باكستان: حين تتبنّى فروع "القاعدة" هجوماً فاشلاً

باكستان: حين تتبنّى فروع "القاعدة" هجوماً فاشلاً

21 سبتمبر 2014
كان المعتدون ينوون خطف سفينة باكستانية (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -



كما طرح إعلان تنظيم "القاعدة" المفاجئ عن إنشاء فرع جديد له في شبه القارة الهندية، الكثير من التساؤلات، كذلك أثار الفرع الجديد تساؤلات أخرى، بعد إعلانه عن تمكّن مسلّحيه من السيطرة على سفينة باكستانية أثناء هجومهم على قاعدة بحرية، بقصد استهداف السفن الأميركية القريبة منها، لكن القوات البحرية الباكستانية حالت دون ذلك، حسبما أوضح المتحدث باسم الفرع. علماً بأن "حركة طالبان باكستان" تبنّت مسؤولية الهجوم على القاعدة البحرية، قبل أن يتبنّاها "قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية".

بدأ كل شيء في 9 سبتمبر/أيلول الجاري، حين أعلنت القوات البحرية الباكستانية، أن "مجموعة مسلّحة اقتحمت في 7 سبتمبر قاعدة بحرية، تتضمّن ترسانة بناء السفن في مدينة كراتشي"، وأن "القوات أحبطت الهجوم بعد اِشتباكات عنيفة بين الطرفين، أدّت إلى مقتل ضابط في البحرية وثلاثة من المهاجمين، بالإضافة إلى إصابة ستة من ضباط البحرية بجروح، واعتقال أربعة مسلحين، بحوزتهم أحزمة ناسفة ومتفجرات".

وفي أعقاب حملة أمنية طالت العديد من المدن الباكستانية وأسفرت عن اعتقال عشرات المشتبه في ضلوعهم بالهجوم على القاعدة، أكدت مصادر أمنية أن أجهزة الأمن توصلت إلى إثبات ضلوع حركة "طالبان باكستان" في إقليم السند في تنفيذ العملية.

و"أكدت" ضلوعها بالهجوم، في بيان لها بعد أقلّ من 24 ساعة على وقوعه، حسبما أعلن المتحدث باسمها شاهد الله شاهد، مؤكداً أن "المجموعة المهاجمة كانت تحظى بدعم من داخل القاعدة البحرية، وأن بعض الضباط وعناصر القوات البحرية كانوا على صلة بطالبان".

وهو ما أكده وزير الدفاع خواجه آصف، حين أوجز تفاصيل العملية في جلسة البرلمان الفدرالي، مشيراً إلى أن "أحد المهاجمين الذين قُتلوا أثناء العملية، هو من ضباط البحرية". وذكرت القوات البحرية في بيان لها، أن "فرع إقليم السند في حركة طالبان باكستان قد خطط للعملية ونفذها، وأن القوات البحرية اعتقلت 25 شخصاً على خلفية العملية، بينهم 14 من عناصر وضباط البحرية واثنان من موظفي الحكومة، على خلفية الهجوم". وأَضاف البيان أن "هدف العملية كان تدمير الترسانة المستهدفة والسفن الموجودة فيها"، ونفى بشدّة "وصول المسلّحين إلى أهداف حساسة".

من جهة أخرى، وعلى عكس ما ذُكر، تبنّت "قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية" التي أعلن زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري، عن تأسيسها في 5 سبتمبر، الهجوم على القاعدة البحرية. وذكر المتحدث باسمها أسامة أحمد، أن "المهاجمين تمكنوا من السيطرة على سفينة باكستانية، وحاولوا استخدامها للهجوم على سفن أميركية، لكن القوات البحرية الباكستانية تصدّت لهم ولم تسمح لهم بالهجوم عليها".

ويثير إعلان "القاعدة" أسئلة حول منفذي العملية، هل هم من حركة "طالبان باكستان" أم أنهم فعلاً من عناصر الفرع الجديد لتنظيم "القاعدة في شبه القارة الهندية"؟ ولا يستبعد بعض المراقبين أن تكون العملية قد نُفّذت بالتنسيق بين أكثر من جماعة، وهو ما يشير إليه الإعلامي وخبير الشؤون القبلية رحيم الله يوسفزاي.

وأورد يوسفزاي أمثلة عدة، ومنها الهجوم على قاعدتي سمنغلي وخالد الجويتين، في 14 أغسطس/آب الماضي، الذي نفّذته حركات "طالبان باكستان" و"حركة أوزبكستان الإسلامية" و"طالبان محسود".
غير أن السؤال الأهم يتمحور حول ما إذا كان الهجوم قد نُفّذ بالتنسيق بين "القاعدة" و"طالبان باكستان"، ولماذا لم يُشر إليه الطرفان أثناء تبني العملية؟ فهل يعني هذا أنه تكتيك جديد؟ أم هناك أمر آخر؟

ومن اللافت أيضاً، أن الهجوم جاء بعد أيام من إعلان "القاعدة" تأسيس فرع جديد له في شبه القارة الهندية، وهو ما يثير تساؤلات عما إذا كان الهجوم قد خُطط له قبل تأسيس الفرع. وبالنظر إلى الفترة الزمنية القصيرة بين إعلان الفرع والهجوم، يبدو أن الهجوم كان مخططاً له من قبل، وجاء لإثبات قوة الفرع الجديد في المنطقة. كما يضع حدّاً للتساؤلات حول تأسيسه، ومدى قدرته على الوصول إلى الهدف، الذي ذكره زعيم "القاعدة" أثناء إعلان الفرع، وهو دعم مسلمي شبه القارة الهندية، وتطبيق شرع الله فيها.

ويريد الفرع إثبات أن "القاعدة" الذي أسسه أسامة بن لادن والذي اضمحلّت قوته في منطقة جنوب آسيا بعد مقتله ومقتل العديد من قياداته في الغارات الأميركية بمنطقة القبائل الباكستانية، لا يزال يتمتع بنفوذ وقوة في هذه البقعة من العالم. وإذا كان الهجوم قد وقع بالتنسيق مع جماعات مسلّحة أخرى، فإنه سيضع حدّاً للمزاعم التي تؤكد وجود فجوة بين "القاعدة" والجماعات المسلّحة الموجودة في المنطقة.

وبالنظر إلى تصريحات بعض المسؤولين، فإن الهجوم "المخطط بطريقة خطيرة للغاية"، يُعيد إلى الأذهان الهجوم الذي نفّذه "القاعدة" في 12 أكتوبر/تشرين الأول من العام 2000 على المدمّرة الأميركية "يو إس إس كول" في خليج عدن، والذي أدّى إلى مقتل 17 أميركياً وإصابة العشرات.

ويكمن الفرق بين الأمرين، في عدم وصول منفذي هجوم كراتشي إلى غاية استهداف السفن الأميركية، كما ذكر المتحدث باسم فرع "القاعدة في شبه القارة الهندية". وإذا كان الهجوم قد خُطط بهذه الطريقة، كما يرى المسؤولون، فإن المراقبين لا يستبعدون أن يكون "قاعدة جزيرة العرب" قد خطط له، ونفّذه "قاعدة شبه القارة الهندية".

وبالنظر إلى التصريحات المتناقضة والمواقف المتباينة، لا تزال تشوب خلفيات العملية الكثير من الغموض. ولعلّ أي بيان جديد للجيش الباكستاني أو موقف جديد لـ"حركة طالبان" تجاه تصريحات وبيان المتحدث باسم فرع "القاعدة" في المنطقة، قد يزيل بعض هذا الغموض.

المساهمون