعية "إقبال" سابقاً

في سنة 1926 بلغ الوعي الوطني ذروته وتم إنشاء "حزب نجمة شمال إفريقيا " برئاسة مصالي الحاج وبعد 3 أشهر من ذلك وبالضبط في 26 يونيو 1926 تم الإعلان عن ميلاد النادي الرياضي القسنطيني "Csc"، وكان من ضمن الحاضرين في اجتماع التأسيس موفق عبد الرحمن، الحكيم زرقين، محمد السعيد لفقون، بن شريف حسين، بوحيرد حاج ادريس، بلحيمر الصغير، بن باديس الزبير، وأسندت الرئاسة إلى الفقون محمد، وتم الاحتفاظ باللونين الأسود والأخضر ليكون "سي. أس. سي" امتداداً تاريخياً "لجمعية إقبال “و"النجم المسلم القسنطيني"،لكن السلطات الفرنسية كعادتها تدخلت، ووضعت العديد من الشروط لقبول ملف اعتمادها ومنها ضرورة وجود عضوين فرنسيين ضمن مكتبها على الأقل.

 اندلاع ثورة نوفمبر 1954 وتجميد كل النشاطات الرياضية

بعد اندلاع ثورة أوّل نوفمبر 1954، اضطرت كل النوادي الجزائرية عل غرار اتحاد العاصمة مولودين الجزائر، شبيبة القبائل إلى توقيف كامل نشاطاتها ورغم ذلك أكدت بعض الأندية، أنّها تلقت تهديدات من طرف أعضاء في الرابطة الجهوية الفرنسية، لكن ذلك لم يؤثر عليهم طالما أن العديد من اللاعبين والمؤسسين التحقوا بجيش التحرير الوطني... ليكون الموعد من جديد بعد سبع سنوات، أيّ بعد نيل الجزائر لاستقلالها وكانت العودة سريعة مع مرحلة جديدة في تاريخ الكرة الجزائرية.

دلالات

المساهمون