على الرغم من أن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي اصطدمت مجدداً بعقبات أحبطت آمال التوصل لاتفاق، بحلول موعد القمة الأوروبية المرتقبة الأسبوع الحالي، أكد وزراء خارجية الاتحاد أن الوقت لا يزال متاحاً للتفاوض، وسط تفاؤل حذر من نظيرهم البريطاني.
وأكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم الإثنين، أن الوقت لا يزال متاحاً للتفاوض والتوصل إلى اتفاق حول "بريكست" منظّم، حتى مع فشل آخر جولة مفاوضات بشأن اتفاق ينظم خروج بريطانيا من التكتل.
وفي اجتماع عُقد في لوكسمبورغ، توافق وزراء الخارجية الأوروبيون، على أنه لن يكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق خلال قمة قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، التي وصفها رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، في وقت سابق، بأنها "لحظة الحقيقة" لضمان خروج منظّم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأكد الوزراء أن الوقت لا يزال متاحاً لحل القضايا العالقة البارزة، ومن بينها الخلاف حول مسألة الحدود مع أيرلندا الشمالية، قبل قمة طارئة مقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
من جهته، أبدى وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، تفاؤلاً حذراً تجاه ضمان توصّل بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق حول "بريكست".
وقال للصحافيين عند وصوله لحضور اجتماع وزراء الخارجية، اليوم الإثنين، "هناك قضية واحدة أو اثنتان من القضايا العالقة والشائكة، لكنني أعتقد أن ثمة إمكاناً للتوصل إلى اتفاق. ولا ندري هل سنتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع أم لا، من يدري؟".
وقال إن "الجميع يبذلون جهوداً حثيثة. أعتقد أن هناك إمكاناً لبلوغ هذا الهدف، وأعتقد أننا نستطيع تحقيق ذلك بفضل النيات الحسنة لدى الجانبين".
وتغادر بريطانيا رسمياً الاتحاد الأوروبي في 29 مارس/ آذار 2019، لكن ينبغي التوصل إلى اتفاق خلال الأسابيع المقبلة، لإتاحة الوقت أمام برلماني الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، لإقرار الاتفاق.
خيارات ثلاثة
وقبل أيام قليلة من موعد القمة الأوروبية الحاسمة لمفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، توجه وزير "بريكست" دومينيك راب إلى بروكسل، الأحد، ليطلب المزيد من الوقت للتفاوض من رئيس الوفد الأوروبي المفاوض ميشيل بارنييه، غير أنه لم يتوصل إلى نتيجة.
ويعود سبب فشل المفاوضات المكثفة التي جرت نهاية الأسبوع، إلى معضلة خطة المساندة الخاصة بوضع الحدود الأيرلندية، حتى التوصل إلى اتفاق شامل بين الطرفين.
وأمام بريطانيا في هذه الحالة ثلاثة خيارات: إما إبقاء أيرلندا الشمالية فقط في الاتحاد الجمركي الأوروبي وهو ما يطرحه الاتحاد الأوروبي وترفضه بريطانيا، لكونه يفصل جزءاً من المملكة المتحدة تنظيمياً عن بقية البلاد، ويضع الحدود الجمركية داخل الحدود البريطانية.
أما الخيار الثاني، فيشمل إبقاء كامل المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي لفترة مؤقتة، ولكن تتجاوز المرحلة الانتقالية التي تنتهي بنهاية عام 2020. ولا يرفض الاتحاد الأوروبي هذا الخيار، إلا أنه يواجه معارضة شديدة من مؤيدي "بريكست" في حزب "المحافظين"، ويعتبرونه تمهيداً لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
أما الخيار الثالث، فهو الخروج من دون اتفاق، وعلى الرغم من أنه الخيار غير المفضل لدى الطرفين، إلا أن جمود المفاوضات الحالية يجعله الخيار الأكثر واقعية.
وكان راب قد أطلع بارنييه،نهاية الأسبوع، على تعقيد الوضع السياسي البريطاني حول خطة المساندة، لينتهي الاجتماع بين الرجلين بعد ساعة من دون أي نتيجة إيجابية.
وتوقفت المفاوضات بسبب معضلة الحدود الأيرلندية، وخطة المساندة الخاصة بها، كما ألغيت اجتماعات فردية كان من المقرر أن يعقدها راب مع ممثلي الدول الأوروبية.
وعلّق بارنييه على فشل المفاوضات بقوله: "رغم الجهود المكثفة، لا تزال بعض القضايا الرئيسية مفتوحة، بما فيها خطة المساندة لتجنب الحدود الصلبة".
بينما علقت رئاسة الوزراء البريطانية بقولها: "في الأيام القليلة الماضية حقق مفاوضو الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تقدماً حقيقياً في عدد من القضايا الرئيسية. إلا أنه لا تزال عدة قضايا من غير حلّ في ما يتعلق بخطة المساندة".
سيناريو عدم الاتفاق
وتدفع المخاوف من فشل المفاوضات الحكومة البريطانية، إلى التحضير لسيناريو عدم الاتفاق، مع نهاية الشهر الحالي. وتأتي هذه الاستعدادات بعد تحذيرات بأن الوقت يفوت على بريطانيا للتجهيز لـ"بريكست" من دون اتفاق، وأنه بغض النظر عن تطور المفاوضات، يجب على بريطانيا الاستعداد مع بدء نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لهذا الاحتمال، إذا أرادت الجاهزية لموعد مارس/ آذار المقبل.
وتشمل هذه التجهيزات تحضير الموانئ والمعابر الحدودية البريطانية لطوابير طويلة من الشاحنات وعربات النقل، إضافة إلى تخزين المواد الغذائية والطبية، ودفع الأعمال البريطانية إلى طلب رخص جمركية للتجارة مع الاتحاد الأوروبي.
وكانت أرلين فوستر زعيمة "الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي"، وحليفة رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في ويستمنستر، قد أكدت جاهزية حزبها لسيناريو عدم الاتفاق. وقال المتحدث باسم حزبها سامي ويلسو، إنّ "الخروج من دون اتفاق حتمي"، موجهاً اللوم إلى الاتحاد الأوروبي.
وأضاف لصحيفة "بلفاست نيوز ليت"، "استناداً إلى الطريقة التي يتعامل بها الاتحاد الأوروبي والركن الذي وضعوا تيريزا ماي فيه، لا أرى اتفاقاً في الوقت الراهن يمكن أن يحصل على غالبية في مجلس العموم". وتابع: "على الأرجح وبشكل حتمي، سينتهي الأمر بسيناريو لا اتفاق".
ودعا ديفيد ديفيس وزير "بريكست" السابق، الوزراء البريطانيين إلى "التمرّد" على خطة ماي بشأن "بريكست". وكان ثلاثة من وزرائها قد هددوا بالاستقالة، الأسبوع الماضي، احتجاجاً على استعدادها لقبول بقاء كامل المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي، إلا أنّ الوزراء الثلاثة؛ أندريا ليدسوم زعيمة "المحافظين" في مجلس العموم، وإستر ماكفي وزيرة العمل والتقاعد، وبيني موردونت وزير التنمية الدولية، قرروا حسم أمرهم حيال هذه الخطوة بعد اجتماع الحكومة، يوم غد الثلاثاء.