بريطانيا... الأمل الأخير لأطفال مخيم كاليه

بريطانيا... الأمل الأخير لأطفال مخيم كاليه

21 أكتوبر 2016
ظلّت بريطانيا مترددة في استقبال اللاجئين (دنيس شارليه/فرانس برس)
+ الخط -

في ظلّ الانتقادات والاتهامات المتبادلة بين الحكومة البريطانية ونظيرتها الفرنسية، اضطرت لندن لنقل أول دفعة من 14 طفلاً من اللاجئين المقيمين في مخيم كاليه (شمال فرنسا)، إلى الأراضي البريطانية، كجزء من خطة أعلنتها وزيرة الداخلية البريطانية آمبر رود، قبل أيام، ذكرت فيها أن "بلادها ستستقبل المئات من اللاجئين القصّر قبل تفكيك المخيم". ومع اتهام الوزيرة البريطانية "البيروقراطية الفرنسية" بتأخير عمليات نقل القصّر إلى لندن، اعتبرت باريس أنه كان من المفترض أن يحظى القُصّر بحماية بريطانيا قبل وقت، إلّا أنّ التعقيدات البيروقراطية وتردّد السلطات البريطانية، تسبّبت في عملية البطء على مستوى تدابير التكفّل بهؤلاء اللاجئين.
وجاءت الاستجابة المتأخرة، والمتواضعة للحكومة البريطانية بعد ضغوط خارجية وانتقادات داخلية، لا سيما بعد أن أصدرت محكمة بريطانية في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، قراراً يسمح لأربعة لاجئين سوريين، ثلاثة منهم قاصرون، بدخول بريطانيا للانضمام إلى باقي أفراد أسرهم، حتى النظر في طلبات اللجوء التي تقدموا بها.

وقد اعتبر خبراء في حينه أن "قرار المحكمة سابقة قضائية قد تفتح أبواب بريطانيا أمام مهاجرين آخرين عالقين في مخيمات اللجوء في مدينة كاليه الفرنسية". كما تأتي استجابة الحكومة البريطانية بعد أن هددت منظمة "سيتيزينز يو كي"، وهي منظمة إنسانية تعمل في "مخيم الغابة للاجئين" في مدينة كاليه، الحكومة البريطانية باتخاذ خطوات قانونية ضدها إذا لم تعجل بنقل وإيواء الأطفال اللاجئين. وانتقدت المنظمة البرنامج الذي أعدته الحكومة البريطانية لاستضافة الأطفال، واعتبرته "أحادي الاتجاه وبطيء".

أما منظمة الصليب الأحمر فاعتبرت أن بريطانيا "لم تستجب" لدعوات السلطات الفرنسية بقبول المهاجرين القصّر من كاليه، واتهمتها بـ"عدم تمتّعها بالسلطة التقديرية الكافية، بشأن الأضرار التي يمكن أن تلحق بهؤلاء الأطفال".

ولم تقتصر الانتقادات الموجهة للحكومة البريطانية على بطء الإجراءات في نقل الأطفال القُصر من مخيم كاليه، أو على تواضع عدد الأطفال الذين استعدت الحكومة البريطانية لاستقبالهم.  وفيما طالب بعض السياسيين البريطانيين بإجراء كشف طبي على الأطفال الذين يسمح لهم بدخول بريطانيا للتأكد من أعمارهم الحقيقية، انتقدت رابطة أطباء الأسنان البريطانيين دعوة النائب ديفيد ديفيس لإجراء فحوصات على أسنان هؤلاء الأطفال، للتيقن من أنهم بأعمار أقل من 18 عاماً، ووصفت هذا الفحص بأنه "غير أخلاقي".



يُذكر أن بريطانيا ظلت مترددة في استقبال أي من اللاجئين الذي وصلوا إلى القارة الأوروبية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل ورفضت الانضمام إلى نظام "الكوتا" الذي اقترحته بعض دول الاتحاد الأوروبي، إلى أن أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، عن استعداد بلاده لاستقبال 20 ألفاً من السوريين اللاجئين في مخيمات لبنان والأردن على دفعات حتى عام 2020. في المقابل، رفض استقبال أي من المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا، بمن فيهم اللاجئون في كاليه.

وتخوف مراقبون من تراجع بريطانيا عن هذه التعهّدات مع تولي تيريزا ماي، رئاسة الحكومة البريطانية، في يوليو/ تموز الماضي، لا سيما أن ماي التي ترأست وزارة الداخلية البريطانية منذ عام 2010، تبنّت سياسة صارمة ضد الهجرة واللاجئين، واعتبرت أن اللاجئين تسببوا في "طرد الكثير من البريطانيين من سوق العمل وتحويلهم الى عاطلين". ولطالما كانت ماي من المتحمسين لضرورة ضبط الحدود، وإصلاح قوانين الهجرة، ولم تتوان عن اتخاذ أي إجراء يردع للحد من تدفق المهاجرين إلى بريطانيا.

وتجلت سياسة تيريزا ماي وحكومتها تجاه اللاجئين، ومنهم أولئك العالقون في مخيم كاليه، بالشروع في بناء جدار بطول كيلومتر واحد، وبارتفاع 4 أمتار، بمحاذاة معسكر "الغابة"، وذلك لمنع تسلل اللاجئين من الأراضي الفرنسية إلى بريطانيا عبر قناة بحر المانش، كما قال وزير الهجرة البريطاني، روبرت غودويل، للنواب أثناء دفاعه الشهر الماضي عن المشروع لبناء الجدار. وتسعى ماي، كما أعلنت الشهر الماضي في أول خطاب لها، كرئيسة لوزراء بريطانيا أمام الجمعية العام للأمم المتحدة، للتحكم في عملية تدفق اللاجئين إلى بلادها من خلال دفعهم إلى البقاء في الدولة الأولى التي يصلون إليها، والتمييز بين الأشخاص الذين غادروا بلادهم هرباً من الحرب والأشخاص الذين غادروها هرباً من الفقر، ومساعدة بعض البلدان على حماية حدودها.

المساهمون