انفجار بيروت: تجميل الجروح

انفجار بيروت: تجميل الجروح

23 اغسطس 2020
ينصح أبي صالح بتجنب الحركة الزائدة بعد التقطيب حتى لا يُفتَح الجرح (Getty)
+ الخط -


في هذه المرحلة الصعبة التي مر بها لبنان جراء انفجار مرفأ بيروت، شعر الكل باليأس والألم. فمن لم يتضرر جسدياً تعرض إلى أذى نفسي كبير لم يوفّر أحداً. يحاول كل شخص تقديم المساعدة وفق إمكاناته أو بحسب مجال اختصاصه. هذا ما فعله الطبيب الاختصاصي في التجميل والترميم الدكتور رياض أبي صالح، منطلقاً من مجال اختصاصه الذي زادت الحاجة إليه بعد الزلزال الذي أصاب بيروت مسبباً آلاف الإصابات بسبب التكسير والدمار الهائل الحاصل، يقول أبي صالح: "شخصياً، ضمن نطاق عملي، ونظراً لعدد الإصابات الهائل والمتضررين الذين تعرضوا إلى جروح، شعرت بأني قادر على تقديم المساعدة حتى لا تبقى آثار الجروح وتذكر المصابين طوال حياتهم بهول الكارثة التي تعرضوا لها. بدا لي أن هذا أبسط ما يمكن أن أقدمه للمصابين".

في الليلة التي وقع فيها الانفجار، وصل المصابون بالمئات إلى كل من مستشفيات بيروت ومحيطها. كان المشهد مرعباً حينها واستنفرت الطواقم الطبية كافة لإنقاذ الكل ووقف النزف. لم يكن الوقت عندها مناسباً لعمليات التجميل، خصوصاً أن ثمة ممرضات وأطباء من اختصاصات مختلفة استلموا المصابين للإسراع في إنقاذ أكبر عدد ممكن. وعلى الرغم من استلامه عدداً من المصابين خلال ساعات طويلة في تلك الليلة، شعر بأنه كان هناك تقصير بحق المصابين لعدم إمكان العمل على تجميل الجروح والقطب التي أجريت لهم من قبل ممرضين وأطباء، لا بل أكثر من ذلك، إذ يتذكر أنه في تلك الليلة، ونظراً لأعداد المصابين الكبيرة التي كانت تصل إلى المستشفيات، كانت الإسعافات والرعاية تقدم في الأروقة أو في أماكن غير مناسبة، إنما لم تكن هناك اختيارات أخرى متاحة. "شعرت بعد تلك الليلة أن كثراً من المصابين لم يعطوا حقهم ولم يتم العمل على تجميل جروحهم بالشكل المناسب حتى يزول أثرها مع الوقت. انطلاقاً من ذلك، أردت أن أعوّض عليهم من خلال مبادرة أعمل فيها على تجميل جروحهم دون مقابل، فيمحى أثرها الذي لا يقتصر على المنحى الجسدي بل النفسي أيضاً".

في ليلة الانفجار، عمل الطاقم الطبي والتمريضي على وقف نزف المصابين وإسعافهم إما بتقنية التكبيس للجروح أو التقطيب السريع بشكل عام، أياً كانت الفئات العمرية التي ينتمون إليها أو حالتهم. ولأن أعداد المصابين كان كبيرة، لم تكن هنا اختيارات أخرى. والسؤال البديهي الذي يطرح هنا، حول ما إذا كان الترميم يبقى ممكناً بعد فترة من التقطيب أو التكبيس بهذه الطريقة. 

يوضح الدكتور أبي صالح أن الوقت والوضع ليلة الانفجار لم يسمحا بالتجميل واعتمد التكبيس في العديد من المستشفيات لكسب الوقت، فيما يشير أيضاً إلى أن ترميم الجروح يبقى ممكناً خلال فترة تراوح بين 6 ساعات و24 ساعة في حال لم تكن القطب تجميلية في المرة الأولى. أما في حال تخطي هذه الفترة، فيجب فتح الجرح مجدداً وخلق جرح جديد بعد تنظيف الجلد وقصّه، سواء كان جرحاً أو وتراً مصاباً. لكن يشدد على أن التحدي يكون أكبر في حال تخطي مدة الـ 24 ساعة، وإن كان هذا ممكناً. ومن الإجراءات المتخذة في هذه الحالة بعد التجميل، كما يحصل عادةً في كافة الحالات المماثلة، استخدام المضادات الحيوية التي بشكل مراهم وغيرها من الكريمات الخاصة لالتئام الجروح ولتجنب أن تترك أثراً في المدى البعيد. وعلى رأس تلك الكريمات تلك التي تحتوي على السيليكون. تضاف إلى ذلك الرقعة القماشية الخاصة التي تعتبر شديدة الأهمية أيضاً. ويشدد الدكتور أبي صالح أيضاً على ضرورة استخدام الكريم الواقي من الشمس في موضع الجرح خلال 6 أشهر بعد التقطيب حتى لا يترك أثراً. فيما ينصح أيضاً بتجنب الحركة الزائدة بعد التقطيب حتى لا يفتح الجرح. مع الإشارة إلى أن آثار الجروح لدى ذوي البشرة السمراء تبقى ظاهرة أكثر مما تظهر لدى الأشخاص الذين يتمتعون ببشرة بيضاء.

المساهمون