بأيِّ حالٍ عدتَ يا عيدُ

بأيِّ حالٍ عدتَ يا عيدُ

06 أكتوبر 2014
+ الخط -

جاء العيد، والأمة العربية مشرذمة تعاني من أمراضٍ أصابتها منذ عقود، من شرقها إلى غربها، تشكو الآلام والأحزان، على الرغم ممّا حباها به الله من ثروات طبيعية وموارد بشرية. ففي العراق، خلافات طائفية ومذهبية وعرقية كثيرة، كما سوء الإدارة والتدخلات الإقليمية والدولية في الشؤون الداخلية، والتناحر على المناصب، ما مزّق أوصالها، وانتشر الدمار والخراب في ربوعها كافة، وانعكس هذا كله على المواطن الذي أصبح بلا مستقبل، وليس في حساباته أمل في الغد.

وفي سورية، التي مزّقتها الحرب التي يشنها النظام على الشعب السوري الذي أراد الحرية من نظام مستبدٍ طاغٍ، فقتل الآلاف وشرّد الملايين، وامتلأت معتقلاته بالأحرار، واستخدم كل أنواع الأسلحة، حتى المحرّم منها، لإبادة مَن أرادو الحرية، وقاوموا الذل والقهر منذ اندلاع الثورة.

والعالم يشاهد ولا يفعل شيئاً، لأن القاتل عربي والمقتول والمعتقل عربيان، فلا يشغل ذلك بال الآخرين، بل وأمدّوه بالسلاح، وأعانوه، سياسياً وإعلامياً، لتقوى شوكته على شعبه.

وفي الجوار، فلسطين، جرح الأمة العميق، يمعن المحتل في إذلال شعب فلسطين بكل الوسائل، على المعابر وفي الاعتقالات العشوائية ومصادرة الأراضي بدون وجه حق، وقتل  آلاف من شعب فلسطين المقاوم وجرحهم. وإلى اليمن، الذي ابتُليَ بمَن أرادوا سرقة ثورته، وتدخل دول في شؤونه، واستقواء فصيل بقوى إقليمية لإثارة النعرات الطائفية، ولتبدأ حرب جديدة بين الدولة وهذا الفصيل، وتراكم المشكلات على المواطن الذي حلم بحرية وحياة ديمقراطية، فإذا به يستيقظ على كابوس آخر.

وإلى مصر، التي تعيش تحت حكم العسكر، بقيادة عبد الفتاح السيسي، الذي قضى على أول تجربة ديمقراطية حقيقية فيها، فأطاح برئيس منتخب بمساعدة دول إقليمية وبتواطؤ دولي، وصادر الحريات واعتقل الآلاف، وقتل عدة آلاف ليصل إلى مبتغاه، ولم يكتفِ بذلك، فأعاد النظام القديم بكل مكوّناته، وعادت معه الرشاوى والمحسوبية والفساد في كل المجالات. وزاد الطين بلّة، فإذا به يرفع الأسعار وازدادت حياه المواطنين المصريين سوءاً، وانخفضت الخدمات في المجالات كافة، وأصبحت البلاد على وشك الانفجار.

وفي ليبيا، التي ما فتئت تنعم بالحرية، بعد عقود من الحكم السلطوي المقيت، وبعد ثورة أطاحت بهذا النظام، فإذ بالدولة العميقة تجمع أشلاءها لتنقضّ على الثورة، ولتبدأ سلسلة من الحروب في الشرق الليبي، وفي العاصمة، وبتدخلات من دول الجوار التي ترغب في زعزعة استقرار البلاد.

فكيف نستقبل العيد، والسعادة عنّا أبعد ما تكون؟