يعيش نادي برشلونة أسوأ فتراته في الوقت الحالي، ولا يعود السبب في ذلك إلى تراجع مستوى أداء الفريق، الذي انعكس بشكلٍ فاضح في مباريات "السوبر الإسباني"، التي انتهت بفوز الملكي بـ5 أهداف مقابل هدف واحد؛ ولا يتعلّق السبب برحيل نيمار دا سلفا إلى باريس سان جيرمان، بأغلى صفقة عرفها تاريخ كرة القدم؛ كما أن تدهور مستوى النادي الكتالوني ليس مرتبطًا بتقدّم لاعبيه في السن وانحدار مستواهم، وعلى رأسهم لاعب الوسط إنيستا، بل إن الموضوع يتعلق بعدم تمكن إدارة برشلونة من القيام بصفقات تسدّ الفراغات التي زعزعت صورة النادي، مما يُشير إلى أن برشلونة الذي تمكّن من التربّع على عرش القمّة في السنوات العشرة الماضية، يسير نحو الهاوية بخطى ثابتة.

وحاولت إدارة برشلونة أن تنعش النادي من خلال الصفقات الكبيرة، فمنذ أن انطلقت إشاعات رحيل نيمار في منتصف الشهر الماضي، والنادي الكتالوني يسعى جاهدًا للقيام بصفقة كبيرة لسدّ الفراغ الذي أحدثه البرازيلي، واتجهت الأنظار سريعًا نحو ليفربول الإنكليزي للتعاقد مع كونتنيو، وإلى بروسيا دورتموند الألماني للتعاقد مع عثمان ديمبيلي، إلا أن كلا الصفقتين تكللتا بالفشل، وعلى الرغم من أن الأرقام التي دفعها برشلونة تجاوزت حدود المعقول، حيث وصل سعر كونتينو إلى 150 مليون جنيه أسترليني، إلا أن الصفقات لم تتم، وذلك ما جعل الأمور تزداد تعقيدًا داخل أروقة النادي الكتالوني، ولاسيما أن الميركاتو الصيفي شارف على الانتهاء.

وعلى الرغم من أن نادي برشلونة تحوّل إلى أضحوكة الميركاتو الصيفي، وأغلقت جميع الأندية الكبيرة الباب في وجهه، ولكن النادي لا يزال يحتفظ بالبعض من مكانته على أرض الملعب، وتمكّن من الفوز في افتتاحية الدوري الإسباني بثنائية نظيفة، ويعود الفضل في ذلك إلى وجود لاعبين في النادي يمتلكون قدرات ومهارات فردية، وقادرين على إحداث الفارق، وعلى رأسهم ليونيل ميسي وإنيستا، اللذان تريثا قبل تجديد عقديهما مع النادي، وانتظرا حتى انتهاء الميركاتو، ومعاينة الصفقات التي سيتمكّن برشلونة من إبرامها.

وبالتزامن مع المأزق الذي تعيشه إدارة نادي برشلونة، أقدمت على خطوة غير محسوبة، حيث رفعت دعوى قضائية ضد نيمار دا سلفا، بسبب خرقه لتعاقده مع النادي الكتالوني بقيمة 8.5 مليون يورو، وتسببت هذه الدعوى بانقلاب في أروقة النادي الكتالوني، حيث أبدى اللاعبون تعاطفهم مع اللاعب البرازيلي، وقام نجم الفريق الأول ليونيل ميسي، بمشاركة صورة تجمعه مع نيمار دا سلفا ولويس سواريز على موقع "أنستغرام"، وأرفقها بعبارة "إنه عائد"؛ وتبعت تلك الصورة مجموعة من ردود الأفعال المناصرة لنيمار من لاعبي البارسا، فشارك كل من لويس سواريز وبيكيه وراكيتيتش بحملة المناصرة.

وبدوره، فإن نيمار عبر عن اندهاشه مما قامت به إدارة نادي برشلونة، ولاسيما أن الإدارة تمنّعت عن دفع 26 مليون يورو، كان يجب عليها أن تدفعها العام الماضي، عندما جدّد نيمار عقده مع برشلونة؛ وعبرت إدارة نادي باريس سان جيرمان عن رأيها بالدعوى القضائية، حيث أصدرت بيانًا رسميًا تضمن: "علمنا بما حصل وشعرنا بالصدمة، نيمار احترم بصرامة القوانين والقواعد المطبقة، ولا يمكنه سوى أن يبدي أسفه لأسلوب نادي برشلونة لكرة القدم". وأكدت عائلة نيمار أيضًا أن نيمار لن يرضخ لرغبة النادي الكتالوني ومطامعه المالية، وأنها ستقف في المحاكم ضدّ برشلونة، وستكسب الدعوى.

ويبدو واضحًا أن هذه الدعوى التي أطلقتها إدارة برشلونة في وقت غير مناسب، وفي أجواء يسودها اليأس والحنين إلى الماضي، ستلعب دورًا هو الأبرز بإنهاء حلم برشلونة، والفريق التاريخي الذي بدأ مع بيب غوارديولا، وقد يكون إعفاء مدير النادي، جوسيب ماريا بارتوميو، من منصبه، هو الحل الوحيد المتبقي للمحافظة على البعض من ذلك الحلم.