بين انتقاد السيسي وتأييد "الإخوان"

بين انتقاد السيسي وتأييد "الإخوان"

02 يناير 2016
+ الخط -
يلاحظ المتابع للمشهد السياسي العربي، وتحديداً في مصر، أن بعضهم يصر على وضع جميع منتقدي عبد الفتاح السيسي والانقلاب العسكري في مصر، في خانة مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين. ومع أن هذا الأمر بحد ذاته لا يجوز، ولا يمكن أن يشكل تهمة، يحرص المرء على التبرؤ منها، إلا أن هؤلاء ربما يعتقدون أن هذه نقطة الضعف الوحيدة التي يمكن أن يحرجوا بها منتقدي السيسي.
لا يلتفت هؤلاء، عن وعي غالباً، إلى أن انتقاد السيسي لا يعني، بالضرورة، تأييداً تلقائيا للإخوان المسلمين، فانتقاده لم يعد يقتصر على فئة دون أخرى، فهو شبه معزول، لأن أداءه بائس ومحرج، حتى لأشد أنصاره تعصباً له، ناهيك عن أنه مستبد وانقلابي بامتياز، فهو ليس سوى واجهة لمراكز نفوذ في الجيش والدولة العميقة على ارتباط وثيق بالأميركيين والإسرائيليين، وهذا بالطبع، على الرغم من كل البروباغاندا والدعاية الإعلامية المصرية التي تحاول أن تصور الأمور بأنها عكس ذلك تماما، حتى لو اعتمدت على الأكاذيب المضحكة والمخجلة في آن، بدءاً من أكذوبة أسر قائد الأسطول السادس في بحر الإسكندرية، وليس انتهاءً بالاعترافات المكذوبة المنسوبة إلى هيلاري كلينتون في مذكراتها (لم تترجم إلى العربية)، بأن أميركا تعاونت مع الرئيس محمد مرسي لإقامة دولة إسلامية في مصر، وأن ما أحبط هذا الأمر وأفشله انقلاب الثالث من يوليو 2013، (ولا يأبه هؤلاء بأن كلينتون لم يكن لها أي منصب في الإدارة الأميركية وقت الانقلاب).
على صعيد آخر، لكن وثيق الصلة بما تقدم، تبيّن بالدليل القاطع الذي لا يخامره أدنى شك، أن من يجب أن يتعهد باحترام الانتخابات والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، هم قادة الحركات العلمانية وأنصارها، بتنويعاتها المختلفة، من ليبرالية ويسارية وقومية، ففي مصر وحدها، هُزم هؤلاء في خمسة استحقاقات انتخابية بعد الثورة وقبل الانقلاب، فما كان منهم إلا أن انقلبوا على أنفسهم وعلى شعاراتهم ومبادئهم، ورضوا بأن يكونوا أدوات رخيصة للجيش، ليزيّن بهم انقلابه على الرئيس الشرعي، وليستخدمهم في إجهاض التجربة الديمقراطية الواعدة، وها هم قد وُضعوا على الرف من جديد، فالعسكر العربي لا يقبل شريكاً ولا منافساً، هو لا يقبل سوى تابعين وأدوات يستخدمهم، ثم يضعهم من جديد في مكانهم الحقيقي.

avata
avata
أحمد أبو زينة (مصر)
أحمد أبو زينة (مصر)