انتهاكات داخل دور المسنين في بريطانيا

انتهاكات داخل دور المسنين في بريطانيا

13 مارس 2014
أبي أبعد عن البيت ضد رغبتنا
+ الخط -
جون مادوكس "80 عاما"، متقاعد أصيب بنوبة مرضية،  نقل إثرها الى دار العجزة عوض المستشفى، ومن دون إذن من أبنائه، الذين حاولوا منعهم من أخذ والدهم الى مكان لا يرغب فيه. وكانت حجة الممرضين التابعين للمجلس البلدي البريطاني في العاصمة لندن، أن لديهم أمراً قضائياً يبرر هذا التصرف. بعد أيام مات مادوكس، في عزلة لم يخترها بعيداً عن ولديه .

 وتقول صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، التي تشن حملة ضد التعسفات، التي يعاني منها كبار السن والمعاقون في دور العجزة والاجراءات القانونية، التي أكل عليها الدهر منذ عقود. إن عشرات الآلاف من أصحاب المعاشات الضعيفة يلقون في دور الرعاية الصحية على الرغم من رفضهم. كما أن تلك الاماكن المنوطة بخدمة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة تحبسهم داخل غرفهم وأحيانا تقيدهم في الفراش لتسهل الاعمال اليومية داخلها، إضافة الى الاهمال وغياب المعاملة الانسانية، خاصة لأولئك الذين يعانون مشاكل نفسية.
 ويقول التحقيق، الذي أجرته الصحيفة في بعض الدور، إنه بموجب القوانين التي سنتها خدمات الصحة الوطنية بالمملكة المتحدة لحماية الضعفاء من كبار السن، من المفترض أن يحصل العاملون في مجال الرعاية على موافقة طبية وتصريح باتخاذ اللازم إذا كان الشخص تحت رعايتهم بحاجة الى حماية لمصلحته الخاصة، بما فيها إجباره على العيش بعيداً عن بيته إذا لزم الامر. لكن هذا القانون، الذي من المفترض أنه يحمي كبار السن يستخدم لانتزاع حقوقهم منهم.

 موجة غضب

وأثار موت مادوكس، موجة غضب كبيرة في أوساط الشعب البريطاني، الذي شعر أن "قانون حماية حريات المسنين" هو قمع لهم، حيث حاول أبناؤه استرجاعه بالقوة، لكن الامر انتهى بابنته في السجن ستة أشهر، والمدة نفسها حوكم بها ابنه، لكن مع وقف التنفيذ. هذا الاجراء التعسفي دفع مجلس اللوردات إلى فتح  تحقيق، نشر في وسائل الاعلام وأطلق عليه اسم "فضيحة الحزب العمالي"، إذ يتهم فيه مباشرة الحزب بسن قانون حماية المسنين أيام رئيس الوزراء السابق، توني بلير.

 ويشير تحقيق المجلس إلى حبس العديد من كبار السن، وخصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصة من المصابين بأمراض نفسية، في تلك الدور لسهولة السيطرة عليهم، وأحيانا فقط لمجرد توفير المال، مطالبين في ذلك بإعادة سن القانون بشكل يحفظ كرامة المواطن البريطاني في أواخر أيامه.
ويقول عضو مجلس اللوردات، اللورد هاردي، الذي يقود التحقيق: "إن الادلة توصلت الى أن عشرات الآلاف من الاشخاص قد حُرموا حريتهم في غياب الحماية القانونية، وأجبروا على العيش في أماكن لم يختاروها ولا يرغبون فيها. كما أن غياب اهتمام البرلمان بضمان حرية الفرد داخل تلك الدور زاد الامر تعقيدا"ً.
وأضاف: هل علينا أن ننتبه الى الأمر حينما ننتقد أمام المحكمة الأوروبية حقوق الانسان. مضيفاً: إن تلك القوانين تستخدم في معظم الحالات لقمع الافراد عمداً واجبارهم على قبولها، بغض النظر عمَا اذا كانت تلك الاجراءات التعسفية تأتي في مصلحتهم أم لا".

 

الآنسة "غ"


قصة  الآنسة "غ"،  كما سمتها الصحيفة، شبيهة بمادوكس. هي امرأة عزباء في الرابعة والتسعين من عمرها، يتولى رعايتها زوجان من أصدقائها، وصفتهما "غ " بعائلتها الوحيدة. تعيش معهم منذ فترة في منطقة، ريدبريدج، شرق العاصمة لندن، كانت تمقت العيش في دار العجزة التي يشرف عليها  المجلس البلدي، وتقول، إنها لا تتمنى أن تنهي حياتها في تلك الدور، كما اشتكت من الخدمة السيئة لموظفي الرعاية الصحية، الذين عادة لا يكترثون لتنظيف بيتها بل يزيدونه وساخة. وأضافت للصحيفة: إنهم يتهمونني بالجنون مع أنني لست كذلك.

 ويتفق تقرير الصحيفة مع تقرير  نشره مجلس اللوردات، جاء فيه: إن مكتب الرعاية الصحية التابع للمجلس البلدي، يفضل إحالة المرضى، وخاصة ذوي الحالات ما يسمى "المعقدة"، الى دور العجزة لقلة تكلفتها، بدل الاهتمام بهم في  بيوتهم، التي تحتاج إلى مصاريف أكثر، ما أدى الى العديد من حالات الوفاة.

وفي السياق ذاته، كشف تحقيق الجمعية البريطانية عن حالات الاصابات الدماغية، جاء فيه: إن تقييم القدرة الدماغية تُستغل كأداة اقتصادية، والتباهي بتوفير الميزانية لتبرير عدم وجود متابعة قضائية وترك الاشخاص المعاقين من دون وقاية.

كما درس التحقيق أكثر من 39 حالة شخصت على أنها وفاة بسبب الاهمال. وطالب بإلغاء وإعادة صياغة بنود الحرمان من الحرية في اتخاذ قرار العيش. وكذا من التطبيقات القانونية لتقييد حرية المرضى في المستشفيات والمقيمين تحت الرعاية المنزلية، ومن سوء فهم القوانين بين موظفي الانقاذ وعدم تبرير افعالهم الاجرامية على هؤلاء الضعفاء.

 وطالب التقرير بتدريبات مكثفة للاطباء والممرضين المشرفين على هؤلاء الاشخاص، وتغيير مدونة الممارسات، الوثيقة شبه القانونية، التي تقيد حرية المرضى وتجعلهم عرضة للممارسات غير الانسانية لمجرد أنهم لا يشعرون بها.