Skip to main content
بين دير ياسين والحولة: عمى ألوان وألزهايمر

مدونة عامة

حسن علي مرعي
مرّت قبل أيام قليلة ذكرى مجزرة دير ياسين.. ومن ذكرني بها ممانع لم يكلف نفسه أن يتذكر مجازر الحولة وكيماوي الغوطة.

مرّت مجزرة دير ياسين ولم يتذكرها أحد، إلا المتاجرين بقضية فلسطين الذين يعانون من ألزهايمر، يجعلهم يتذكرون مآسينا القديمة ولا يتذكرون المآسي القريبة على فظاعتها.

9 إبريل/ نيسان 1948 ذكرى مجزرة دير ياسين التي قام بها العدوّ الصهيوني، وهي مجزرة كان هدفها تخويف المدنيين العزّل ودفعهم لإفراغ الأرض، ونتجت عنها كارثة هرب الناس ومعهم مفاتيح منازلهم على أمل العودة. وهي مجزرة يندى لها الجبين، ولا حاجة للحديث عن همجية العدوّ الصهيوني ضد المدنيين الفلسطينيين.

ما فعله النظام السوري كان مماثلاً.. فقد تعمد القيام بمجازر ليقوم بتغيير ديموغرافي، وكأنه استكثر على الأكثرية الذلّ والاضطهاد، فأضاف مذابح عظيمة وتغريبة سورية جديدة تنسينا التغريبة الفلسطينية الكبرى.

في خضمّ ما يجري في سورية وكل المجازر التي حصلت فيها، وغزارة الدم السوري، غطى الجرح السوري على الجرح الفلسطيني، وصارت مجازر دير ياسين وبحر البقر لا شيء مقارنة بما جرى ويجري في سورية كل يوم.

ما ذكرني بها إحدى صفحات الممانعين، الذي لا ينفك يدافع عن نظام الإجرام السوري الذي قام بمجازر بحق شعبه بأكثر بكثير مما قامت به إسرائيل، والذي يتاجر بقضية فلسطين، وقد رأينا كيف ساهم نظام الإجرام الأسدي في نجاح السفاح نتنياهو بتقديم هدية له؛ جثة جندي إسرائيلي كانت مفقودة منذ 37 سنة!

هذا الأمر يثبت لي أكثر فأكثر أن قضيتنا ليست قضية فلسطين ولا قضية سورية، بل هي قضية وعي عام لا يتجزأ، فأنصار الطواغيت ينتصرون للطغاة أينما كانوا، وأنصار الحرية والعدالة ينتصرون للعدالة كائناً من كان طالبها؛ عربياً فلسطينياً سورياً أو موزمبيقياً.

ما يجري في سورية من إشغال للعرب ببعضهم، وفي العراق وفي كل الأقطار العربية، ما هو إلا إشغال للمسلم والعربي لينصرف عن إصلاح نفسه ونظامه بالدفاع عن نفسه وكيانه. هو إشغال لنا لنسيان فلسطين والانشغال بالسودان والعراق وسورية والجزائر وليبيا.

لعل السبب الرئيس في هذا الألزهايمر السياسي عند شعوبنا، يعود إلى التربية الدينية الفكرية التي تجعل المواطن العربي يصاب بعمى ألوان، يمكّنه من رؤية بعض الحقائق وعدم رؤية البعض الآخر.