بغداد تصعّد العقوبات وتوقف التعاملات المالية مع كردستان

بغداد تصعّد العقوبات وتوقف التعاملات المالية مع كردستان

29 سبتمبر 2017
توقعات بتفاقم الأزمات المعيشية في كردستان (فرانس برس)
+ الخط -
واصلت بغداد تصعيد العقوبات الاقتصادية على كردستان العراق بسبب الاستفتاء الذي صوّت فيه نحو 92% من سكان الإقليم بنعم للانفصال، وأوقف البنك المركزي العراقي اليوم جميع التعاملات المالية مع كردستان في خطوة قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في سعر الدولار وتفاقم الأزمات المعيشية للإقليم، حسب محللي اقتصاد ومال تحدثوا لـ"العربي الجديد".

وقال مسؤول عراقي بارز في البنك المركزي ببغداد لـ"العربي الجديد"، اليوم، إنه تم إيقاف جميع التعاملات المالية مع إقليم كردستان العراق، تنفيذاً لقرار البرلمان الصادر أمس.

ويعتمد الإقليم بشكل رئيس في تعاملاته المالية على البنوك العراقية التي توفر العملة الصعبة (الدولار) والتي تدعم الإقليم في استيراد احتياجاته اليومية من المواد الغذائية والحاجيات الضرورية من تركيا وإيران.

ووفقاً للمسؤول العراقي، الذي رفض ذكر اسمه، فقد تم حرمان 3 مصارف تابعة لإقليم كردستان من المشاركة في مزاد العملة الصعبة الذي تم ببغداد صباح اليوم، كما تم منع البنوك وشركات الحوالات المالية العاملة في بغداد والمحافظات الأربع عشرة الأخرى من تحويل أي مبالغ بالعملة الصعبة لإقليم كردستان مع إبقاء التحويل بالعملة العراقية ضمن سقف محدود.

وأضاف أن "التحويلات المالية التي جرى إيقافها، تتعلق أيضاً بالشركات الاستثمارية والإنشائية العاملة في الإقليم، وتتخذ من بغداد والمحافظات الخاضعة لحكم الدولة الاتحادية مقراً لها".

وحسب المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه فإن هذا القرار يأتي استجابة لتوصيات البرلمان العراقي الذي اتخذ إجراءات عقابية ضد الإقليم على خلفية تنظيمه استفتاء للانفصال عن العراق، واصفا البنك بأنه جهة تنفيذية لا سياسية ويتلقى التعليمات لتنفيذها.

ويواجه إقليم كردستان العراق إجراءات عقابية من دول الجوار، إذ أعلنت عدة دول عن تعليق رحلاتها إلى الإقليم، كما أغلقت إيران حدودها معه وسط تهديدات باتخاذ إجراءات تصعيدية الفترة المقبلة.

لكن العقوبات المالية سيكون لها الأثر السلبي الأكبر على معيشة سكان الإقليم، إذ يتوقع أن يؤدي وقف التعاملات المالية إلى صدمة كبيرة في السوق الكردستاني حيث يرجّح ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار إلى مستويات قياسية، فضلا عن تعثر عملية الاستيراد بالأيام القادمة في حال استمرت العقوبات التي فرضها البنك المركزي على حكومة كردستان، حسب محللين.
وقال الخبير المالي العراقي أحمد الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن "توقف التعاملات المالية بين البنك المركزي العراقي وكردستان سيكون له تأثير كبير على الواقع الاقتصادي في الإقليم قد يظهر خلال الساعات القادمة، وخاصة أن القرار جاء يوم الخميس، ولدينا الجمعة والسبت بلا مزاد للعملة، ما سيرفع سعر صرف الدولار في الإقليم بشكل كبير جدا".

وأضاف الهاشمي أن "بنوك الإقليم والشركات ستلجأ إلى الاحتفاظ بالعملة الصعبة ومحاولة سحب الموجود منها بالسوق، وقد نجد تكرارا لتجربة مصرية قبل أشهر عندما قامت البنوك بصرف الحوالات القادمة بالدولار بالعملة المحلية مبررة ذلك بعدم امتلاكها للدولار".

من جانبه، قال عضو غرفة تجارة بغداد، محمد عبد الرحمن السعدي، لـ"العربي الجديد"، إن "مخالفة أي بنك أو شركة لقرارات البنك المركزي قد تؤدي إلى اعتبارها عقوبات جنائية من الدرجة الأولى، لذا لن يخاطر أي طرف بتحويل مبالغ لكردستان".

وأوضح أنه "في حال اكتشاف قيام أحد البنوك أو الشركات العراقية بتحويل مبالغ من خلال فروعها الخارجية بدول الجوار أو عبر بنك وسيط إلى كردستان ستترتب عليها عقوبات تصل إلى سحب الرخصة منها". وتوقع أن يلقى الإجراء تأثيراً سريعاً على قطاع المصارف وسوق العملة في كردستان العراق.

وكان مجلس النواب صوّت،  أمس، على جملة من القرارات بحضور رئيس الوزراء، حيدر العبادي، رداً على إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان، من بينها أمر البنك المركزي بوقف التحويلات المالية وكل أشكال التعاملات الأخرى بالعملة الصعبة للإقليم.

وحسب تقارير رسمية، يقدر حجم العملة الصعبة الداخلة للإقليم من العراق بشكل يومي ما بين 4 و5 ملايين دولار، ويعتمد القطاع الخاص في الإقليم على العملة الصعبة بتعاملاته التجارية، مع كل من إيران وتركيا من خلال عمليات استيراد المواد الغذائية والإنشائية، وكذلك دفع مستحقات الشركات الأجنبية العاملة لديه في قطاع النفط والغاز، فضلاً عن استيراد حكومة الإقليم نحو 300 ألف لتر بنزين من تركيا، و100 ألف من إيران يومياً لسد الحاجة المحلية له، وتدفع الكلفة بالعملة الصعبة أيضاً.

وتوقع المحللون تفاقم أزمة الرواتب في ظل تصاعد الأزمة المالية بالإقليم. ولجأت حكومة كردستان إلى تصدير النفط مباشرة إلى تركيا بهدف توفير السيولة، إلا أن توتر الأوضاع السياسية مع أنقرة ودول الجوار سيخنق الإقليم مالياً واقتصادياً.