بيتر شمايكل على "روسيا اليوم"... لعبةٌ دعائيّة؟

بيتر شمايكل على "روسيا اليوم"... لعبةٌ دعائيّة؟

10 ابريل 2018
بيتر شمايكل حارس المنتخب الدنماركي السابق (يوتيوب)
+ الخط -
ظهر حارس المنتخب الدنماركي الأسبق، بيتر شمايكل كمقدم برنامج "برنامج بيتر شمايكل" The Peter Schmeichel Show من مدن روسية مختلفة، على قناة "روسيا اليوم"، ما أثار جدلاً إعلامياً واسعًا. واللاعب الذي قدم سابقاً على قنوات محلية دنماركية عروضاً وتعليقات رياضية، أثار حفيظة الصحافيين والإعلاميين والباحثين في الشؤون الأمنية في كوبنهاغن، واعتُبر "لعبةً دعائية بيد روسيا".

سبب إثارة هذا الرياضي المشهور في بلده كل هذا الجدل، تجيب عليه الطريقة التي أظهرت "روسيا اليوم"، شمايكل، من خلالها. فقد انتقلت عدسة القناة مع الرياضي السابق إلى مدية نيجني نوفغورود، على بعد 400 كيلومتر عن موسكو، والتي تستضيف بعض مباريات المونديال (كأس العالم لكرة القدم) في روسيا. من مصنع السيارات، الذي يقدمه كـ"دعاية"، وركوب إحداها، وتجوله في المتحف، وجلوسه ليلوّن الدمى الروسية (ماتريوشكا)، ثم عودته للاستديو ليتحدث عن مشاهداته وانطباعته، رأى فيها أبناء بلده "طريقة دعائية رخيصة لتلميع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين"، بحسب ما تذكر القناة الرسمية الدنماركية "دي آر" التي نقلت صدمة الدنماركيين من استعراض شمايكل.


ولم يتردد التلفزيون الدنماركي في وصف "روسيا اليوم" بـ"الآلة الدعائية" للسياسة الروسية. بل وصف هذا الظهور بأنه يحوله إلى "قطعة صغيرة في لعبة روسية عبر وسائل إعلام مسيطر عليها مركزياً لخدمة سياسات الدولة وإظهار روسيا مفضلة في السياسة الدولية للتأثير في الرأي العام"، بحسب ما يقول كبير باحثي المركز الدنماركي للدراسات الدولية، فليمنغ سبيدبول. تعليق باحث في مركز دراسات على ظهور شمايكل في حلقات قبل انطلاق المونديال مرتبط بأنه "يأتي لشرعنة روسيا اليوم من خلال وجوه معروفة وسط أزمة حقيقية تعيشها القناة مع المجتمع الغربي باعتبارها أداة في السياسة الروسية في نزاعاتها مع السياسة الدولية"، بحسب سبيدبول.

بالنسبة للصحافة الدنماركية التي اعتبرت شمايكل دائماً بطلاً قومياً، رأت فيه "ظهوراً مقززًا"، كما ذهب مسؤول قسم الرياضة في صحيفة "يولاندسبوستن" ترولس هينركسن. وقال هينركسن لأخبار القناة الرسمية الدنماركية "أعتقد أنها لعبة دعائية روسية بامتياز يشارك فيها شمايكل".
معظم الصحف والقنوات الدنماركية، وجاراتها الاسكندنافية، في السويد والنرويج، والتي عادة ما تحترم رياضييها وتاريخهم وتستقبلهم بحفاوة وترحاب للتعليق في استديوهاتها، ذهبت هذه المرة لما يشبه حفلة "إطلاق نار" على بيتر شمايكل من زاوية استعراض تاريخ وأهداف "روسيا اليوم". فبرأيهم "هي قناة ليست مجرد أداة إعلامية، بل تأسست بالأصل لتلميع وجه روسيا في 2005، ومتهمة ببث أخبار زائفة، وقد اتهمها بذلك صراحة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، واعتبرت في الولايات المتحدة عملية أجنبية وليست قناة تلفزيونية، بل وسيلة بروباغندا لبوتين".

ربما كان محرر الرياضة في يولاندسبوستن الأقسى في انتقاد الطريقة التي ظهر فيها بطلهم الرياضي، إذا نقلت كل القنوات قوله "لقد استطاع الروس اظهاره كمهرج في ركن الدعايات والإعلان" (بسبب ظهوره في معمل السيارات وطريقة استعراضه للمصنع منذ استعادته للصناعة المدنية، بعد أن كان يصنع السلاح... شاهد الشريط المرفق نقلا عن القناة الروسية عبر الدنماركية) المدير السابق لشمايكل في المنتخب الدنماركي لكرة القدم، مادس فريدركسن، ذهب إلى اعتباره "فكر بجمع النقود ولم يفكر كيف سيستخدمونه".


واستعرضت الصحف والقنوات الدنماركية تاريخ "روسيا اليوم" بكثير من السلبية، فذكرت المتلقين بأنها "رسميا وحين جرى تأسيس القناة قيل بأنها ستقدم صورة أخرى عن روسيا، غير تلك الشيوعية والفقيرة، بحسب ذكر مديرتها السابقة سفيتلانا ميرونيوك". وتشير انتقادات وسائل الإعلام الدنماركية إلى أن "ادعاءات روسيا اليوم أنها تريد منح المشاهد بدائل عن تيارات "النخب الغربية والليبرالية الجديدة"، وهي قناة ترسل اليوم 24 ساعة ولديها 6 أفرع بلغات مختلفة مع 8 قنوات ومكتبين في واشنطن ولندن".

ثم استعرضت "تبعية القناة مباشرة لفلاديمير بوتين وهيمنة كلية بالتمويل المباشر من الدولة ومراقبة لكل ما تبثه وهي واحدة من أكبر قنوات التزييف والحملات الدعائية". وأشارت الصحف والقنوات إلى أن روسيا اليوم "تعيش مآزق انكشاف دورها في الأزمات بين روسيا والغرب، وخصوصا في الأزمة الأخيرة بمحاولة قتل سكريبال وابنته يوليا في بريطانيا. وفي الأخيرة وقد جرى تحذير القناة مرات عديدة من قبل أوفكوم حول طريقة تغطيتها، بحجة أنها تقدم أخباراً يصعب فيها على المشاهد التحقق من صحتها وزيفها".

وفي عملية استغلال ظهور بيتر شمايكل، كجزء من برامج مستمرة إلى أن تنطلق مباريات كأس العالم في روسيا في يونيو/حزيران المقبل، ذهبت عملية "تشريح" كامل لروسيا اليوم، حتى بالاستعانة بما نشر عن القناة في صحف بريطانية وأميركية، وخصوصاً مع تأزم العلاقة واتهام عدد من دول الشمال لموسكو بـ"تزعم حرب قرصنة وهجمات إلكترونية تطاول قضايا حساسة في مجتمعنا"، بحسب الصحف المحلية، التي أشارت إلى أنّ "تقارير عالمية وصحافية عديدة تشير إلى أن روسيا اليوم هي قناة دعائية تعتبر جزءًا أساسياً في حملة الأخبار الزائفة التي تستهدف خلق شكوك حول الديمقراطية الغربية ومؤسساتها وزعزعة استقرار الغرب".