بنكيران يخسر قيادة "العدالة والتنمية": السيناريوهات مفتوحة

بنكيران يخسر قيادة "العدالة والتنمية": السيناريوهات مفتوحة

27 نوفمبر 2017
قاد بنكيران "العدالة والتنمية" لصدارة المشهد السياسي(فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
لم يعد ممكناً أمام الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" عبدالإله بنكيران، قيادة حزبه لولاية ثالثة مقبلة، بعد أن حسم أعضاء المجلس الوطني (برلمان الحزب) يوم أمس الأحد المعركة القانونية والسياسية الطاحنة التي اندلعت داخل الحزب القائد للحكومة، برفض تعديل القانون الداخلي الذي يتيح ولاية ثالثة لبنكيران.
وجاء تصويت أعضاء المجلس الوطني ضد بقاء بنكيران على رأس "العدالة والتنمية" بأغلبية 126 صوتاً مقابل 101 صوت أيدوا زعامة الرجل، كما أن المجلس الوطني للحزب صوّت برفض تعديل المادة 37 من النظام الأساسي للحزب، والذي كان سينص على حذف عضوية وزراء الحزب في الأمانة العامة بالصفة.

معركة قانونية بخلفية سياسية انتهت بهزيمة بنكيران وتياره المؤيد لبقائه على رأس الحزب، بعد أن تمت الإطاحة به من خلال إعفائه من رئاسة الحكومة من قِبل العاهل المغربي الملك محمد السادس، جراء فشله في تشكيل الحكومة لمدة فاقت خمسة أشهر، قبل أن يتدخل القصر الملكي ويعيّن سعد الدين العثماني رئيساً جديداً للحكومة المغربية.
وبهذا المستجد في البيت الداخلي لحزب "العدالة والتنمية"، والذي لا شك في أن له تداعيات على مسار الحزب ومكانته في المشهد السياسي للبلاد، تكون مرحلة بنكيران قد شارفت على الانتهاء، بعد رحيل اضطراري من رئاسة الحكومة، ثم رفض داخلي لبقائه على رأس الحزب القائد لهذه الحكومة.

وإن كان بنكيران لم يضع نقطة نهاية لمساره السياسي الحافل داخل "العدالة والتنمية" المغربي، لكن هذه "الهزائم" تأتي لتعيده إلى الخلف بعد أن كان إشعاعه وتوهجه السياسي قد أثار ظاهرة سياسية لم يسبق أن شهدها المغرب المستقل من قبل، حتى أنه نُعِت بكونه وحشاً سياسياً وظاهرة تواصلية لافتة، بالنظر إلى شعبيته الجارفة، خصوصاً عندما كان رئيساً للحكومة.
وانطلق بنكيران داخل الحركة الإسلامية شاباً صغيراً، وتدرج في جماعاتها وتياراتها المختلفة، مناصراً العمل العلني والتنظيمي ونابذاً العمل السري مثل عدد "إخوانه" في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، قبل أن يتقلد مناصب القيادة داخل الحزب في التسعينيات ثم الألفية الثالثة.

وبزغ نجم الرجل في الحراك العربي الذي وافق ظهور حركة 20 فبراير في المغرب، حيث كان من رافضي الخروج في الاحتجاجات بالشوارع المغربية، لكنه "استثمر" الحراك لصالح حزبه، بدعوته إلى مناهضة الفساد خلال الانتخابات المبكرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، التي جاءت لتتوج حزمة من الإصلاحات الدستورية التي فرضها الحراك المغربي حينها.

وتدفقت "كاريزما" الرجل في الحملة الانتخابية لحزب "العدالة والتنمية" التي جاب خلالها مناطق البلاد طولاً وعرض، ليحصل الحزب على المرتبة الأولى ويترأس الحكومة، قبل أن تمر خمس سنوات "بسلام"، وتحل انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016 التي تألق فيها نجم بنكيران مرة أخرى، ووضع وزنه السياسي كله ليفوز الحزب، ويقود الحكومة لولاية ثانية.
النجاح الباهر لبنكيران في قيادة الحزب إلى تصدر الانتخابات وهزم خصمه اللدود حزب "الأصالة والمعاصرة"، قابله فشل في تشكيل الحكومة ناهز نصف عام تقريباً، ليقرر الملك إعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة، ويسلم المشعل إلى العثماني.


وبعد إعفائه من رئاسة الحكومة انطلقت معركة داخل "العدالة والتنمية" حول بقاء الرجل على رأس الحزب أم رحيله، من خلال الدعوة إلى تغيير القانون الداخلي الذي لا يسمح سوى بولايتين متتاليتين فقط، ليتقرر أمس الأحد رفض تعديل القانون، وبالتالي رحيل بنكيران عن زعامة الحزب، وانتصار ما يسمى "تيار الاستوزار" الذي كان رافضاً لترؤس الرجل لولاية ثالثة.

ويقف الحزب الحاكم في المغرب، بعد رحيل بنكيران عن زعامته، أمام 3 سيناريوهات حول مستقبله ووضعه في المشهد السياسي والحزبي والانتخابي في البلاد، الأول أن يحدث انقسام داخلي ويتم تشكيل تيار أو حزب جديد مؤيد لبنكيران، وهو سيناريو يستبعده الكثير من المحللين بالنظر إلى القوة الداخلية للحزب وتمرسه على الديمقراطية الداخلية وخروجه من محن سياسية كثيرة سابقة، لعل أقواها الدعوات إلى حل الحزب بعد التفجيرات الإرهابية في الدار البيضاء في مايو/أيار 2003.

والسيناريو الثاني أمام "العدالة والتنمية" أن يتحول إلى رقم عادي في المعادلة الحزبية والسياسية في البلاد، بسبب رحيل بنكيران الذي يتفق الكثيرون على أنه كان مصدر نجاحات الحزب في الانتخابات التشريعية السابقة، وبالتالي فقدان بريقه السياسي، وسيره نحو "الاختفاء" وعدم التموضع بشكل جيد في الانتخابات المقبلة لعام 2021.

أما السيناريو الثالث، فيقوم على استمرار الحزب في مساره السياسي، من خلال رئاسة الحكومة، وتسجيل مكاسب انتخابية خصوصاً في القطاعات الاجتماعية، واستغلال "ضعف" المعارضة واكتفائها بتوزيع الاتهامات ضد الحكومة، وبالتالي إمكانية تحقيق نفس النتائج الإيجابية في المحطات الانتخابية المقبلة على الرغم من رحيل بنكيران عن زعامة الحزب.

المساهمون