بوتين يقرّ بتراجع مستوى معيشة الروس...والفقر يصيب 12 مليوناً

بوتين يقرّ بتراجع مستوى معيشة الروس... والفقر يصيب 12 مليوناً

20 يونيو 2019
بوتين في استديوهات القناة الأولى اليوم الخميس (Getty)
+ الخط -
استهل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فعالية "الخط المباشر" مع المواطنين، اليوم الخميس، بالتطرق إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين الروس التي لم تعد حتى الآن إلى مستوى ما قبل بدء تراجع أسعار النفط وفرض عقوبات غربية على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية عام 2014.

وأقر بوتين بتراجع مستوى معيشة الروس نتيجة لمواجهة بلادهم عدة صدمات متزامنة أثرت على الأوضاع بالسوق الروسية وقطاع الرعاية الاجتماعية، قائلا: "أذكّر بأننا واجهنا منذ بضع سنوات عدة صدمات في آن معا، وهي ليست الصدمات الخارجية المتعلقة بما يسمى العقوبات والقيود الخارجية، بقدر ما هي الأوضاع في السوق في ما يتعلق بصادراتنا التقليدية من النفط ومنتجاته، والغاز، والهيدروكربون، والمعادن، والأسمدة الكيميائية والكيميائيات بشكل عام، وبعض المنتجات الأخرى. لذلك، حدث ذلك التغير السلبي في الاقتصاد وقطاع الرعاية الاجتماعية".

وأضاف الرئيس الروسي في مؤتمره السنوي: "بالفعل، استمر تراجع الدخول الحقيقية للمواطنين لبضع سنوات على التوالي. كان التراجع الأكبر في عام 2016. والآن باتت الدخول في تعاف تدريجي".


وقدم بوتين تصوره لحل أزمة الفقر في البلاد قائلا إن "الطريقة الرئيسية لحل مشكلة مستوى معيشة المواطنين هي زيادة إنتاجية العمل"، داعيا البنك المركزي الروسي إلى الانتباه لخطر فقاعة إقراض المواطنين.

وقال: "أقساط القروض باتت اليوم من مؤشرات الإنفاق. تمنح البنوك قروضا للمواطنين تعادل أقساطها 40% من رواتبهم، وهذا بالطبع أمر خطر، من وجهة نظري. على البنك المركزي الانتباه لذلك".

وكان البنك المركزي الروسي قد قرر، يوم الجمعة الماضي، خفض سعر الفائدة الأساسية من 7.75 إلى 7.5%، وذلك لأول مرة منذ مارس/آذار 2018، وهو أمر ينذر بزيادة معدلات الإقراض التي حذر منها بوتين.

أزمات معيشية

وشملت الأسئلة الأولى التي وُجّهت إلى الرئيس الروسي أثناء اللقاء السنوي كل الصعوبات التي يواجهها الشعب، من رواتب منخفضة جداً إلى ارتفاع الأسعار وفواتير الخدمات العامة والتفاوت بين المناطق.

وفي خطوة نادرة في هذا اللقاء الإعلامي السنوي، اعترف بوتين بأن حياة المواطنين الروس أصبحت أصعب، ملقياً اللوم على العقوبات الغربية التي تستهدف بلاده وانهيار أسعار النفط والغاز اللذين يمثلان قسماً كبيراً من صادرات روسيا.

واعترف بوتين أيضاً بصعوبات موقتة تتعلق بالبدء منذ عام بتطبيق تدابير لا تحظى بتأييد شعبي، على غرار رفع سنّ التقاعد وزيادة الضريبة على القيمة المضافة، مؤكداً أنها بدأت تؤتي ثمارها وتفيد الوضع الاقتصادي.


ووعد على الفور مرة جديدة بـ"رفع مستوى المعيشة ومستوى مداخيل" الشعب التي تتراجع بشكل مستمر منذ سنوات عدة، وأكد إرادته حلّ المشاكل الضاغطة، مثل وضع نظام الصحة أو مشاكل النفايات.

ويُفضي برنامج "الخطّ المباشر" مع الرئيس في كل عام إلى إطلاق وعود بحلّ المشاكل اليومية التي يعاني منها الروس وتوبيخ مسؤولين إقليميين وكذلك الكشف عن خبايا الحياة الشخصية لرئيس الكرملين.

ويأتي اللقاء الإعلامي الذي يُنظّم للمرة الـ17 منذ وصول بوتين إلى الحكم عام 1999، في حين تتراجع شعبية الرئيس إلى حدّ كبير ويتزايد استياء وقلق المواطنين.

وكان بالإمكان قراءة سؤال على الشاشة من بين الأسئلة البالغ عددها 1.8 مليون التي وُجّهت إلى الرئيس: "سؤال واحد: متى سترحل؟"، "ماذا سنفعل عندما لن يعود هناك نفط وغاز؟"، "من فضلك، أنقذ روسيا".

الفقر "عار على روسيا"

ونقلت وكالة "فرانس برس"، اليوم، عن معهد "ليفادا" المستقل، استطلاعا يشير إلى موافقة ثلثي الروس على سياسة رئيسهم، وهي نسبة مرتفعة لكنها تراجعت بوضوح مقارنة مع 80% و90% بعد ضمّ القرم عام 2014.

وفي وقت تُفرض على البلاد منذ 2014 عقوبات اقتصادية أوروبية وأميركية غير مسبوقة بسبب الأزمة الأوكرانية، قال رئيس ديوان المحاسبة الروسي ألكسي كودرين في مقابلة متلفزة، إن "الفقر أصبح عاراً على روسيا"، معتبراً أنه يشمل أكثر من 12 مليون شخص من أصل 146.7 مليون نسمة. ولم يستبعد حصول انفجار اجتماعي.

ورغم أن السلطات الروسية لم تواجه بعد حركة اجتماعية واسعة، تم التعبير عن الاستياء في الأشهر الأخيرة عبر سلسلة احتجاجات محلية بشأن مواضيع قريبة مثل معالجة النفايات وبناء كاتدرائية في الأورال.

ويقول المحلل السياسي قسطنطين كالاتشيف لفرانس برس، إن "الهدف الرئيسي من الخط المباشر (مع الرئيس) هو إظهار أن فلاديمير بوتين هو أفضل مدافع عن مصالح الشعب، وأنه الرئيس الأكثر إنسانية والأمل الأخير لإحقاق العدالة".


ويرى كالاتشيف أن الهدف من ذلك هو قبل كل شيء "رفع التفاؤل الشعبي"، مضيفاً أن "الرئيس يؤدي كذلك دور شخص يمكننا التوجه إليه عندما نكون محبطين بالكامل. وبهذا الأسلوب، يحظى بإعجاب عدد كبير من الروس".

وتثير سياسة روسيا الخارجية قلق العديد من الروس في وقت تبدو العلاقات بين موسكو والدول الغربية في أدنى مستوياتها منذ انتهاء الحرب الباردة، بعدما شهدت خلافات بشأن سورية وأوكرانيا وفضائح تدخل في حملات انتخابية مزعومة وتجسس.

وإضافة إلى المشاكل الاقتصادية والسياسية، تثير شخصية الرئيس الفضول ويمرر بشكل عام في اللقاء بعض الإشارات إلى حياته الخاصة التي تحاط بسرية شبه تامة.

ومن بين الأسئلة التي طرحها الروس أيضاً: "هل لديك وقت لقراءة الكتب، ومن هو كاتبك المفضل؟"، "لماذا ترتدي الساعة في معصمك الأيمن؟"، "كيف تجد واقع أن يكون الشخص رئيساً؟ هل هذا صعب أم لا؟".

المساهمون