Skip to main content
بلال الحسن يستحق الاهتمام
بشير البكر
بلال الحسن اسم مؤسس في الصحافة العربية الجديدة
بلال الحسن اسم مؤسس في الصحافة العربية الجديدة، منذ تجربة صحيفة المحرر الذائعة الصيت في الستينات، مروراً بالسفير، ومن ثم أسبوعية اليوم السابع في باريس في عام 1983، كما أنه رمز من رموز النضال الوطني الفلسطيني الذي بدأ التجربة مبكراً في نهايات الخمسينات من داخل دائرة "الحكيم" جورج حبش، إلى جانب غسان كنفاني وفضل النقيب وآخرين، ثم انخرط في منعرجات التجربة الفلسطينية، ليكون من بين القيادات الفلسطينية الشابة اللامعة، حيث تبوأ موقع عضو لجنة تنفيذية في منظمة التحرير وعضو مكتب سياسي في الجبهة الديمقراطية، بالإضافة الى عضويته في المجلس الوطني الفلسطيني.
وعلى الرغم من أن بلال الحسن متعدد الاهتمامات، إلا أنه بقي أكثر انشداداً إلى الصحافة وسط عائلة من السياسيين من الصف الأول في حركة فتح، حيث كان شقيقاه، خالد وهاني، عضوين في اللجنة المركزية لحركة فتح في فترة مبكرة، وبقيا كذلك حتى وفاتهما، وأعطى بلال للصحافة العربية الكثير من موقعيه، السياسي والمهني.
التجربتان البارزتان في مسار بلال الحسن على الصعيد الإعلامي، هما "السفير" و"اليوم السابع"، وهو حين يتحدث عن مشواره المهني الطويل، يضعهما مقابل بعضهما البعض، من منطلق خصوصية كل منهما، وهما في الحقيقة تتكاملان من حيث السياق العام والمنحى الزمني، ولكن فلسطين تحضر بقوة في كلتيهما، ويظهر في الخلفية الرئيسية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وفي حين كانت "السفير" تجربة لبنانية فلسطينية، فإن "اليوم السابع" كانت تجربة عربية أوسع. استدعت الأولى تطورات الوضع اللبناني بعد خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن إلى لبنان، إثر أحداث سبتمبر/ أيلول عام 1970، بينما جاءت الثانية بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان إلى البلدان العربية، بعد اجتياح إسرائيل لبنان 1982. الأولى أتت في ظل إرهاصات الموقف اللبناني العام الذي كان يتفاعل في اتجاه نزاع أهلي كبير من حول القضية الفلسطينية، والثانية على إثر تراجع كبير من حول قضية فلسطين، بعد الخروج من بيروت، وتشتت الثقل الفلسطيني السياسي والعسكري، وعدم وجود قاعدة انطلاق أساسية للنشاط، كالتي وفرتها بيروت لمنظمة التحرير. ومن هنا، كان على الإعلام أن يتحمل مسؤولية مضاعفة، وهذا ما نهضت به مجلة اليوم السابع من دون غيرها من المنابر التي أنشأتها منظمة التحرير بعد الخروج من بيروت.
واستحضار تجربة "اليوم السابع" يستدعي التوقف عند دور بلال الحسن الذي وضع الخط التحريري العام للمجلة، وتلخص في عدة عناصر: تلازم السياسي والثقافي، ضرورة فتح قنوات حوار فعلي بين مشرق الوطن العربي ومغربه، والعمل على إعادة فلسطين إلى قلب الحراك السياسي والثقافي العربي. وقد لعب الموقع الباريسي دوراً أساسياً في ربط صلات المجلة بقرائها من الكويت إلى موريتانيا، وأعطاها مذاقاً خاصاً بالنظر إلى ما تتمتع به العاصمة الفرنسية من حرية فكرية وثقافية.
يسجل لبلال الحسن أنه تمكن من مقاطعة الخيوط في تجربتي "السفير" و"اليوم السابع" في نقطة واحدة، لتكون فلسطين بوصلة الديمقراطيين العرب.
مناسبة الحديث عن بلال الحسن أن الرجل توقف عن الكتابة والمتابعة الصحافية منذ حوالي أربعة أعوام، لمرض ألمَّ به، ومنعه من ممارسة كل أنواع النشاط السياسي والإعلامي والفكري، وصار الرجل شبه معزول عن العالم، باستثناء زوجته هانية التي تتكفل بالإشراف على وضعه. أظن أن هذا الرائد الإعلامي يحتاج إلى اهتمام من نمط خاص ورعاية كبيرة، وعلى الرغم من أنه يحظى بالعلاج الطبي اللازم في فرنسا، فهناك ما يستوجب توفير بيئة يمكن من خلالها تجاوز حالته المرضية، والعودة إلى وضعه الطبيعي.