بحثاً عن أفق كرامة لا تهان

بحثاً عن أفق كرامة لا تهان

05 يوليو 2015
لاجئون عرب في أوروبا بحثاً عن أفق جديد(العربي الجديد)
+ الخط -
قافلة تركب قوارب الموت، لم تكن وعبر التاريخ قطيعة على المستوى الثقافي بين دول البحر الأبيض المتوسط الأوروبية والدول العربية عامة، وعلى وجه الخصوص دول بلاد الشام على الشاطئ الشرقي من المتوسط، وبالرغم من التأثير الكبير لقيام الكيان الصهيوني في فلسطين وتكامله مع أنظمة الاستبداد في محاولات تعميم الجهل والفقر والتخلف الاجتماعي لعقود، إلا أن كل المؤشرات، وخلال الثلاث سنوات الأخيرة، تدلل على أن اللاجئين ركاب قوارب الموت الذين حالفهم الحظ في الوصول أحياء لدول أوروبا استطاعوا وبسرعة قياسية الحصول على تحقيق نجاحات في مجالات عملهم ودراستهم.
وقد لفت هذا نظر الصحافة التي كتبت عن طلبة متفوقين وأكاديميين لم يستغرق تأهيلهم لسوق العمل الكثير من الوقت، كما أنهم لم يجدوا صعوبة في التواصل مع المجتمعات المحلية.
لا يخلو الأمر من البعض من البيئات المتدنية التي تعاني من صعوبات في التأقلم مع مجتمع متحرر من القيود الاجتماعية من جهة ونظام ديمقراطي بقوانينه الضامنة لحرية الإنسان وكرامته وتقف بالمرصاد لأي تجاوز على حقوق الطفل والمرأة من جهة أخرى، إلا أن الغالبية يطبعها حس التسامح وقبول الآخر عملاً بالمثل القائل (كل مين على دينه الله يعينو). قد يكون الجديد بالنسبة لحالة السوري في المجتمع الغربي أنه الآن تحت تأثير حالة اللاجئ التي يعرفها لأول مرة بصورة جماعية، هرباً من حرب إبادة.
والملفت هنا أنه ليس لاجئا اقتصاديا ولا حتى مهاجرا اقتصاديا مهانا ولا هو مسكين يطلب الشفقة. فكثيرون منهم عاشوا هذه المهانة في بلاد العرب في طريقهم وقبل وصولهم لأوروبا.. نفس هذه المهانة التي ألفها الفلسطيني في ظل الأنظمة العربية التي تتغزل بفلسطين وتحط من شأن الفلسطيني، وهذه التجربة لن تمر على السوري من دون أن تترك بصمتها على ثقافته وترسيخ مفاهيم هذا العصر عصر الحريات العامة والخاصة، وستفتح معركته مع الليبرالية الجديدة والعولمة المتوحشة أسوة بالمجتمعات المتقدمة.
فالاندماج ليس طريقاً سهلاً أمام المهاجرين العرب، والذين جربوا قبلهم ذلك يعرفون معنى أن تلج هذا المسار الصعب.

المساهمون