Skip to main content
بومبيو وزيراً للخارجية رسمياً: لا دبلوماسية في الأفق
فكتور شلهوب ــ واشنطن
أدى وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو، يوم الأربعاء الماضي، اليمين القانونية في مبنى الوزارة، بحضور الرئيس دونالد ترامب ونائبه مايك بنس وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الإدارة. وكان قد أدى مثل هذا القسم على عجل فور موافقة مجلس الشيوخ على تعيينه، يوم الخميس الماضي، في 26 إبريل/ نيسان الماضي، قبل توجّهه إلى المطار في مهمته الخارجية الأولى التي شملت بلجيكا والسعودية والأردن وإسرائيل.

حضور الرئيس غير المسبوق للاحتفال وفي مقرّ الوزارة بالذات، انطوى على مدلولات متميزة سواء لناحية العلاقة الخاصة التي تربط ترامب ببومبيو أو لناحية التوجهات المقرر أن تنتهجها الإدارة في حقل السياسة الخارجية. من المعروف أن بومبيو من أقرب أركان الإدارة لترامب، حتى أنه أقرب من وزير الدفاع جيمس ماتيس، الذي قد يختلف أحياناً مع الرئيس من دون ضجة ومن دون أن يخسر ثقة البيت الأبيض به، لكن بومبيو يتطابق في مقارباته مع الرئيس، وينتمي إلى المدرسة نفسها. ينضبط ولا يعاكس أو يجادل مثل سلفه أو مثل الجنرال هربرت ماكماستر. وخلافاً للباقين لم يتسرب عنه طيلة ولايته كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية، أي غمز للرئيس ولو بالتلميح.

وخلال تلك الفترة كان بومبيو يحرص في أكثر الأحيان على الحضور شخصياً في الصباح إلى البيت الأبيض لعرض الإيجاز الاستخباراتي اليومي على الرئيس والتداول معه بشأنه. في العادة يقوم غيره من الوكالة بهذه الوظيفة. كما كان الرئيس يحرص على استدعائه إلى البيت الأبيض للمشاركة في اجتماعات كثيرة لا يتصل معظمها بالشؤون الاستخباراتية. توترت علاقات الرئيس مع كافة الوزراء، بمن فيهم وزير العدل جيف سيشنز، صديقه ونصيره الانتخابي الأول، وحتى أحياناً مع ماتيس ولو ضمناً، حول سورية وروسيا؛ ما عدا بومبيو الذي كان المدير والمستشار والمؤتمن في آن.

الآن تغيرت المهمة، أو هكذا يفترض، ففي خطابه أمام جهاز وزارته ثم في خطاب الاحتفال، وعد بومبيو بإحياء الدبلوماسية الأميركية، التي تحتاج إلى عملية نفض بعد أن كبّلتها استقالة الوزير ريكس تيلرسون ومناكفاته مع البيت الأبيض. وهذا ما يفرض على بومبيو الانحياز إلى خيارات التسوية والحلول السلمية للأزمات. لكن البوادر لا تشجع.


فخلال جولته الأولى في المنطقة، تجاهل بومبيو الوضع الفلسطيني تماماً، ولم يدع إلى فتح الأبواب التي أوصدها قرار ترامب بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ثم بنقل السفارة الأميركية إليها. ليس ذلك فحسب، بل اختار التشديد فقط على "حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها" وعلى "وقوف الولايات المتحدة إلى جانبها" في هذا الخصوص.

كذلك تناول بومبيو الملف النووي الإيراني من المنظور الأحادي نفسه. بدلاً من ترجيح الخيار الدبلوماسي أو على الأقل التنويه بأفضليته والتعبير عن الدعم للمساعي الأوروبية الرامية لإيجاد مخرج مقبول، اختار وزير الخارجية الجديد التركيز على "عيوب الاتفاق" بحسب رؤية ترامب لها، كمؤشر لتأييده للانسحاب من الاتفاق في 12 مايو/ أيار الحالي، وذلك خلافاً لموقف الغالبية الساحقة في صفوف المؤسسة السياسية والدبلوماسية والعسكرية المطالبة بالحفاظ على الاتفاق. وفي ذلك تجاهل ليس فقط للقوى الداخلية الوازنة بل أيضاً لموقف الحلفاء الأوروبيين الذين لا يستقيم التعويل على دور الدبلوماسية في الخارج من دون العمل والتنسيق معهم.

من هذا المنطلق يبدأ الوزير بومبيو وظيفته الجديدة. يتربع الآن في مقعد القيادة الدبلوماسية الأميركية. مشاركة الرئيس ترامب في حفل أدائه اليمين الدستورية، بدت بمثابة تفويض له. لكن منهج الرئيس وسوابقه تفرض التساؤل عن طبيعة هذا التفويض ومداه. وضع أثار تحفظات بل مخاوف انعكست في تصويت مجلس الشيوخ لصالح بومبيو والذي جاء حتى بعد ضغوط البيت الأبيض بغالبية 57 صوتاً مقابل 42.