25 يوليو 2014
بروتوكولات القبل

منى عبد الوهاب (مصر)
تتفوق الحكومة المصرية الحالية على غيرها من حكومات المنطقة في كل ما يتعلق بالبرتوكولات المبتدعة، المذهلة بعض الشيء، خصوصاً عندما يقابل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ضيوف البلاد، من الرؤساء والملوك والأمراء. عند وصول العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى مطار القاهرة، هرول السيسي إلى الطائرة الملكية الرابضة في مطار القاهرة الدولي، وعوضاً عن فرش البساط الأحمر، وعزف السلامين الوطنيين للبلدين، واستعراض حرس الشرف، ومصافحة الزوار، دلف السيسي إلى طائرة الملك، القادمة من المملكة المغربية، ثم طبع قبلة على رأس الملك.
ربما تختلف أنواع السلام والتقبيل عند الشعوب بعض الشيء، فلدى بعضها يكتفي الرجلان بإلصاق الأنفَـيْن، في إشارة إلى المودة الصادقة، وعند بعضها الآخر، يضع الرجل يده على كتف صاحبه، أولاً، ثم يضمه إليه، ويشبع ظهره خبطاً فيما يشبه الضرب، ولسانه يواصل تحية متواصلة التكرار، تنتهي لتبدأ من جديد، بينما هناك من يقبـّلون بعضهم بعضاً على الخدود. المهم أن السيسي قبـّـل رأس الملك أولاً، قبل الدخول في مفاوضات الطائرة.
قد يُقال إن مصر في حاجة إلى المزيد من الدعم السعودي والإماراتي، خصوصاً أن وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، كان قد صرح أن مؤتمراً للمانحين دعت إليه السعودية، بهدف مساعدة مصر، سيعقد قريباً. ربما تكون أزمة الديون المثقلة التي خلفها نظام مبارك المخلوع وراءه، هي ما جعلته يقبله، فيما يشبه "الشحادة"، من دون نسيان ضبابية البرنامج الاقتصادي للحكومة الحالية، في وقت أمسى فيه نصف المصريين تحت خط الفقر، على الرغم من محاولة السيسي دعم الفول والطحينة.
ربما تكون هذه القبلة من السيسي عرفاناً بالجميل، الذي طوق به الملك عنقه، أو تعبر عن مودة خالصة، أو نفاق خالص. المهم أن الملك توقف بطائرته في القاهرة، ومن الجائز أنه لم تكن لديه الرغبة في مقابلة السيسي، لأنه قادم من رحلة استشفاء، لذا اكتفى بمكوثه داخل الطائرة، ونقلت الكاميرات هرولة السيسي، ونقلت أيضاً القبلة النادرة.
استغرق لقاء الملك والمشير خمساً وثلاثين دقيقه فقط، وهي تكفي للسيسي، في أن يلح على الملك بأن يزيده، بعدما منحته السعودية خمسة مليارات دولار، إضافة إلى شحنات نفط تقدر بمليارات أخرى منذ بداية الانقلاب، واعلان خارطة الطريق، وعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في يوليو/تموز الماضي. إذن، هي قبلة مشروعة في عرف حكومة الساعة السابعة، ولكن، يخشى بعضهم أن يشاهدوا قريبا تقبيل الأيادي، إن أدار "ملك المانحين" ظهره، وكف عن العطايا، وشغلته شواغل الجوار المشتعلة.
مقالات أخرى
04 يوليو 2014
18 يونيو 2014
28 مايو 2014