استيقظ العالم صباح اليوم على أصداء صدمة حضارية، ففي الوقت الذي تسعى العديد من الدول جاهدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تعلن بريطانيا انسحابها، بعد أن صوّت 51.9 % من الشعب لمصلحة خروجها من الاتحاد، بعد عضوية استمرت أكثر من 43 عاماً. الأمر الذي بدأت آثاره تتفاقم منذ اليوم الأول، ولا سيما اقتصادياً، حيث سجل الجنيه الإسترليني أسوأ قيمة له منذ سنة 1985، ومن المرجح أن تمتد هذه الآثار لتشمل الملاعب الإنجليزية.
إن توحد الأندية الإنجليزية، في وقتٍ سابق، ودعوتها لرفض قرار الاستقلال، وكذلك إعلان رئيس الدوري الإنجليزي ريتشارد سكودامور عن دعمه لحملة البقاء مع الاتحاد الأوروبي، يؤكدان أن النتائج السلبية للانفصال، على الصعيد الكروي، أكثر من النتائج الإيجابية، وأبرز هذه النتائج:
البطولات الأوروبية
وبالنظر إلى الجانب الإيجابي، لن يتأثر المنتخب الإنجليزي بقرار الانفصال، فهو لن يحرم من المشاركة بالمسابقات الأوروبية، مثله كمثل باقي الدول الأوروبية التي تنافس في المسابقات الأوروبية وهي ليست منضمة لدول الاتحاد الأوروبي، (كتركيا مثلاً). وكذلك فإن الأندية الإنجليزية ستشارك في دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، تماماً كما الأندية التركية. ولكن من المتوقع أن يهبط مستوى هذه الأندية، بسبب العوامل الاقتصادية، وذلك بدوره سيعني تراجع ترتيب الدوري الإنجليزي على المستوى القاري، مما قد يتسبب بنقصان عدد الأندية المشاركة بدوري الأبطال.
المنتخب الإنجليزي والمواهب المحلية
قد تكون آثار الانفصال إيجابية على المنتخب الإنجليزي، الذي يراه البعض ضعيفاً مقارنة بالأندية الإنجليزية، ولا سيما بعد أن أخفق على مدار الخمسين سنة الأخيرة بتحقيق أي لقب. لأن القرار سيجبر الأندية على البحث في الشوارع الإنجليزية لاكتشاف المواهب الشابة، مما سيعطي قيمة مضافة للمنتخب على المدى البعيد. فإنجلترا ظلمت أبناءها الموهوبين عندما لجأت للمواهب الأوروبية، وجيمي فاردي يعتبر مثالاً نموذجياً على وضع الكرة الإنجليزية، فهو موهبة بقيت في الظل سنين طويلة، ولعب بدوريات ضعيفة بسبب احتلال الأجانب مكانه، ولم يصعد لولا معجزة ليستر سيتي، التي سمحت له بأن يلعب الأدوار الأولى في المنتخب.
نجوم مجبرون على الرحيل
ومن الآثار السلبية التي قد تضرب الدوري الإنجليزي في الفترة المقبلة، هو رحيل العديد من النجوم، لو لم يتم تعديل أو إضافة استثناءات على قانون قيد اللاعبين الحالي. فمنذ عدة شهور، وقع الاتحاد الإنجليزي على قواعد جديدة، تشدد على إجراءات لطلب تصريحات العمل للاعبين من خارج الاتحاد الأوروبي، وهذه القواعد تشترط على أي لاعب يُرشح للعب في الدوري الإنجليزي، أن يكون قد خاض هذه النسبة مع المباريات مع منتخب بلاده الوطني: 30% من المباريات الرسمية للاعبين الذين يلعبون في المنتخبات المصنفة في أول عشر مراتب بتصنيف الفيفا، 45% من المباريات الرسمية للاعبين الذين يلعبون في المنتخبات المصنفة بين 11 – 20، 60% من المباريات الرسمية للاعبين الذين يلعبون في المنتخبات المصنفة بين 21- 30، و 75% من المباريات الرسمية للاعبين الذين يلعبون في المنتخبات المصنفة بين 31 – 50.
وحسب إحصائيات الاتحاد الإنجليزي الرسمية فإن 332 لاعباً من دول الاتحاد الأوروبي يلعبون في الدوريات الإنجليزية، وهم سيحتاجون بعد قرار الانفصال لتصريح العمل. وقد يظن البعض بأن هذه الشروط لن تؤثر على نجوم الصف الأول من أندية الدوري الإنجليزي، لاعتقادهم بأن الكبار ستتوافر فيهم هذه الشروط حتماً، إلا أن الحقيقة تقول عكس ذلك. فوفقاً للأرقام، سيخسر نادي "مانشستر يونايتد" كلاً من خوان ماتا، آندير هيريرا وغيرهم، وسيخسر نادي تشلسي دييغو كوستا ولوك ريمي وغيرهم، وقد يرحل عن صفوف نادي مانشستر سيتي خيسوس نافاس، ويتسبب القرار في خسارة آرسنال لسانتي كازورلا، وستكون خسارات أندية الوسط وأندية دوري الدرجة الأولى أكبر بكثير.
عائدات أقل وخسائر للأندية
تتقاسم الأندية الإنجليزية فيما بينها عقدا لمدة ثلاثة مواسم تقدر أرباحه بما يقارب 3 مليارات يورو سنوياً، وهو إحدى نقاط قوة الدوري الإنجليزي على الرغم من المنافسة مع الدوري الإسباني الذي لم يتمكن من تحقيق مثل هذه العائدات، فالدوري الإنجليزي هو الدوري الأول في العالم على مستوى الأرباح والعائدات التلفزيونية، وإذا ما قارناه مثلا مع الدوري الفرنسي الذي تحصد أنديته قرابة 750 مليون يورو سنوياً يتبين الفرق الشاسع، وقيمة الدوري الإنجليزي المهددة بالزوال.
إن تراجع الأرباح سيؤثر بدوره على قدرة الأندية الإنجليزية على التعاقد مع اللاعبين، وخصوصاً أندية الوسط، التي كان باستطاعتها المنافسة لشراء أوراق النجوم، وذلك بدوره سيؤثر على مستوى الدوري الإنجليزي المعروف بتنافسيته.