انتقادات أداء "اليوناميد" في دارفور واتهامها بالتواطؤ مع الحكومة

انتقادات أداء "اليوناميد" في دارفور واتهامها بالتواطؤ مع الحكومة

08 سبتمبر 2014
لا دور فاعل للبعثة (ألبير غونزاليز فران/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

تتزايد الانتقادات الموجّهة الى البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي "اليوناميد" في دارفور، وكان آخرها بعد محاولة اقتحام قوات حكومية سودانية مخيم كلمة للنازحين في إقليم دارفور، يوم الجمعة الماضي، ما أدى الى مقتل امرأة وإصابة آخرين.

ويقطن المخيم قرابة 150 ألف نازح، يشكّلون قلقاً للحكومة السودانية التي فشلت كل محاولاتها في دخوله، كما يصعب على أي مسؤول حكومي الوصول إليه. ويُعتقد أن من في داخله يدينون بالولاء لحركة "جيش تحرير السودان" المتمردة بقيادة عبد الواحد نور، التي تواجه الحكومة في الخرطوم بمقاومة شرسة.

ودفعت محاولة اقتحام المخيم النازحين الى الخروج في تظاهرات منددة بما حصل، ألحقوا خلالها أضراراً بقوات "اليوناميد" المعنية بحماية المعسكر.

كما أصدرت حركة تحرير السودان بياناً شديد اللهجة دانت فيه الأحداث، واتهمت "اليوناميد" بالتواطؤ مع الحكومة، مطالبة بتغيير البعثة وإبدالها بقوات أممية قادرة على حماية المدنيين.

ويثير أداء "اليوناميد" في إقليم دارفور جدلاً كبيراً، منذ فترة طويلة، ليس فقط وسط الضحايا من أبناء الاقليم، بل حتى بين ناشطين إقليميين ودوليين. وعمّق الاتهام الذي وجهته أخيراً المتحدثة الرسمية باسم البعثة المستقيلة، عائشة البصري، لأداء "اليوناميد"، من الشكوك بشأن البعثة، لا سيما وأن البصري أكدت أن السبب الأساسي وراء تقديم استقالتها العام الماضي، هو فشل البعثة في نقل الحقائق بشأن الوضع في إقليم دارفور، وتستّرها على الجرائم التي ترتكبها الحكومة والجنجويد (قوات التدخل السريع السودانية) ضد المدنيين العزّل، الى جانب الجرائم الأخرى التي ترتكبها الحركة.
وهذا ما دفع مجلس الأمن في أغسطس/آب الماضي الى إعلان تشكيل فريق تحقيق، يُنتظر أن يصل الى دارفور الأسبوع المقبل للتحقيق في تلك المزاعم، الى جانب التأكد من صحة التقارير التي ظلت تطرحها "اليوناميد" طيلة الفترة الماضية أمام مجلس الأمن.

وأفقدت الانتقادات التي ظلت تلاحق بعثة "اليوناميد" بشأن فشلها في استخدام التفويض الممنوح لها بموجب قرار مجلس الأمن بحماية المدنيين وحماية نفسها من الهجمات العسكرية، الكثير من الثقة على الأرض في دارفور. وكان رئيس البعثة المشتركة، محمد بن شمباز، أقرّ في مؤتمر صحافي سابق بمواجهة قواته العديد من التحديات، ولكنه في الوقت نفسه دافع عن أدائها، وأكد أنها تقوم بمهماتها وفقاً للتفويض الممنوح لها.

ويقول نائب رئيس هيئة محامي دارفور، صالح محمود، في تصريحات لـ"العربي الجديد": إن ما يُعاب على اليوناميد، هو عدم قيامها بدور أكثر فعالية، فيما يتعلق بحماية المواطنين العزّل وحماية نفسها، وفقاً للتفويض الممنوح لها باستخدام القوة القاتلة في حال وقوع الانتهاكات. وأكد أن "استخدام التفويض كان من شأنه المساهمة في إيقاف الكثير من الانتهاكات التي وقعت في الإقليم وراح ضحيتها المئات".

ويشير محمود الى عوامل عدة وراء تقاعس "اليوناميد" في القيام بدورها، ومنها تكوين القوة نفسها من دول عربية وإفريقية، لا تملك ثقافة عالية في قضايا حقوق الإنسان، إضافة الى غياب العنصر الدولي عنها، وذلك وفقاً لاشتراط الحكومة في الخرطوم، الى جانب الخوف عند رؤساء البعثة ممن تولوا المنصب عقب طرد رئيسها السابق، يان برونك، من الحكومة السودانية، كما توكيل رئاسة البعثة شخصيات أفريقية بالرغم عمّا يُعرف عنها من تشبث بالكراسي والمواقع، الأمر الذي يقود أصحاب تلك المواقع الى المحافظة عليها على حساب أداء البعثة.

ويؤكد محمود أن "أكثر الانتقادات التي توجّه للبعثة حالياً هو انحيازها الى جانب الحكومة"، معتبراً أن "البعثة في حاجة ماسّة الى إعادة النظر في أدائها وتقديم مقترحات لتكون قوة أممية حقيقية مطعّمة بأفراد دوليين باعتبار أن العامل الدولي مطلوب لتحسين أداء البعثة، الى جانب إنشاء آلية لمراقبة أداء اليوناميد، والتقارير التي ترفعها الى مجلس الأمن".

ووفقاً للقرار 1769 الصادر في يوليو/تموز 2007، فإن البعثة كانت مؤلفة من 19.555 ألف عسكريّ و6.432 ألف شرطي، و3.772 ضابط شرطة، تمّ تقليصها تدريجياً حتى وصل عددها حالياً الى 14.375 جندي و330 مراقباً عسكرياً و3.797 من الشرطة و1050 موظفاً مدنياً دولياً و2938 موظفاً مدنياً محلياً و397 متطوعاً من الأمم المتحدة.

بينما بلغت الخسائر وسط قوات "اليوناميد" 195 قتيلاً منهم 133 جندياً وثلاثة مدنيين دوليين و16 مدنيّاً محليّاً حتى الآن.

وتقتضي مهمة البعثة التي تواجه مزاعم فساد، بحماية السكان المدنيين ومنع الاعتداء عليهم من دون المساس بمسؤولية الحكومة، الى جانب المساهمة في مراقبة اتفاقيات وقف إطلاق النار.

المساهمون