انتقادات عسكرية أميركية لاذعة لتخفيض ترامب القوات في ألمانيا

انتقادات عسكرية أميركية لاذعة لتخفيض ترامب القوات في ألمانيا: كارثي وابتزاز

17 يونيو 2020
هودجز:خفض القوات الأميركية في ألمانيا يضر بحلف الأطلسي(فرانس برس)
+ الخط -
تواجه خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب ثلث قوات بلاده التي تبلغ حوالى 34500 جندي من ألمانيا، انتقادات واسعة ولاذعة لا تتوقف، إذ وصف قائد عسكري أميركي سابق القرار بالكارثي الذي يفتقر لأدنى الحسابات الاستراتيجية.

وتتوزع القوات الأميركية بين عدة مدن وولايات ألمانية، منها القاعدة الجوية في رامشتاين وقواعد أخرى في كايزرسلاوترن وغرافنفور والمستشفى في لاندستول، وفي فيلسيك البافارية.

وقال الجنرال بن هودجز، قائد القوات البرية الأميركية في أوروبا من العام 2014 حتى 2017، في مقابلة مع صحيفة "أوغسبورغر الغماينه"، إن "القرار كارثي ومن الممكن أن يُلحق ضرراً كبيراً بالعلاقة عبر الأطلسي".

ورأى هودجز أن "الخطة ليست نتيجة تحليل استراتيجي أو تصويت حكومي، حتى أنه لم يتم إعلام حلف شمال الأطلسي والحكومة الاتحادية الألمانية بالأمر بشكل رسمي، وإنما وبمجرد مقال في صحيفة أميركية وتعليق للسفير الأميركي السابق لدى ألمانيا ريتشارد غرينيل قبل أن يعود ترامب ويؤكد يوم الاثنين على ذلك".

ولفت إلى أنه "بانسحاب القوات من ألمانيا، فإنه لن يكون وضع القوات الأميركية أفضل لأن العدد قليل أساساً، وهناك كتيبة واحدة لكل مهمة خاصة، واذا ما تقلص العدد بنسبة 30% المطروحة، فإن عدداً من الأنشطة العسكرية ستكون مشلولة عملياً بنسبة مائة بالمائة".

واعتبر القائد العسكري السابق أن "القوات في ألمانيا تستخدم لتوفير الدعم السريع لأخرى قادمة من الولايات المتحدة للمهام اللوجستية والإدارة والاتصالات، وتتمركز القوات المقاتلة الوحيدة الموجودة في ولاية بافاريا، وتوفر البقية الوحدات الأميركية في طريقها إلى أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط".

وأشار بن هودجز إلى أن "الرئيس ترامب أراد استهداف ألمانيا من خلال ممارسة الضغط بالأمن ، بعد قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعدم السفر إلى قمة السبع في واشنطن، إضافة إلى مطالبة ترامب لبرلين بتسديد نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي، وهي مطالبات قديمة، ولا سيما أن نسبة المشاركة الألمانية ضئيلة نسبياً". ولفت إلى أن "ذلك يتطلب نهجاً أكثر ذكاء لكيفية توزيع النسبة المئوية والمسؤولية المشتركة"، مضيفاً "نحن بحاجة إلى اتفاقيات يمكن تنفيذها داخلياً من قبل الحكومة الألمانية وتعزيز حلف الأطلسي".

وأوضح هودجز أن "خفض القوات يضر بحلف الأطلسي ويقوض التماسك بين الحليفين الأكثر أهمية، وألمانيا بلد مهم استراتيجيا بالنسبة للولايات المتحدة".

وانتقد العسكري الأميركي السفير السابق ريتشارد غرينيل لتعليقه بشأن تخفيض القوات بالقول إنه "لا يعرف لماذا لدينا قوات في ألمانيا وماذا يفعل هؤلاء الرجال والنساء أو أنه لا يفهم ذلك وربما أيضا لا يبالي أو لا يهمه ذلك، الانسحاب الجزئي لقواتنا سيكون مثل قطع الذراع".

ولمح إلى "أنه ربما المطلوب صرف مثل هذا النوع من القرارات في السياسة، خاصة خلال الحملة الرئاسية وتحت شعار أميركا أولاً: نعيد القوات من أفغانستان والعراق وألمانيا وفقا لحسابات محلية بحتة، على الرغم من أن الأمر في الاستراتيجيا خطأ تماما، ولا يمكنك الدفاع فقط عن الولايات المتحدة من الداخل".

من جهتها، وجدت صحيفة "فرانكفورتر الغماينه"، في قرار ترامب عملية انتقام وعقاب. وذكرت أن "الطريقة التي يتعامل بها ترامب مع برلين ليست بعيدة عن الابتزاز لأن القرار لا يتبع حسابات استراتيجية، وفقط حرمان من الحماية". وذهب أبعد من ذلك ليقول إنه "بالنسبة للرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)، فإن ترامب الإسفين المثالي داخل الـ(ناتو)".

وذكرت الصحيفة أن "القوات ليست موجودة فقط لحماية ألمانيا، بل لخدمة الأمن الأميركي وكمنصة لانخراطها في أوروبا وآسيا وأفريقيا، إضافة إلى مصالحها السياسية في العالم". 

ولا يركز ترامب على المصالح الأميركية وتقوية حلف شمال الأطلسي، بل يتبع فكرة أن أولئك الذين يعاملون أميركا بشكل غير عادل لا يستحقون الجنود، ونشرهم يصبح نوعاً من المكافأة". 

تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس رد، أمس الثلاثاء، من وارسو بعد لقاء مع نظيره البولندي، على خطوة ترامب قائلاً إن "بقاء القوات الأميركية في ألمانيا مهم لأمن الولايات المتحدة أيضاً، وبرلين ليست لديها تفاصيل عن موعد وكيفية الانسحاب المتوقع وتطبيق إعادة الانتشار".
ولم يغفل ماس التأكيد على أن أي تغييرات في الهيكلية الأمنية في أوروبا يحتاج إلى نقاشات، مشيراً إلى أن ذلك سيكون محور محادثات وزراء دفاع الناتو، اليوم الأربعاء وغداً الخميس، عبر الفيديو. ويبدو أن هناك تخوفا لدى جميع الأطراف من أن يضعف تنفيذ ترامب لخطته التزام أميركا بالدفاع عن أوروبا وممارسة نفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا. 

المساهمون