انهيار أمني ببلدة عراقية: صدامات المليشيات حولتها لمنطقة أشباح

انهيار أمني ببلدة أبي صيدا العراقية: صدامات المليشيات حولتها لمنطقة أشباح

19 ديسمبر 2019
مطالبات بفرض الأمن بالبلدة (كريم صحيب/ فرانس برس)
+ الخط -

الصراع السياسي الذي امتد لعدة سنوات بين فصائل مسلحة عدة على إدارة بلدة أبي صيدا، الواقعة بأطراف محافظة ديالى (شمال شرق بغداد) انتهى بتحويلها لمنطقة أشباح، بعد صدامات مسلحة ومحاولات بسط النفوذ عليها، والتي تسببت بمغادرة أغلب الأسر هربا من العنف.


ووسط أجواء من الصمت والظلام المخيم على البلدة، التي لا يُرى فيها ليلا سوى ضوء القمر، بات لا يُسمع فيها إلا تحركات العناصر المسلحة التابعة للمليشيات، والتي تقتل كل من يقف بوجهها، ليمتد الرعب حتى يصل إلى أطراف البلدات المجاورة لها، والتي ناشد أهلها الحكومة بإيجاد حلول عاجلة للجماعات المنفلتة، والتي لم تستطع أي جهة أن تضبطها.
ووصل عصر الأمس رئيس أركان الجيش، الفريق الركن عثمان الغانمي، على رأس وفد رفيع من وزارة الدفاع، إلى مدينة بعقوبة (مركز المحافظة) للوقوف على أحداث البلدة، وإمكانية نشر قوات عسكرية فيها.
ووفقا لمسؤول محلي فإن "الغانمي عقد اجتماعات مع مسؤولي المحافظة، وقيادات الفصائل المسلحة المؤثرة في المحافظة"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الغانمي أكد على ضرورة وجود قوة عسكرية في البلدة، تتولى المهام الأمنية فيها".
إلا أنه أوضح أنه "لم يحصل توافق بشأن إدارة ملفها الأمني، خاصة بعدما رفض ممثلو عدة مليشيات الانسحاب منها".
وتعتبر البلدة ممرا لعمليات تهريب إلى إيران أو منها، أبرزها النفط الخام والمواد الممنوعة الأخرى كالمخدرات والأدوية، حيث تقع على مفترق طرق رئيس يتجه نحو الحدود الإيرانية شرقي محافظة ديالى.
من جهته، قال النائب عن المحافظة، عبد الخالق العزاوي، إن "زيارة الغانمي جاءت لبحث ملف مدينة أبي صيدا التي تشهد تدهورا أمنيا"، مبينا بتصريح صحافي، أن "البلدة تشهد توترا حادا، وسيتم بحث خارطة الانتشار للقوات الأمنية الجاري منذ أيام".
وحذر من "تفاقم الأمور في البلدة إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الأمنية المناسبة".
وتعود أزمة أبي صيدا، لعدة سنوات بدأت بين مليشيا "بدر" التابعة لهادي العامري، ومليشيا مدير بلدتها حارث الربيعي، الذي أدار البلدة لفترة من الزمن، قبل أن يقتل قبل عدة شهور بكمين نصب له، ما تسبب بتحرك ميلشياته وهم من أبناء عشيرته، إلى بسط سيطرتها على البلدة.
ويؤكد الشيخ، همام العزاوي، وهو أحد وجهاء البلدات المجاورة لأبي صيدا، أن "أبي صيدا لا تشهد خلافات عشائرية كما تحاول بعض الجهات الترويج لذلك، بل هي خلافات وصدامات بين فصائل المليشيات المتنافسة على بسط نفوذها بالبلدة، بقوة السلاح"، مبينا أن "الصراع بلغ ذروته قبل نحو شهر، وسط تكتم إعلامي، وصدامات متفرقة وعمليات اغتيال وخطف تجري بوضح النهار".
وأكد أن "أغلب العوائل أجبروا على النزوح من البلدة، بينما نخشى امتداد العنف حتى بلداتنا المجاورة لها"، داعيا الحكومة إلى "إرسال قوة خاصة لضبط أمنها، وإخراج المليشيات منها".
ولا تتوفر إحصائية دقيقة عن حجم الضحايا والخسائر في البلدة، غير أن مصادر أمنية أكدت لـ"العربي الجديد"، أن "موجة العنف التي ضربت البلدة تسببت بسقوط أكثر من 10 قتلى، والعديد من الجرحى، كما تم تسجيل حالات خطف"، مؤكدة أن "البلدة حاليا تشهد انهيارا أمنيا، وأن المليشيات تنتشر في بساتينها المحاذية لنهر ديالى".


يشار إلى أن الملف الأمني في محافظة ديالى المرتبطة حدوديا مع إيران، يدار من قبل مليشيا "بدر"، التي تسيطر أيضا على مناصبها السياسية، الأمر الذي تسبب بتقوية نفوذ المليشيات في عموم المحافظة.