بين البراءة والتسريبات

15 ديسمبر 2014
+ الخط -

عدت من مصر، بعد إجازة قصيرة كان توقيتها، بالمصادفة، غريباً، فقد بدأت بمهرجان البراءة للجميع، وانتهت بتسريبات حجز الرئيس السابق، محمد مرسي، ورغما عن أن الزيارة كانت من أجل حضور مؤتمر طبي للأمراض الجلدية، إلا أن الحدث الأبرز والذي حظي بنقاش كثير، وبحوارات جانبية بين الأطباء المصريين كان حول البداية والنهاية.

كما شاهدنا بدء مهرجان البراءة بخطاب للسيد المستشار رئيس المحكمة، افتتحه بحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حول الموت والقضاء، وأنهاه بالتهديد لمن يبدي فرحه بالأحكام، وأوسطه بدعوة أسر الشهداء للرضى بالقضاء والصبر على الابتلاء والاحتساب لوجه الله. وفي النهاية، قال الأحكام التي جاءت في 1240 صفحة، تم تلخيصها في 280 فقط، نسخت على فلاشات وسي دي، تم توزيعها على الإعلاميين والمحامين، وأخيرا لخص سيادته ما بنى عليه حكمه في أسباب محددة، فماذا قال؟
أولا:براءة العادلي ومساعديه بناء على أحكام محاكم الجنايات في المحافظات ببراءة مرؤوسيهم.
ثانيا: براءة مبارك بسبب أن قرار الاتهام الأول في مارس/آذار 2011 جاء خالياً من اسمه. وبالتالي، فلا حجة قانونية لإدراج اسمه في قرار الإحالة الثاني في مايو/أيار 2011.
ثالثا: عدم جواز الحكم، وبالتالي البراءة لمبارك وعلاء وجمال وحسين سالم لانقضاء المدة.
هكذا جاءت الأحكام، وكما نرى، كانت بناء على أحكام سابقة، وبدراسة لتواريخ الإحالة، والسؤال المنطقي الذي يسأله الجميع: هل كانت معرفة الأحكام السابقة، وتواريخ الإحالة تحتاج إلى عام ونصف العام من المحاكمة؟ فلماذا كانت سرية الجلسات والاستماع إلى الشهود والزخم الإعلامي المصاحب لهذه الجلسات؟ ولماذا كان كل هذا إذا كانت الأحكام بناء على أحكام سابقة وتواريخ؟ ما الهدف من كل ما حدث وضياع عام ونصف العام؟ هذا هو السؤال الذي يسأله الجميع؟
قبل نهاية إجازتي، جاء حديث التسريبات، والذي أصبح صدقها أو كذبها مسألة حياة أو موت عند بعضهم، ولا أدري لماذا؟ فما الجديد الذي تضيفه، إن ثبت صدقها (تزوير الجيش وفساد القضاء) وما الجديد في ذلك؟ ألا يعتبر قتل مئات المصريين منذ الانقلاب أكبر إثما وأعظم ذنبا من التزوير؟ ألا تعتبر أحكام الإعدام المتتالية على جانب والبراءة على جانب آخر دليلاً أكبر؟ ما الجديد الذي يضاف؟ وإن كان هناك تزوير، فهل يبرئ هذا الجيش والقضاء مما ذكرناه؟ هل يجعل احتجاز الرئيس السابق والقبض عليه قانونيا؟ بالتأكيد لا، فالقبض على الرئيس واحتجازه، ولو في مسجد، لم يكن قانونياً، فما الهدف من ذلك كله؟
فلا صدق التسريبات يثبت جديداً، ولا تزويرها يبرئ قديماً.

795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)