Skip to main content
بوتفليقة: تعزيز الولاءات تمهيداً لولاية رئاسية رابعة وتجاهل للاعتراضات
العربي الجديد
خلافات بين مؤيدي بوتفليقة ورئيس الاستخبارات

أثار قرار الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، الترشح إلى الانتخابات الرئاسيّة، المقرّرة في السابع عشر من أبريل/نيسان المقبل، ردود فعل لدى العديد من القوى السياسيّة الجزائريّة، فضلاً عن منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان.
وعقب تظاهرات رفضت قرار الرئيس السبعيني بالترشح، جرت في العاصمة الجزائرية، وفضتها قوّات الأمن بالقوّة، أعلن، اليوم الجمعة، أقدم حزب معارض في الجزائر، "جبهة القوى الاشتراكية"، عدم المشاركة في الانتخابات رغم اعترافه بأن خيار المقاطعة لا يمثل لوحده بديلاً.
وقال الحزب، في بيان سياسي أعقب اجتماع مجلسه الوطني، إن الانتخابات ليس شأناً حاسماً إلا للنظام، والمشاركة فيها بالنسبة إلى جبهة القوى الاشتراكية "غير معقولة، وخيار المقاطعة حتى ولو كان محترماً، لا يمثل لوحده بديلاً".
وأوضح الحزب أن الانتخابات الرئاسية لن تجنّب مخاطر الفراغ السياسي وعدم الاستقرار المؤسساتي والتطرف المحتمل ولن تمحو الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية.
وعلى الرغم من أن ترشيح بوتفليقة لنفسه لفترة رئاسية جديدة، بعد 15 عاماً في وجوده في هذا المنصب، لم يشكّل صدمة بالنسبة إلى الجزائريين، لكن الطريقة التي أبلغهم فيها بذلك كانت مفاجأة، إذ لم يتوّجه الزعيم البالغ من العمر 77 عاماً، والذي أصيب بجلطة العام الماضي، بخطاب إلى شعبه يعلن فيه عزمه ترشيح نفسه، بل ترك رئيس وزرائه ووكالة الأنباء الوطنية يعلنان ذلك، الأسبوع الماضي.
وسجل بوتفليقة نفسه كمرشح لدى المجلس الدستوري، قبل 24 ساعة من نهاية المهلة المتاحة للمرشحين. وظهر لفترة وجيزة على التلفزيون الرسمي وتكلم علانية للمرة الأولى منذ أشهر.
وفي ضوء التأييد الذي تحظى به من "جبهة التحرير الوطني" (الحزب الحاكم) وحلفائها والجيش، فإن فوز بوتفليقة في الانتخابات في حكم المؤكد.

وهو الذي ينسب إليه الفضل في قيادة الجزائر، وإخراجها من الحرب الأهلية، التي دارت رحاها في التسعينات بين قوات الامن والإسلاميين.
وسيزيل تولي بوتفليقة الحكم لفترة جديدة، بالنسبة إلى بعض الناس، الغموض بشأن مستقبل الجزائر التي تعد منتجاً رئيسياً للنفط في أفريقيا، وحليفاً لواشنطن في حربها على المتشددين الاسلاميين، الذين وسعوا نشاطهم في شمال أفريقيا بفضل الفوضى التي اجتاحت ليبيا.
ورغم كل الإصرار الرسمي على أن بوتفليقة يتمتع بصحة طيبة، فإن ندرة ظهوره، أدت إلى شكوك حول الكيفية التي سيدير بها حملته الانتخابية، وما قد يحدث إذا مرض من جديد، ومن يخلفه إذا اضطرته حالته الصحية إلى التخلي عن الحكم في الفترة الرابعة.
وقال الخبير في شؤون شمال أفريقيا في مركز مكافحة الارهاب في وست بوينت، جيف بورتر، إنه يمكن احصاء المرات، التي ظهر فيها بوتفليقة علناً في العام الماضي، على يد واحدة. وأضاف: "ستكون انتخابات 17 ابريل/نيسان غريبة من حيث ممارسة الديموقراطية".

وفي الأسابيع الأخيرة، خرجت إلى العلن خلافات بين مؤيدي بوتفليقة ورئيس الاستخبارات، الفريق محمد مدين.
وقال محللون إن جانباً كبيراً من ذلك عكس جهود جماعة بوتفليقة لتحييد النفوذ السياسي لمدين قبل أن يعلن الرئيس ترشحه لفترة رابعة.
ويبدو أن رجال بوتفليقة كانت لهم الغلبة، فقد تم عزل عدد من كبار ضباط الاستخبارات ونقل آخرون، في حين يتولى حلفاء الرئيس مناصب رئيسية في الجيش ومجلس الوزراء.
ويترأس اللواء أحمد قايد صالح، رئيس الاركان ونائب وزير الدفاع وأحد المقربين من بوتفليقة، لجنة تقرّ ترقيات ضباط الجيش. وتقول مصادر سياسية إن هذا المنصب يمكن أن يُستغل في تقليص دور الاستخبارات في السياسة. وفي عام 2012 أشار بوتفليقة إلى أن زمن جيله من الزعماء قد انقضى لكنه شدد قبضته على الحكم.
ويقول حلفاء بوتفليقة إنه شخصية تمثل عامل استقرار في منطقة شمال إفريقيا. وقال مصدر مقرب من الرئاسة إنه بمجرد انتخاب بوتفليقة، سيتم تعديل الدستور، لايجاد منصب نائب الرئيس أو حتى نائبين للرئيس لإدارة السياسة والأمن.
وأوضح المصدر أن بوتفليقة "على الأرجح سيترك السلطة قبل نهاية فترة السنوات الخمس وسيتولى نائب للرئيس الحكم".

مناورات حزبية
وربما يكون سلال (66 عاماً) الذي أدار الشؤون اليومية بصفته رئيساً للوزراء، خلال مرض بوتفليقة، أحد المرشحين لشغل منصب نائب الرئيس. كما برز اسم المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، كأحد المرشحين لهذا المنصب.
ورغم ما ألم بجهاز الاستخبارات من ضعف فإنها لا تزال طرفاً أساسياً في الحياة السياسية في الجزائر.
وقال الخبير في شؤون شمال افريقيا في مجموعة أوراسيا، ريكاردو فابياني، إن "الولاية الرابعة لبوتفليقة لن تنهي الصراع، فاستقرار النظام سيتوقف على صحة بوتفليقة وجماعات النظام التي تناور لتحديد من يخلف الرئيس".
الجدير بالذكر، أن عدد المشاركين في السباق الرئاسي بلغ خمسة مرشحين، وتبدأ الحملة الانتخابية في 23 مارس/آذار الحالي، لكن الناخبين لا يعرفون ما إذا كان بوتفليقة سيكثر من الظهور العلني.