بين بانمونجوم و"زوج بغال"

بين بانمونجوم و"زوج بغال"

08 مايو 2018
جانب من الحدود الجزائرية المغربية (Getty)
+ الخط -
عندما كانت أنظار العالم وكاميرات القنوات مركزة قبل أسبوع على ذلك اللقاء التاريخي، بين رئيس كوريا الجنوبية مون جيه إن، والزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، كانت الرباط تعدّ وجبة سياسية ساخنة تدفّقت على حبل طويل من الخلافات مع الجزائر، وهي ما سمي بقضية "حزب الله وإيران والبوليساريو". وفي اللحظة التي زاد فيها التقارب الكوري ـ الكوري، تباعدت العلاقات بين الجزائر والمغرب أكثر بفعل الأزمة الجديدة. وفي الوقت الذي أزاحت الكوريتان من على الحدود كثيرا من مظاهر التوتر والمتاريس، وأسكتت أبواق الدعاية والدعاية المضادة، كانت الجزائر تركّز مزيداً من الأسلاك الشائكة عند بلدة مرسى بن مهيدي الحدودية، وكان المغرب يثبت متاريس جديدة على الحدود، فيما انطلقت أبواق الدعاية لتذكي فتيل الأزمة الجديدة، إلى درجة اعتبار مناورة عسكرية قام بها الجيش الجزائري في منطقة ليست بعيدة عن الحدود، بأنها موجهة ضد الرباط، ورداً على المواقف المغربية الأخيرة، على الرغم من أنها مناورة عسكرية مبرمجة منذ أكثر من سنة.

في لحظة تعقّل، أدرك الكوريون أن استمرار الخلافات والأزمة بينهما يصبّ في الصالح الأميركي ويجري لحساب الخزينة الأميركية والغربية أيضاً، ويمنح الرئيس دونالد ترامب ومعه فريق الحروب الذي يلتف حوله، وقتاً إضافياً لممارسة المزيد من الابتزاز ضد الكوريتين؛ الشمالية بمبرر برنامج التسلح النووي، والجنوبية بزعم حمايتها من تهديد جارتها الشمالية، تماماً مثلما يتسمرّ في ابتزاز الرياض ودول الخليج سياسياً، وإرهاقها مالياً عبر مزيد من صفقات التسلّح.

الوضع مختلف هنا في الجزائر والمغرب، في لحظات الجنون السياسي تمّ البحث عن خيط رفيع لربط قصة بقصة، قصة إيران و"حزب الله" بقصة البوليساريو في الجزائر. والحقيقة أنّ القصة بكل تفاصيلها لا تصبّ إلا في صالح الطرف الغربي الذي يستفيد ويخطط دائماً لأن تستمر الخلافات وإغلاق الحدود بين البلدين. له في ذلك صالح ومصالح ومتعة في الابتزاز المستمر للبلدين، طالما أنّ أموال الفوسفات المغربي وشحنات النفط الجزائري تتدفّق في المصب نفسه، عند مجموعات الضغط والنفوذ في أميركا وأوروبا والصين وموسكو، بهدف تعزيز موقف أو تعديل قرار في المحفل الدولي. وتلك خسارة سياسية وإرهاق مالي إضافي للبلدين، يُدفع من مقدراتهما وعمر شعوبهما.

كثير من الجزائريين والمغاربة لا يتماهون مع مواقف القصرَين إزاء العلاقات بين البلدين والشعبين، ويتمنون أن يحدث في "زوج بغال" -هو معبر حدودي شهير بين البلدين مغلق منذ ديسمبر/كانون الأول 1994ـ ما حدث في بلدة "بانمونجوم" على الحدود الكورية، هذا الممكن الذي لم يحدث، لكنه سيحدث بقدر التاريخ وحتمية الجغرافيا، ذلك أنه لا الجزائر سترحل، ولا المغرب سيغيّر موقعه من الخريطة ولو أراد.